Articles les plus consultés

mardi 30 octobre 2012

مجاهدون فدوا الوطن بأرواحهم

كوكبة من رجال تونس الذّين فدوا الوطن الغالي بأرواحهم الزّكيّة
{

صورة بريدية للمجاهد محمّد الدّغباجي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صورة للمجاهد البشير بن سديرة


صورة بريدية  للمجاهد مصباح الجربوع





المجاهد مصباح الجربوع



مصباح على أقصى اليسار و شقيقة المجاهد علي الجربوع في وسط الصورة



كتاب ( بني خدّاش و جيرانها عبر الحركات النضالية) للكاتب عمارالسوفي 1/3 
الفجر نيوزنشر في الفجر نيوز يوم 09 - 05 - 2009

تقديم مصطفى عبدالله الونيسي الفجرنيوز
بسم الله الرحمان الرحيم
الجزء الأول:حتى لا ينسى جيل الإستقلال تضحيات من قاوموا و جاهدوا المستعمر لتنعم تونس بالحرية. 
لا يُسعدني شيء في هذه الحياة مثل قراءة فكرة جميلة نبيلة تُشجعنا على الخير و تدفعنا للعمل الصالح ،أو الإستماع إلى كلمة طيبة و صادقة خارجة من قلب صادق و مخلص لله رب العالمين تُنمي فينا الشعور بالعزة و الكرامة و المسؤولية و الغيرة على المباديء و القيم و خدمة الأمة و الصالح العام: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيّبة كشجرة طيّبة أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي أُكلها كلّ حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للنّاس لعلهم يتذكرون) سورةابراهيم24/25 . وخدمة لهذا الغرض النبيل ووفاء لأبطال الحركة الوطنية و خاصة في الجنوب الشرقي للبلاد ، يُسعدني أن أقدم كتاب (بني خدّاش و جيرانها عبر الحركات النضالية ) لمؤلفه عمار السوفي، حتى لا ينسى جيل الإستقلال تضحيات أولئك الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وبذلوا دماءهم رخيصة من أجل استقلال تونس و عزّتها و ما بدّلوا تبديلا.*
الكتاب: ( بني خدّاش و جيرانها عبر الحركات النضالية: من الحركة التمردية إلى الحركة اليوسفيّة) ط 1سنة 2001م من الحجم المتوسط ، عدد الصفحات 234مطبعة الرشيد/الياسمينة صلامبو/ تونس.
التعريف بالكاتب:
هو عمار السوفي ، من مواليد بني خدّاش ليوم 4جانفي1957م
زاول تعليمه الإبتدائي بمدرسة 2مارس1934 ببني خدّاش ، ثم بالمعهد الثانوي بمدنين، فمدرسة ترشيح المعلمين بقفصة حيث تحصل على شهادة ختم الدروس الثانوية الترشيحية في دورة جوان1978
يقول المُؤلف عن مُؤلفه :
(ووفاء لشهداء الوطن اندفعت للبحث في موضوع النضال الوطني و الكفاح التحريري بالجنوب الشرقي لتونس مُتخذا نضال قلعة الصمود بني خداش موطني و مسقط رأسي نموذجا دون أن أسهو عن جهود المناطق المجاورة لها في تدعيم تلك الجهود) (1)
ينقسم هذا الكتاب إ لى عشرة فصول و خاتمة. 
في الفصل الأول من هذا الكتاب : العوامل المؤثرة : تحدث الكاتب عن العامل الجغرافي، فتعرض ل:
الموقع و التضاريس:
فبني خداش تقع في الجنوب الشرقي للبلاد التونسية ،و هي منطقة جبلية تنتمي لسلسلة جبال مطماطة ، وهي بوابة الصحراء للجنوب الشرقي لتونس،وهي منطقة وسطى بين الجفارة شرقا و منطقة العرق الصحراوي غربا.
تحدث ،أيضا، عن المناخ و الغطاء النباتي و الثروات الحيوانية و البرية و الفلاحة. وتحدث في هذا الفصل الأول عن العامل التاريخي ، مبينا أنّ بني خدّاش قد تعاقبت عليها حضارات تاريخية متعددة نجد آثارها قائمة ، ومن بين هذه الحضارات نجد:
1) الأمازيغ و هم من البربر.
2) الحضارة الرومانية: يستغرب الكاتب في الأول من وجود هذه الآثار لقصر روماني ، نسبهُ المؤرخون لرومان مدينة جيكيتيس، في مثل هذا المناخ الصحراوي الجاف و في مثل هذه المنطقة الجدباء. و لكن الكاتب يعتبر أنّ المنطقة لم يكن مناخها في العهد الروماني هو مناخها اليوم مدعما وجهة نظره بتواجد هذا الوادي الذي أُطلق عليه ( وادي خشب ) نسبة لتراكم الأخشاب على ضفافه التي كانت مكسوة بغابة من الأعشاب.
3)الحضارة الإسلامية: يبدو أنّ أهم فترة عرفتها المنطقة هي انتشار الخوارج الأباضية ، و هي من أكثر الفرق الخارجية إعتدالا و أقربها إلى أهل السنة وهي لا تزال تُعرف عندنا ب (الخوامس ) ، و يبدو أنهم استقروا في هذه المنطقة فرارا من اضطهاد الفاطميين (الشيعة) و بني زيري و خاصة في عهد المعز بن باديس الصنهاجي في القرن الخامس الهجري . و استوطن الخوارج (دمر ) الاسم القديم لبني خدّاش، فاعتنوا بغراسة الزيتون و نحتوا لعصرها معاصر مثل معصرة (جبل الزوّاي) و حفروا بئرا لتوفير الماء الصالح للشراب يُعرف حتّى اليوم ب(بئر البرّادي) نسبة إلى أحد علماء الأباضية الذّي خلف إبنا ذاعت شهرته و علا صيته بين علماء زمانه و هو أبوالفضل أبو القاسم بن ابراهيم البرّادي .
كما نجد في هذه المنطقة أثارا للهلاليين ، إذ وجد فيها ذياب الهلالي مرتعا مناسبا لإبله فكان يُراقبها و هي راتعة من قمة جبل يُعرف اليوم ب(قليب ذياب). كما أنّنا نجد على مقربة من بني خداش ( قصر الجوامع).
و بنو جامع يبدو أنّهم قوم حكموا قابس إثر انقسام دولة بني زيري بعد الزحف الهلالي على شمال افريقيا و تخريب القيروان.
الفصل الثاني : بني خداش ملجأ الأبطال : حدثنا الكاتب في هذا الفصل عن جبال بني خداش و كيف كانت ملجأ حصينا ومناسبا لأبطال كبار من المجاهدين و المقاومين للمستعمر الغاشم من مثل:
1) المجاهد الكبير الدغباجي : ولد محمد بن صالح الدّغباجي سنة1885 م بوادي الزيتون الواقع على مسافة 30كم من بلدة الحامة و ينتمي لعرش (الخرجة ) أحد الفروع المكونة لقبيلة بني زيد.
و للبطل محمد الدغباجي مع بني خداش و أهلها روابط متينة تكونت أيام ثورته و تمرده على السلط الفرنسية حيث كان يتحصن في جبالها ويروم التخفي بين شعابها و يلتجىء إلى أهلها فيجد عندهم العون و المؤونة و المأمن.
