Articles les plus consultés

dimanche 28 avril 2013


        الشيخ  العلاّمة محمّد الغزالي 

قال أمير الدّعاة و فارس الصّحوة الإسلاميّة المعاصرة الشيخ محمّد الغزالي رحمه الله و طيّب ثراه: تأملت سيرة محمّد صلى الله عليه و سلّم و شمائله و سياسته... 
و رأيت أنّه من هنا انبجست جميع القيّم و المثل التّي تصبو الإنسانيّة إلى أمجادها، فعرفت سرّ الحقيقة التّي تقال دون افتخار أو افتعال، يقولها هذا الرّسول المعلّم صلّى الله عليه و سلّم بنفسه : ( أنا سيّد ولد آدم و لا فخر )

 يقولها ليرسم الطّريق أمام كلّ حرٍّ يكره الهوان.

أمام كلّ إمرئ يكره حيرة الباطل، و هوان الجمود. 

أمام كلّ انسان ينشد الوصول إلى أسباب السّيادة الصحيحة.

يقولها ليعرف الجميع من أين تُؤخذ الأسوة الحسنة(1)


رحم الله علماءنا العاملين المجاهدين الصّابرين الّذين علمونا العزّة والكرامة و الصّبر على المكاره، كما أنّهم غرسوا فينا الأمل و علمونا أن مع العسر يسرا، و أن جولة الباطل ساعة و صولة الحقّ إلى قيام السّاعة. 

1) عن الشيخ الغزالي : مع الله بتصرف 

samedi 27 avril 2013

L'analyse des spécialistes concernant la situation politique actuelle dans les pays du printemps Arabe


لماذا قويت الثورة المضادة بقلم أبو يعرب المرزوقي



Vendredi 26 Avril 2013

أبو يعرب المرزوقي

كيف نفهم تردي النخب العربية ترديا حال دون من ولتهم الصدف قيادة مرحلة مابعد الثورة في أقطار الربيع العربي دونهم وإدراك المعطيات الجغرافية السياسية والحقائق التاريخية الحضارية فأهملوا المشروع الحضاري الطموح مشروع تحقيق الشروط التي تعيد الأمة إلى التاريخ الكوني وقصروا همهم في ما يزيدها تقزيما وابتعادا عن طموح أجيال النهوض والصحوة ؟ ما الذي يجعل قيادات الأمة في الأنشطة المقومة للوجود الإنساني في دويلاتها مقصورا همها على ظاهر من السلطان بأي ثمن حتى وإن أدى ذلك إلى مزيد الغرق في التبعية لمستعمر الأمس ؟

أحاول معالجة هذه المسألة بالانطلاق من الوضعية التونسية مثالا عينيا من الوضعيات العربية الأخرى. فتونس هي القطر العربي الذي بدأت فيه ثورة الربيع العربي بداية عللناها في أحد البحوث السابقة بمآل عملية التحضير المستبد. ذلك أن هذا التحضير المستبد بدأه الاستعمار و واصلته دولة الاستقلال فعمقت التبعية بصورة لم يكن الاستعمار نفسه يتخيل إمكانها. أصبحت التبعية تبعية بنيوية بعد أن كانت ظرفية في عهده: فهي قد صارت بعد الاستقلال تبعية مضمونية تشمل بعدي مادة العمران (الاقتصادي والثقافي) كما صارت تبعية شكلية تشمل بعدي صورة العمران (السياسي و التربوي). ومن ثم فهي قد آلت إلى غاية المأزق التاريخي الذي تعيشه بلاد العرب أعني الأزمة الحضارية التي هي أصل هذه التبعيات جميعا لكونها تمثل ما يشبه فقدان المناعة الروحية أو غريزة التهديم الذاتي.

وما كنت لأسهم في العمل السياسي لو لم أكن أتصوره علاجا لهذه التبعية. و ما كنت لأغادر العمل السياسي بلا رجعة لو بقي لي أدنى أمل في أن النخبة الحاكمة أو المعارضة في تونس تؤمن بجوهر الإشكال الذي تعاني منه الأمة أعني هذه التبعيات الأربع وأصلها أو بكلمة واحدة انحطاط الأمة. فبدون نخب تؤمن بمبادرة الإبداع المادي وشروطه وبمبادرة الإبداع الرمزي وشروطه وبجمع ذلك كله في تشكل تربوي وسياسي للكيان التاريخي للأمة لا فائدة من العمل السياسي الذي بات مشروطا بأن يتحول الحاكم والمعارض كلاهما إلى متنافسين على ترضية من يستمدون منه شروط البقاء في الحكم أو الوصول إليه بالتسول المادي (للقمة عيش شعب ربوه على ذل الطلب وكراهة الجهد و التضحية) والتنازل الروحي (شرط المستعمر هو التخلي عن مقومات الوجود الحضاري المستقل لكي يبقى على الحياة الاصطناعية للكيانات الهزيلة التي خلفها عندما أزال وحدة المكان والزمان والسلم والدورة المادية والدورة الرمزية للأمة): لذلك عدت إلى المجال الذي يمكن أن يكون له دور في بناء الأمة بعد أن تأتي أجيال تؤمن بشروط النهوض الحقيقي غاية للصحوة التي أصبح من يدعون تمثيلها أبعد الناس عن السعي إليها.