و قع تجنيد بطل بني زيد سنة 1907م في الجندية الإستعمارية ثلاث سنوات . و عند اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914م نجد بطلنا قد جُنّد مرة ثانية ضمن الجيوش الفرنسية في سبتمبر 1915م، و قد كانت هذه الجيوش متواجدة على الحدود التونسية المتاخمة للتراب الليبي. و يبدو أنّ الدغباجي في هذه الفترة قد شعر بالخزي و العار و هو يحمل بندقيته و يقاتل تحت رأية فرنسا ليواجه بني قومه من قبائل أولاد إشهيدة و أولاد دباب بالجنوب الشرقي التونسي المُنضوين تحت قيادة خليفة بن عسكر النّالوتي ، ففر من الجندية الفرنسية و التحق بإخوانه الثائرين من قبائل الجنوب بقيادة البطل الليبي، فجعله هذا الأخير أحد أعضاده و بقي يقاتل معه في و قائع مشهورة مرة ضدّ الإستعمار الإيطالي و مرة ضدّ الإستعمار الفرنسي.
و حين أُبرم الصلح بين إيطاليا و الثوّار الليبيين سنة 1919م عاد الدغباجي إلى موطنه ليواصل كفاحه ضد المستعمر الفرنسي ، فخاض عدة معارك من أهمها:
1) معركة جبل بوهدمة(1919م) شاركه فيها البطل البشير بن سديرة.
2) معركة خنقة عيشة من نفس السنة و قد شاركه فيها أيضا البشير بن سديرة.
3) معركة الزّلوزة يوم غرّة جانفي 1920م
4) معركة المغذية يوم 6أفريل 1923م. في هذا اليوم أُجبر الدغباجي و رفاقه على الإستسلام نظرا لنفاذ ذخيرتهم الحربية، و لكن أهالي بني زيد من المجندين رفضوا أن يُسلموا ابنهم للمستعمر و انتهزوا أول فرصة لتهريبه فاسحين له المجال للفرار متحملين في سبيل ذلك التتبعات العدلية و نقمة المستعمر ، وهذا ما حصل فعلا مع الشيخ الناعس الشرياق الذي حكمت عليه المحكمة العسكرية بخمس سنوات سجنا تُوفي خلالها في السجن يوم 27فيفري1923م.
5) معركة مجاز الجلبانية ( الكائنة بمنطقة بني خدّاش) يوم 12أفريل 1920 إثر فراره من قبضة الأسر صحبة خمسة من رفاقه. يذكر الأستاذ محمد المرزوقي أنّ الدغباجي كان يستعين في معاركه برجال من الحوايا( هم سكان بني خدّاش الأصليين)، و من خلال حديث أجراه هذا الأخير مع عمر كريد ، أحد الثوار البارزين في مجموعة الدغباجي ، إذ يقو ل : ( على إثر خروجنا من الخيام (عملية الهروب) و صلت إلى أهلها قوّة من رجال الصبّايحيّة يتتبعون أثرنا ، و بتنا نحن في ( واد الحلوف) و قد فارقنا رفيقنا الخامس الغمراسني قاصدا أهله النازلين في (ظاهر الحوايا). و في منطقة وادي (أبو الخشب) دخل قلوبنا الإطمئنان إذ كانت المنطقة مليئة بأحياء الحوايا و كلهم من أصدقاءنا )(2)
دارت هذه المعركة بين محمد الدغباجي و رفاقه و عشرة من أعوان فرنسا من المخازنية في مكان قريب من ملتقى الطرقات الصحراوية بني خدّاش دوز قرماسة و اشتهرت هذه المعركة التي قُتل خلالها خمسة من المخازنية لدى الشعراء الشعبيين و منهم الشاعر علي الورثة الحمروني الذي يقول فيها :
جو خمسة يقصّوا في الجرّة 
و ملك الموت يراجي
ولحقوا مولى العركة المرّة
المشهور الدّغباجي
و لئن كانت هذه المعركة هي المعركة الوحيدة التي خاضها الدغباجي على أرض الحوايا، إلاّ أنّه كان كثيرا ما يلتجىء إلى هذه الجهة إثر مواجهاته مع الأعداء،فكوّن ببني خدّاش عدة صداقات يمكن تصنيفها إلى قسمين:
أ) صداقات مع مجموعة من الرعاة المنتشرين بمنطقة الظاهر وذكر الكاتب أسماء بعض العائلات من عروش مختلفة.
ب) صداقات مع مجموعة من الصيّادين، و ذكر الكاتب أسماء بعض الصيّادين.
2) بلقاسم بن ساسي : هو البطل الآخر الذي اتخذ من بني خدّاش موطنا و ملاذا لنضاله ضدّ المستعمر، و بها كان استشهاده . هذا المجاهد هو بلقاسم بن مبروك بن محمد بن ساسي من عرش أولاد سليم في الضواحي القريبة من بلدة غمراسن بالجنوب الشرقي لتونس. ولد حوالي 1895م.
انضم هذا البطل إلى ثورة خليفة بن عسكر النالوتي ، فشارك صحبة شقيقه الطاهر في معارك الجهاد ضدّ المستعمر الإيطالي و الفرنسي انطلاقا من التراب الليبي، و لم يعد ولدا بن ساسي إلى التراب التونسي إلاّ عند انعقاد صلح (بنيادم) مع الثّوار الليبيين سنة 1919م.
وقائعه :
أ) حادثة وادي الزّاس يوم 3ديسمبر1921م.
ب) اغتيال سالم هبهب : كان هذا الأخير متواطئا مع المستعمر و علم سا سي بخيانته ، إذ كان سالم هبهب يخبر فرنسا بتحركات بلقاسم ساسي فقتله في الليلة الفاصلة بين يومي 5و6سبتمبر1923م.
ج) مقتل الصّديق علي معبي : لمّا ساءت العلاقة بين بلقاسم ساسي و شيخ غمراسن محمد بن سعدالله حاول هذا الأخير إغراء الصديق علي معبي بقتل صديقه بلقاسم ، غير أنّ هذا الأخير علم بالمؤامرة في الوقت المناسب ، فعزم على قتل صديقه السابق علي معبي، فأغار على دياره و أوقع علي معبي في الأسر و سجنه بقاع ماجل خربٍ ثم قتله في شتاء 1924م.
د) اغتيال الشيخ محمد بن سعدالله 13 سبتمبر 1927م.
ه) مقتل منصور معبي ، طالب الثأر لأخيه، و ابن أخته مدلل في أوائل 1928م.
و نتيجة لهذه الإغتيالات التى طالت كل أعوان فرنسا في بلدة غمراسن ، اشتد الطوق على بلقاسم و جماعته من الثوار، قامت فرنسا بحملة تمشيط واسعة النطاق للقبض على البطل و أغرت الأهالي بأثمن المكافآت لمن يرشد على مخبىء ابن ساسي أو يقضي عليه. و في الليلة الفاصلة بين يومي 13و14مارس1928م تعرض الثائران علي لملوم و عمر بن علي القرد لدورية أمنية ، و بعد تبادل للطلق النّاري استشهد علي لملوم. وإثر هذه الحادثة التي استشهد فيها علي لملوم استبد اليأس برفيقه و صديقه عمر القرد فأقدم على تسليم نفسه لأعوان جندرمة مدنين يوم 16مارس 1928م.
أمّا بلقاسم بن ساسي و صديقه المبروك الكمايلي فتحصنّا بالجبال ، إلاّ أنّ هذا الأخير اعترضته دورية من المخازنية ، في طريق عودته إلى مخبئه محملاّ بشيء من الزّاد و الماء ، فأطلقت النار عليه ، فهوى الرجل شهيدا، و كان بلقاسم على مقربة من المكان فسمع دوّي الرصاص و شاهد صديقه يقع صريعا ففر لينجو بنفسه. و باستشهاد الكمايلي يفقد بلقاسم رفيقا رافقه في كل المواجهات ، فيدخل هذا الأخير في مرحلة شديدة الوقع عليه . و امام إصرار السلطة الإستعمارية للقبض عليه ، إلتجأ هذا الأخير إلى بني خداش و تحصن بجبالها، فقصد عشيرة صديقه عمر بن علي القرد اللملومي، و يبدو أنّه كان على علاقة بهذا العرش منذ مرافقته لهذا ا لثائر الكبير.

نهاية بلقاسم بن ساسي المأساويّة:
تضاربت الأقاويل و الروايات حول النهاية المأساوية للبطل بلقاسم بن ساسي. ورد في الرواية الأولى للاستاذ محمد المرزوقي أنّ الثائر لدغ من طرف حية بأحد كهوف جبال بني خداش، فيلجأ إلى بيت صديقه نصر بن عمر اللملومي، و يبقى عنده يصارع سكرات الموت ن و حين يدرك أنّه لن ينجو و يحس بدنو أجله يطلب هو بنفسه من صديقه أن يقتله ليخلصه من العذاب ، فيستجيب صاحب البيت لينجو من التورط في تهمة التستر عن طريد عدالة (المستعمر).
أمّا الرواية الثانية فتقول : أنّ نصر اللملومي حين أدرك أنّ صاحبه لن تكتب له النجاة ، اراد أن ينجو من عقاب إخفاء متمرد في بيته ، فعمد إلى الغدر بصاحبه و اتفق مع زوجته على تنفيذ جريمتها، فعمدت زوجته إلى ضرب البطل على رأسه، و نظرا لما كان يعانيه الرجل من الألم لم يستطع أن يدافع عن نفسه، و لكنه مع ذلك استطاع أن يمزق ثياب نصر لمّا أراد أن يطعنه بخنجر. و لكن الرواية الأولى ترى أن تمزيق الثياب كان مجرد تضليل للسلطة الإستعمارية.
أمّا الرواية الثالثة فتقول أنّ بلقاسم كان مريضا بالحمّى حين غدر به أهل البيت و هو نائم .
و من خلال استقراء الكاتب لبعض الروايات الشفوية يخلص الكاتب إلى أنّ نصر اللملومي و زوجته عائشة لم ينالا من السلطات الفرنسية مكافأة ، إذ أثبت الطبيب الشرعي التابع لمكتب الشؤون الأهلية بمدنين أنّ القتيل أصيب بالفأس بعد موته. و هكذا يلتحق البطل بلقاسم بن ساسي بربه سبحانه و تعالى شهيدا في الليلة الفاصلة بين يومي 14و15أوت1928م.
3) عبدالله الغول : هو الآخر يتخذ من جبال بني خداش ملجأ و مخبأ. و لعبدالله الغول حكاية مع بني خداش، فقد نشأ و شبّ فيها صغيرا ، ثم لاذ بجبالها و هو ثائر متمرد و مجاهد يذود عن حمى الدّين و الوطن.
العلاقة بين المرازيق و الحوايا:
و لئن ربطت بين المرزوقي و الحويوي المصالح المشتركة و روابط الجوار ، إلاّ أنّ العلاقة كانت فيما يبدو أعمق من ذلك بكثير ، فجدّ المرازيق عمر المحجوب نشأ و ترعرع في زمور إحدى ضواحي قصر بني خدّاش، فشبّ هذا الأخير بين أخواله محاجيب زمور حيث مات والده علي بن أحمد الغوث بن علي بن مرزوق الذي ترك زاوية تنسب إليه لتزال قائمة في زمور عال قدرها بين أهلها. فالعلاقة بين المرازيق و الزمامرة هي علاقة نسب و قرابة دموية إلى جانب الجوار و الدين.
نشأة عبدالله الغول:
لم يأت عبدالله الغول إلى بني خداش باحثا عي جذوره أو طلبا لمصلحة أو زائرا لموطن نشأ فيه جدّه عمر المحجوب بل قدم مُبعدا صحبة عائلته من طرف السلط الإستعمارية التي فرضت على أسرة الفتى عبدالله الإقامة الجبرية بقصر الحلوف إحدى مناطق بني خدّاش. ولد عبدالله الغول سنة 1910م. عاشر الفتى المرزوقي أطفال الحوايا و نشأ بينهم محروما من والده الذي بقي مشردا في صحراء الجنوب حتى استشهد سنة 1924م . ترعرع الرجل بين أحضان أمه (هنية) التي زرعت فيه حب المقاومة و التصدي للمستعمر الغاشم وهي تحدثه عن بطولات أبيه و أخواله و صدهم للعدو الرّومي.
إنحياز المرازيق للمحور:
نتيجة لانحياز المرازيق للمحور بما في ذلك رموز السلطة ، نقمت السلطات الفرنسية على المرازيق، فقررت الإنتقام من الشيخ علي بن لطيف و من العامل (الوالي حاليا)نائب الباي بجهة نفزاوة علي بن أبي الضياف فحكم عليهما بالإعدام . ولكن الجنرال( دي قول) قبل فيما بعد مطلب العفو بالنسبة لعامل نفزاوة و لكنه لم يقبله بالنسبة للشيخ علي بن لطيف الذي أعدم ببلدته دوز يوم الجمعة 5 ديسمبر 1944م. و يذكر والد الكاتب صالح السوفي أنّه حضر إعدام الشيخ و يشهد أنه حين أُحضر للإعدام قدم أهالي دوز شيبا و شبابا رجالا و نساء ، و اختلط التكبير و النحيب و الزغاريد، و تقدم الشيخ كأنّه الجبال الشم،فنهى والدته عن البكاء قائلا : ( كان عليك أن تفرحي و تزغردي لأنني سأموت شهيدا ، و هذا مقام يخص به الله عباده الصالحين ، فأنا سأذهب عند ربي مطمئنا، فلن أوصيك بشىء غير الحرص على تعليم إبنيّ الصغيرين، و استشهد الشيخ علي بن لطيف رحمه الله )(3) .
وقد كان قريبا من هذا ما روته لي خالتي تبر( أم زوجتي ) رحمها الله تعالى رحمة واسعة ، فقد حضرت حادثة استشهاده، فالشهيد كان ابن عم لها ( رحمهم الله جميعا).*
ثورة المرازيق:
كان من أبطالها عبدالله الغول الذي شارك في معظم المعارك التي خاضها المرازيق و من ذلك: 
معركة قصر تارسين 24 ماي 1944م
معركة دوز 29 ماي 1944م
معركة بئر الأدنس 12 جوان 1944م
معركة طويل الصابرية 15 جوان 1944م
معركة تامزرط 28 جوان 1944م، شاركته فيها زوجته حليمة بنت عمر عبوده.
معركة قويرات الحب في صيف 1944م
معركة بن عسكر في صيف 1944م بالتراب الليبي.
ولمّا استعادت فرنسا سيطرتها على منطقة نفزاوة و تفرق شمل الثوار و انسحبوا ضمن جماعات صغيرة باتجاه التراب الليبي، وكان من بين هذه المجموعات مجموعة تضم سبعة من الثوار كان يقودها عبدالله الغول. و تفطنت القوات الإستعمارية لتحركات الثوار فجندت مئات المواطنين بمنطقة بني خدّاش و تطاوين لاعتراض الغول و جماعته.
البحث عن عبدالله الغول:
القبض على عبدالله الغول:
و في التراب الليبي ألقت السلط الأنقليزية المستعمر الآخر للتراب الليبي القبض على ثلاثة من الثوار هم ك عبدالله بن عمر الغول، و أخوه أحمد بن عمر الغول و المكي بن محمد بن أحمد.
وأثناء الإيقاف في مركز تطاوين ، كان عبدالله الغول يشكو من ضيق قيده، وما من شك في أن الغول اغتنم عاملين أساسين للإفلات من قبضة العدو و هما مُساعدة سجانه بسجن تطاوين الذي لم يتحفظ عن توسيع قيده.، و صعوبة مسلك الطريق الجبلي (كاف العنبه) الذي يجبر جميع و سائل النقل على تخفيض السرعة إلى أقصى سرعة لا سيما في المنعرجات. فأثناء صعود السيارة الطريق عند توجه قوات المستعمر بالبطل من تطاوين إلى بني خداش ارتمى من السيارة بعد أن تمكن من فك يده. و دخل عبدالله الغول شعاب جبال بني خدّاش يلفه الظلام حتى بلغ به المسير إلى مغارة بالجبل تحجب مدخلها فروع سدرة ، فاحتمى بها ليختفي عن أنظار مطارديه. و لما خفت المطاردة و يئس العدو من العثور عليه، قصد الغول أصدقاء صباه من أولاد رحومة من اللما لمة ن فوجد عندهم الامن و هبوا لنجدته و أسعفوه بالعلاج و الطعام .
القبض مرة ثانية على عبدالله الغول:
و بعد شهور تفرق شمل الثوار فقصد الغول منجم ( أم ذويل) بالوطن القبلي فاختلط ببعض العملة من المرازيق فكشف أمره أحد العملة ،فكشف أمره ، وألقي عليه القبض و عرض على المحكمة العسكرية و لكن قبل الحكم عليه جُلب إلى بني خدّاش لمساعدة المستعمر القبض على من أعانه من الحوايا و جلبوا له مجموعة من المشتبه فيهم من مختلف القبائل و العروش تمّ إيقافهم بالسجن الأرضي ببني خدّاش (القنارية)و منهم أبطال معروفين، و لكن عبدالله الغول أنكر أن يكون على معرفة بواحد منهم.
و عرض البطل عبدالله الغول على المحكمة العسكرية بتونس سنة 1950م، فحكم عليه بالإعدام و نُفذ الحكم بسبخة السيجومي سنة 1951م ليكون الشهيد عبدالله بن الشهيد عمر و أخو الشهيدين أحمد و محمد الغول، فلله درّ عائلة تنجب أربعة من الشهداء. و رثى الشاعر ضو الأبيض بقصيدة طويلة يقول في مطلعها:
وينه زعيم الفلاقة
اللي كان عالي و متسمي
عبدالله و معاه رفاقه
أولاد بداروا ع الذمة
جاني الخبر على طفل قالوا حصل
أيّست فرحة و قلت يا ما لاه
معلوم صيته في العمل الكل
ومشكور في الأفام كان ثناه
مولى شجاعة ليس بحمل ذل
عاده قديمة سابقه لباباه
مصطفى عبدالله الونيسي/باريس
* ما كان متبوعا * فهو من كلام مقدم الكتاب.
 


مجاهدون قواموا المستعمرغمرتهم الدكتاتورية البورقيبية والنوفمبرية منهم : مصباح الجربوع 
الفجر نيوزنشر في الفجر نيوز يوم 08 - 04 - 2012

كان مصباح الجربوع من بين قادة المقاومة المسلحة ضد المستعمر الفرنسي في الخمسينات بالجنوب التونسي، إلى جانب قادة آخرين من بينهم عبد الله الجليدي وميلود بن محمد البوعبيدي وسعيد فرشينة ومحمود العجيلي وخاصة أخوه علي الجربوع، الذي كان ساعده الأيمن، حيث كان ينسق بينه وبين بقية الأفراد.
تمثلت أول عملية قام بها مصباح الجربوع برفقة جماعته في الهجوم ليلاً على الثكنة العسكرية بمدنينورميها بالرصاص، وهو ما أدخل الرعب والفزع في أوساط الجيش الفرنسي. ثم قام مصباح الجربوع وأتباعه بنصب كمين للقوات الفرنسية قرب البئر الأحمر في 25 ماي 1952، فقتلوا وجرحوا مجموعة من الجنود، غير أنه أُلقي القبض على ميلود وسعيد، وزج بهما في السجن، في حين فرّ منصور وضو بن الشتيوي الهنشير وعبد الله إلى طرابلس، واعتصم مصباح بالجبل بمفرده لمدة ستة أشهر. وفي تلك الفترة، اعتقلت القوات الفرنسية أيضا فاطمة زوجة مصباح ووالده صالح الجربوع، وزجت بهما في السجن. كما سُجن أخوه علي أيضا لفترة، ثم وُضع تحت الإقامة الجبرية ببني خداش. ثم نصب القائد مصباح في 1سبتمبر 1952 كمينًا على الطريق الواصلة بين تامزرط ومطماطة، وأطلق الرصاص على سيارة عسكرية فرنسية، نتج عنها جرح قائد ذي شأن. التقى بعد ذلك مصباح بعياد بن ناصروزايد الهداجي في نفس المنطقة وقرروا الهجوم على برج مطماطة، فأطلقوا عليه النار ليلاً في الظلام الحالك. وفي 5 ديسمبر 1952، نصب مصباح برفقة المبروك بن محمد الحرابيوفرج المهداوي كمينًا بعين العنبة، على الطريق الجبلية المؤدية إلى مدنين، أدى ذلك إلى مقتل بعض الجنود الفرنسيين وجرح آخرين. وفي 1 جانفي 1953 وقعت معركة وادي جير، ثم معركة وادي أرنيان ومعركة بوصرار. كما أصبح، منذ ذلك الوقت، علي شقيق مصباح حرا من الرقابة نهائيا، والتحق بصفوف المقاومين والمجاهدين، وهو ما عزز جانب أخيه مصباح. خاض مصباح وجماعته في 14 أوت 1953 أعظم المعارك في تاريخ جهاده، في جبل ميتر بين بني خداش وغمراسن، حيث حاصرتهم القوات الفرنسية، مستعملين المدافع والرشاشات والدبابات، فاستمات مصباح وجماعته وأصابوا عددا من الجنود الفرنسيين بين قتلى وجرحى. واستشهد في تلك المعركة بعض المقاومين، هم صالح بن نصر وعلي بن عبد الله ومحمد بن مسعود والفرجاني بن عون ومحمد الكرعود. كما أصيب مصباح بأربع رصاصات في الجبين وفي القدم وفي الفخذ وفي الساعد، لكنه تحامل على نفسه وفر مستعينًا برفاقه.
 



كتاب ( بني خدّاش و جيرانها عبر الحركات النضالية) للكاتب عمارالسوفي 3/3 
الفجر نيوزنشر في الفجر نيوز يوم 15 - 05 - 2009

تقديم مصطفى عبدالله الونيسي الفجرنيوز
بسم الله الرحمن الرحيم
طالع ايضا:كتاب( بني خدّاش و جيرانها عبر الحركات النضالية)للكاتب عمارالسوفي 2/3
كتاب( بني خدّاش و جيرانها عبر الحركات النضالية)للكاتب عمارالسوفي 1/3 
الجزء الثالث : الإشعاع النضالي للمجاهدين الحوايا خارج منطقة بني خدّاش:
الفصل الخامس: النشاط الوطني للحوايا خارج منطقة بني خداش:
بطلب من الحزب الدستوري سنة 1953م سافر القا ئد مصباح جربوع إلى طرابلس لتخفيف حدة التوتر في الجنوب التونسي. و لكن رجلا مثل مصباح لا يمكن أن يبقى مكتوف الأيدي و هو البطل الذي اكتسب خبرة كبيرة في حرب العصابات . و لذلك نجد مصباح جربوع يشارك ، صحبة إخوانه من قادة المناطق الأخرى للجنوب كالطاهر والساسي الأسود و لزهر الشرايطي و المهذبي في معركة جبل بوهدمة ، و هناك التقى مصباح بثوار آخرين من الحوايا كانت انطلاقتهم من الشمال الغربي حيث شاركوا في مجموعة ثوار المحجوب بن علي بجبال نفزة و جبال خمير وهم الطاهر بن يحي المهداوي و عبدالكريم المحضاوي و عمر بن عبدالله الجباهي و عبدالله الشاوش الجباهي و سالم الجباهي شهر الورغمي نسبة لسكان الجنوب الشرقي شهيد معركة جبل(برقو).
و كان لشعبة بني خدّاش ، أيضا ، نشاط سياسي بالعاصمة ضمن الجامعة الدستورية الخاصة بسكان الجنوب القاطنين بالعاصمة و كان رئيسها الأستاذ محمد المرزوقي من سنة 1946 إلى موفى 1954م . و ضمت شعبة بني خداش بالعاصمة نخبة من المناضلين مثل:
العماري محمد ناجح المكرازي رئيس الشعبة
ابراهيم صيد الليل كاتب عام
أحمد الزموري أمين مال
و من أعضاء الشعبة المخلصين يذكر مسعود بن بلقاسم العونلي الذي تبرع بمقر الشعبة الأول ببطحاء سيدي المشرف بالحجامين.
و شارك مناضلون من الحوايا في منظمة السود الإحدى عشر، و هي منظمة تعمل ضد الخونة و عملاء المستعمر. و من بين هؤلاء السود الإحدى عشر نجد ثلاثة من الحوايا و هم أحمد بن بلقاسم الزموري و عمر بن عيسى المسعودي المحضاوي و مبروك الكمنتر.
و من أبرز العمليات الفدائية التي قام بها السّود الحوايا قتلهم لرئيس جريدة النهضة الشاذلي القسطلي الذي رشح نفسه للإنتخابات البلدية التي قاطعها التونسيون ، فكمن له عمر المسعودي و أحمد الزموري و أطلقا عليه النار فهوى صريعا، و لاذ الفدائيان بالفرار فاختفيا بوكالة الغرابلية الكائنة بسوق اللفة عند مؤجريها من المكارزة أصيلي بني خدّاش.
و شارك الحوايا في معارك الجلاء، التي بدأت بأحداث 1جوان 1957م. و من هذه المعارك الشهيرة معركة رمادة 1958م، التي انبرى فيها القائد مصباح جربوع يختار من المتطوعين من تُرضيه صحبتهم في مثل هذه المهمات الصعبة. و في هذه المعركة استشهد البطل مصباح جربوع و لكن لم يعلن عن استشهاده إلاّ في غمرة الإحتفالات بالجلاء و بعد أكثر من شهر أي يوم الخميس 26 جوان 1958م مما أثار بعض الشكوك و الرّيبة حول ظروف استشهاده والجهات المسؤولة عن ذلك و هل هنالك من له مصلحة في الخلاص منه؟ و هل فعلا أصيب إثر الغارة الجويّة؟
و لقد حضر السيد عبدالله فرحات موكب تشييع جثمان شهيد الوطن مُوفدا من قبل رئيس الدولة ، كما حضرها السيد الطيب المهيري كاتب الدولة للداخلية و السيد عبدالمجيد شاكر مدير الديوان السياسي و السيد محمد الأمين والي مدنين و السيد محمد الماطري والي قابس. و لقد بعث خبر استشهاد المجاهد مصباح جربوع موجة من الحزن و الأسى و الغضب داخل بلدة بني خدّاش و خارجها و في ذلك قال الشاعر ضو الأبيض مرثيته للفقيد، ومنها نقتطف :
نهار اللجت وفايته مقريّة التلفون خبّر و الكلام إ نشا د
و جاء لبني خدّاش تلفون ضيق عشية و من الحوايا اصّنتوه أفراد
بكت النساء و الرجال و الذرية حتى صغير السنّ كيف إنزاد
على قايد الثوار و الوطنية نهار الخميس كبّوا عليه الحاد.
كما كان لأهالي بني خداش مساهمة في معركة الجلاء عن بنزرت، و في هذه المعركة استشهد من الحوايا عبدالله بن سالم الميساوي البوعبيدي. و في يوم المعركة التجأ عدد غفير من رجال الحرس و الجيش التونسي إلى منزل المناضل عبدالحميد بن عبدالله الزموري فأخفاهم في بيته ، و لقد ذكر الرئيس بورقيبه دوره الوطني في معركة الجلاء و أثنى عليه .
الفصل السادس: البعد المغاربي و العربي لثورة الحوايا:
كانت لبني خداش علاقات تجارية متينة بقبائل سوف الجزائرية. و كانت معبرا للحجاج القاصدين بيت الله الحرام من الجزائريين و المغاربة عبر الصحراء. و كانت للحوايا مساهمة فعالة في ثورة قبائل الجنوب سنتي 19141915م حين انضمت قبيلة الودارنة معززة بعناصر من الحوايا و بني زيد والمرازيق إلى ثورة المجاهد الكبير خليفة بن عسكر النالوتي بالتراب الليبي.
و من الحوايا أرسلت بعثات للتدريب على حرب العصابات على ثلاث دفعات ابتداء من 1953م ،و ذكر الكاتب عشرين اسما. و تحدث الكاتب عن رحلة هؤلاء المتطوعين إلى ليبيا ثم مصر و كيف تمت ، و عن نوعية التدريبات، و عن كيفية العودة من مصر ، و عن الدور المصري الليبي في دعم الثورة بالسلاح، و عن الدعم الإعلامي المصري لثورة (1952 1954م).
و حدثنا الكاتب عن و قائع نضالية شاركت فيها عناصر مغاربية مجاهدة على أرض الحوايا ، كمعركة (إرنيان)يوم11سبتمبر1954 ومعركة الحشانة و غيرها من المعارك و خاصة فيما يسمى بمعارك حرب التحرير التي كان على رأسها الزعيم صالح بن يوسف.
وشارك الحوايا ، أيضا، في الثورة الجزائرية ، و نجد من بين هؤلاء الطاهر بن يحي المهداوي ، و قد كان هذا الأخير على علاقة بأحمد بن بلة و أولاد باللاغة بتلمسان الذين اساضافوه سنة 1982م اعترافا بجميله على الثورة الجزائرية.كما شارك من الحوايا في الثورة الجزائرية عبدالرحمان لجنف المهداوي. فثورة الحوايا لم تكن متقوقعة على نفسها ، بل ربطت علاقات داخل الوطن و خارجه.
الفصل السابع: مساهمة المرأة في الثورة الوطنية ببني خداش:
لقد كان للمراة البدوية الصلدة دورا هاما في المقاومة الباسلة للمستعمر ببني خداش. و أعطى الكاتب نماذج عن أعمال المرأة النضالية في هذه الربوع ، و حرصا من المناضل الكبير محمد بن ضو البوبكري على ذكرهن للتاريخ أعطى قائمة إسمية فيهن بلغت22اسما. و يجزم المناضل محمد بن ضو أن كثيرات منهن لم تبلغه مساهمتهن و لم يدون أسماءهن في مذكراته.
الفصل الثامن : الحركة اليوسفية في بني خدّاش:
تحدث فيه الكاتب بإطناب عن أسباب الخلاف اليوسفي البورقيبي .
الفصل التاسع: مسلسل الرعب :
في هذين الفصلين الأخيرين(الثامن و التاسع)، قد يكون الرجوع إلى كتاب (عواصف الإستقلال ) لنفس الكاتب أفيد وأشمل و قد نقدمه للقراء في فرصة قادمة إذا يسر الله ذلك . 
الفصل العاشر: موقف أنصار اليوسفية في بني خداش
لقد أظهر مصباح جربوع و لاءه التام للديوان السياسي أي لبورقيبه ، و أيده في ذلك أخوه علي جربوع و ضو الحرابي من الثوار. و كذلك أستطيع أن أؤكد أن امحمد السنوسي المسؤول عن الشباب الدستوري في أول شعبة تأسست في بني خدّاش كان من أنصار بورقيبة وقد انخرط بعد الإستقلال في سلك الحرس الوطني ، و قد وسمه هذا الأخير ، و قد استقيت ذلك من عائلة الفقيد ، إذ أني أعرف كل أفراد عائلة السنوسي. وكما هو معروف عن بورقيبة، فهو لا يطيق أن يوسم إلا من كان قريبا منه ذلك و مُوال له وخاصة في فترة ما بعد الإستقلال.*
و نفس الشيء بالنسبة للمناضل أحمد لخزوري من عرش الزمامرة، فقد وسمه بورقيبه بعد الإستقلال، و اشتغل في الشرطة التونسية ، وقد كان بورقيبيا ، و اعرف ذلك جيّدا بحكم صداقتي للعائلة، و قد زرت أرملته و أبناءه في صائفة السنة التي عدت فيها إلى تونس بعد غياب دام ستة وعشرين سنة. *
أمّا بقية الثوار فكانوا إلى جانب محمد بن ضو البوبكري الذي أعلن منذ ظهور الخلاف تأييده لصالح بن يوسف و كان إلى جانبه القائد محمد قرفة و علي بن أحمد المهداوي ...، فأغلب ثوار (1952 1954) انحازوا إلى ما يعرف بالأمانة العامة و خاصة أولئك الذين تدربوا في المعسكرات الليبية و المصرية .
حدثنا عن بداية المواجهات بين اليوسفيين و البورقبيين،و عن تكوين جيش التحرير، و قد كان المجاهد محمد قرفة قائدا لفرقة الحوايا في جيش التحرير، و عدّد لنا معارك جيش التحرير و التي اندلعت أغلبها على أرض بني خدّاش. ففي أوائل شهر مارس 1956م أخذت القوّات المؤلفة لجيش التحرير الموالي لصالح بن يوسف تتجمع ببني خداش قادمة من كل مناطق ولاية مدنين ، كما وفدت على المنطقة جموع من ثوار اليوسفية من منطقة مطماطة.
و يوم 4مارس 1956م و قع أوّل اجتماع بقصر (الخراشفة ) ضمّ 388 ثائرا من ثوار الجنوب الشرقي معهم ثلاث ثوار جزائريين وآخر مغربي. و من هؤلاء الثوار ذكر اسم الثائر الجزائري الحاج بلقاسم قمع الذي جلب سلاح الهاون من مصر . و من معارك جيش التحرير ، معركة( أخشيم الكلب ) ليلة 11مارس 1956م، و معركة العشرات ( بقيت شهرا و 25يوما تحت الضّرب و العذاب ، و أنا موثوق بالحبال)، و أخيرا قلت لهم : (اكتبوا ما تريدون و أمام الله نتقابل قرب قصر الجراء يوم 13مارس 1956م، و معركة غار الجاني بين بني خداش و غمراسن يوم 14مارس 1956م ، و معركة (وارججين) 14 مارس 1956م،و معركة (مورو) يوم 15 مارس1956م فيتطاوين، و معركة ( مُقرْ و مسالخ) يوم 17 مارس 1956م بقيادة محمد قرفة و علي بن عمار المحضاوي، و معركة ( سيدي أسطوط)يوم 18مارس 1956م، و معركة (الحشانة، أثمان و البرازلية)يوم 8 أفريل 1956م، و معركة (جبل مغطى) 16 جوان 1956م.
و في صائفة 1956م ألقي القبض على محمد قرفة ، و سجن بمطماطة، و لكنه بطريقة ذكية و غريبة تمكن من الفرار، و لكن القائد ألقي عليه القبض من جديد ، بطريقة هي من أبشع الدسائس التي حِيكت على تراب المنطقة. و عُرض البطل محمد قرفة على محكمة الشعب و كانت محاكمة ، الخصم فيها و الحكم واحد. و أثناء جلسة محاكمته سئل عن أسباب تمرده فقال :
( لقد قمت بأعمال كبيرة ، و كافحت كفاحا شديدا ضدّ فرنسا في سنة 1952م و لو اعتقتلتني لقطعتني إربا إربا . لقد كنت أمكث بدون أكل مدة 12 يوما ، و لا أسمح لنفسي بنهب إخواني التونسيين و أكتفي بأكل النبات .)
و حكم على محمد قرفة بالإعدام شنقا ، و لم تشفع له بطولاته و نضالاته ضد الإستعمار و هو القائل : (لن أسلم سلاحي و بورقيبة يقبع في المنفى).
فكم كا ن هذا الرجل عظيما وفاضلا حتى مع الذين اختلف معهم، ولكنها الثورة تأكل أبناءها البررة. هو رجل من وزن البورقيبي حتى النخاع الثائر مصباح الجربوع ، بل أكثر خاصة لو نجح بن يوسف في إزاحة بورقيبة. كما حوكم في نفس القضية كل من غرس الله المحضاوي و غرس الله بن عمار ب5سنوات مع الإسعاف بتأجيل التنفيذ، و سعد بن مبروك القومي بخمس سنوات أشغالا شاقة، و غيرهم من مناضلي الحوايا.
و حدثنا الكاتب عن محاكمة الطاهر بن يحي المهداوي و من معه ، ولغرابة هذه المحاكمة و ما أحاط بها من حيثيات أفرد لها المؤلف كُتيبا على شاكلة قصة يروي فيها كيف أنّ هذا المناضل ولد في حياته ثلاث مرات،بأسلوب قصصي جذاب كان قد نشره.و من المحاكمات التي عرفها مناضلو الحوايا محاكمة المناضل عبدالحميد بن عبدالله الزموري، الذي استوطن مدينة بنزرت منذ 1948م، و هو من الذين يغارون على اللغة العربية و الثقافة الإسلامية . فهو أول من بعث مكتبة و طنية لنشر الكتاب العربي ببنزرت سمّاها (مكتبة الشبان المسلمين)، و كان المناضل يبعث بالصحف للحبيب بورقيبة بمنفاه بجزيرة جالطة عن طريق بعض البحارة. و نظرا لهذه العلاقة بين بورقيبة و المناضل الزموري فأول خطاب ألقاه بساحة 18 جانفي 1952م ببنزرت كان ينقل لوسائل الإعلام عبر الهاتف الخاص بالمناضل عبدالحميد الزموري.
و أثناء الخلاف اليوسفي البورقيبي لم يتحفظ الزموري عن إعلان ولاءه للأمانة العامة، رغم الصداقة التي تربطه ببورقيبة. و كان عبدالحميد الزموري على صداقة متينة بعبدالعزيز العكرمي أحد العناصر الرئيسية في قضية (لزهر الشرايطي)و حوكم المناضل عبدالحميد الزموري بعشرين سنة أشغالا شاقة قضى منها سنوات بغار الملح و سجن الناظور ببنزرت و حين اشتد به المرض بالسجن نقل للتداوي بالسجن المدني بالعاصمة، وأفرج عنه لتعكر صحته بعد قضاء ما يقارب العشر سنوات .
المصادر التي اعتمدها الكاتب في إعداد مثل هذه المادة:
الأباضية في موكب التاريخ : علي يحي معمر
مداخلة أ. سعد غزال ملتقى مصباح جربوع مدنين1986
جماء على الحدود محمد المرزوقي
محمد الدغباجي: محمد المرزوقي
من الصعلكة الشريفة إلى البطولة الوطنية : أ.فتحي ليسير
ثورة المرازيق: محمد و علي المرزوقي
البلاد التونسية في فترة ما بعد الحرب منشورات المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية
الشهيد مصباح جربوع : أ. محمد المرزوقي
تاريح تونس : أ. محمد الهادي الشريف
الحركة اليوسفية بالجنوب التونسي: عروسية التركي نسخة مهداة للمعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية قبل الطبع.
الحركة الوطنية التونسية : رؤية قومية جديدة :الطاهر عبدالله
الدليل الثوري لتونس : ابراهيم طوبال
الحبيب بورقيبة، سيرة زعيم : الطاهر بلخوجة
صالح بن يوسف (حياة كفاح) منصف الشابي
نحن أمة : علي البلهوان
حياتي ، أرائي، جهادي : الحبيب بورقيبة
المقاومة المسلحة بجهة الأعراض: عروسية التركي ( مخطوطة)
حقائق : بوادي دي لاتور
مجموعة من الصحف بالعربية و الفرنسية( العمل ،لوفيغرو،الزهرة، الاهرام، الصباح، ابراس، النهضة، صدى الزيتونة، مجلة حقائق العدد799)
Fonds(Quai d orsay) Bobine 1O
Fonds(Shat) Bobine 391
Fonds(Shat) Bobine392
تعليقنا على الكتاب :
أنّ العمل الذي قام به صديقي عمار السوفي هو عمل جيد و مفيد ، فقد سلط الأضواء على حقائق لا يعرفها إلا قليل من النّاس ، و هي حقائق في طريقها للنسيان . وما قام من مجهود يمثل خدمة جليلة لأجيال المستقبل خاصة و للذاكرة الوطنية عامة، فجزاه الله خيرا على ذلك. ومع ذلك يمكن أن نسجل بعض الملاحظات الأولية بنية التحسين ولفت النظر ، لا غير. و من أهمها أننا لا نجد في الكتاب ذكرا لكثير من المناضلين ،فواحد مثل المناضل محمد بن موسى البارودي، لا يمكن أن نغفل عن ذكره، وكذلك سي علي بن عبدالقادر البارودي المعروف بالعيور وهو ما لاحظه لي د. عبدالمجيد عمر النجار . ونذكر أيضا مسعود بن أحمد الونيسي وغيرهم. كما أن والدي عبدالله بن مبروك بن عبدالحفيظ الونيسي رحمه الله الذي توفي و أنا لم أتجاوز السنة الرابعة من عمري كان قد سافر حسب روايات ممن يعرفونه جيدا إلى مصر في السنوات1948/1949م بنية العبور إلى فلسطين للمشاركة في عملية تحريرها من الإحتلال الصهيوني و لكنه و الوفد المرافق له منعوا من عبور الأراضي المصرية .
كما أن الكثير من الذين يعرفونه ،و منهم والدتي الصالحة بنت سالم الونيسي، أكدوا لي أكثر من مرة أن الوالد إثر الإستقلال وأيام هيمنة اليوسفيين على هذه المنطقة من الجنوب الشرقي بقي مدة لا ينام في مكان واحد خشية على نفسه من الإغتيال الذي طال الكثير من العناصر البورقيبية في تلك الفترة ،وقد كان واحدا منهم فيما يبدو خاصة عندما نعرف أنه قد كانت له علاقة بالقائد مصباح الجربوع ، حسب رواية شقيقته حدهم وزوجها سي عبدالقادر بن علي الجباهي من عائلة ( المساكنة). ويدعم هذه الشهادة علاقة حميمية أخرى كانت تربطه بالبورقيبي امحمد السنوسي أو العثماني رحمهم الله جميعا. ورجل مثل الوالد كان معروفا بكرمه و شجاعته و دماثة أخلاقه و سعة علاقاته و خاصة عند التوازين وهم سكان بن قردان و الحمارنه وهم سكان مارث و عرّام .
و قد كان محبوبا عند كل الذين عرفتهم فيما بعد و قد شهد لي بذلك كل الذين عرفوه. كما لم تكن له عداوات مع أحد. و رجل محبوب بهذا الشكل ، ماالذي كان يدفعه للمبيت كل ليلة في مكان أيام الفتنة اليوسفية البورقيبية لولا الخوف على نفسه من التصفية الجسدية ،كما كان قد فُعِل بالمناضل البورقيبي ابراهيم الهمامي لما استفز بعض انصار اليوسفيين يوم السوق الأسبوعي لقرية بني خداش كما تنقل لنا الروايات المتواترة. المواصفات لا يمكن أن يكون في معزل عن حركة مقاومة المستعمر ، و كل الدلالات التي توفرت لدي تدل على أنه كان عنصرا للإتصال، و لكن كل ذلك كان يتم في كنف السرية الكاملة.

فهذا العمل الذي قام به الكاتب ،ولاشك، مفيد، و يكفي صاحبة أن خطى فيه الخطوة الأولى الضرورية ، و لكنه يبقى محتاجا إلى مزيد من البحث و التدقيق التاريخي الموضوعي، وهو أمر طبيعي ، نظرا لصعوبة جمع المعلومات الكثيرة من ناحية ،و نظرا لأنه من باكورة أعماله من ناحية ثانية . و الملاحظات التي أبديناها لا تنقص من قيمة المجهود شيئا خاصة إذا ما علمنا أنّ الإمكانيات جذّ محدودة.

و من الخواطر التي أثارها هذا البحث في نفسي، هي إذا كان نضال الحوايا وأهل الجنوب بصفة عامة بهذه الكثافة ، و هذه الجرأة أيام الإستعمار ، فلماذا لانكاد نسمع لأبناء هذه الجهات بعد الإستقلال ركزا ،و لماذا لا نلمس لهم تأثيرا يذكر في الحياة الوطنية، السياسية و الإجتماعية و التنموية، يوازي على الأقل حجم نضالاتهم و تضحياتهم أيام الإستقلال.؟
و في آخر هذا التقديم لا يسعني إلآّ أن أشكر أخي و صديقي عمار عن هذا الجهد الطيب، فجزاه الله خير الجزاء عما قدم و جعله الله في ميزان حسناته.*
نسأل الله أن نكون قد وُفقنا في تقديم هذا الكتاب ، و الله سبحانه من وراء القصد.
مصطفى عبدالله الونيسي باريس
الإثنين5رمضان1428هجريا الموافق ل17سبتمبر2007م 
* كل ما ورد أمامه علامة نجمة، فهو من تساؤولات أو استنتاجات مقدم الكتاب ، و بالتالي فهي لا تلزم الكاتب في شيء.
 

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.

dimanche 28 octobre 2012

كلّهم يتغنون بسلميّة ثورة 14جانفي 2011

فرقة غبنتن بالجنوب الشّرقي تتغنّى بسلميّة ثورة 14جانفي 2011
Le célèbre groupe  Gbuntoun fait l'éloge de la révolution Tunisienne de 14 Janvier 2011

 
10 925