وليست هذه الحال بالأمر الخاص بتونس ونخبها. إنها بدرجات مختلفة حاصلة في جل البلاد العربية إن لم تكن فيها كلها وهي متناسبة طردا مع التحضير المستبد في هذه المجالات جميعا. فالنخب العربية عامة ونخب تونس خاصة صارت بأصنافها الخمسة الاقتصادية والثقافية والتربوية والسياسية والفكرية بما يحصل فيها و بواسطتها عالة على غيرها فمستمدة شرعيتها ليس من شعبها بل من ترضية من يوليها عليه بمقتضى الشرطين اللذين وصفت. ومن ثم فهي أهم عرض من أعراض مرض فقدان المناعة الروحية في الحضارة العربية الإسلامية التي بلغت غاية أزمتها فأصبحت ممثلة لأزمة البشريةكلها: التبعية المطلقة في كل شيء منتسب إلى مضمون الحضارة (الاقتصاد و الثقافة) وشكلها (السياسة و التربية) إذ هي لا تسهم في الإنتاج المادي والرمزي و لا في السعي لتحقيق شروط إمكانه بل هي تعمل كل ما تستطيع لتحول دون الأمة وتحقيق هذه الشروط التي تمكنها من ألا تبقى رهينة لمنتجات الأمم الأخرى ومبدعاتها ومن ثم فاقدة لكل علامات الوجودالسيد.
وعندما أقدمت على المشاركة في مجريات الثورة كان دافعي الأساسي الظن بأن الربيع العربي يمكن أن يمثل اللحظة الحاسمة التي قد تكون بداية التعافي فتؤسس لعودة الوجود المستقل والقائم بالذات بما قد ينتج عنها من شروع في توفير شروط التحرر من التبعية في هذه المجالات جميعا و بأيدي من يدعون تمثيل النهضة والصحوة إذا سعوا فارتفعوا إلى مستوى التحديات. لكني وجدت الأمر على خلاف ذلك: صار من يدعي تمثيل النهوض والصحوة بسلوكه وفكره ممهدا لنجاح الثورة المضادة إذ هم قد جعلوا الشعب الذي ثار ضد الاستبداد والفساد يندم على فعلته. وبهذا المعنى فتونس تمثل المحرار الحقيقي للوضع العربي كله من خلال ما يجري من صراع بين من يدعون تمثيل الثورة وخصومهم من ممثلي الثورة المضادة.

علل الاقتصار على رد الفعل
سبق أن كتبت في موقف ممثلي الثورة المضادة انطلاقا من تحليل ظاهرة السبسي الذي اختاروه زعيما لهم قبل تأسيس نداء تونس وبعده تحليلها بتأويل حكايته التي بدأ بها حكمه: حكاية التارزي الروماني وكسوة خروتشاف. ثم وصفت في محاولة لاحقة هذه الظاهرة بكونها فقاعة سريعة الفقع لو تم التعامل معها بمنطق يزيل ما تستمد منه معينها. لكن تنافر الثالوث الحاكم كان بسبب مزاجه اللاطبيعي. فليس لحليفي النهضة أدنى وجود فعلي في وجدان الشعب لغياب المرجعية الواضحة فضلا عن ضآلة الحضور الانتخابي. وسلوك مكونات الثالوث غلبت على قياداته السذاجة وحتى الرعونة فمكنت فقاعة السبسي الجوفاء من التحول إلى دمل جمع قيح كل المراحل السابقة من تاريخ تونس الحديث دمل قد يعسر بطه وهو على كل حال من عوائق النجاح الأساسية لأن حماة الثورة عامة ومن أنابهم الشعب لحكمه أو لمعارضة حكمه في المرحلة الانتقالية خاصة ليسوا على درجة من بعد النظر فيفهموا مقولة: الحيلة في ترك الحيلة.
جانبوا كل رشد في الحكم. ومثلهم فعل المعارضون. لم يكون الحاكمون فريقا يمثل تونس بل اكتفوا بالمحاصصة في إطار ما عندهم أعني لا شيء تقريبا فزادوا في صلف المعارضة التي بلغ سلوكها صبيانيات الأبناء المدللين خاصة والزوج الثاني من بنية ما تمت عليه الثورة لا يزال يصول ويجول قصدت حليف الاستبداد والفساد في كل تاريخ البلاد قصدت قيادات الاتحاد العام التونسي لاستغلال البلاد والشغالين. لم يفهم الفريقان أننا فلو فرضنا أنفسنا أمام تحد رياضي مثلا وأردنا أن نكون فريق كرة لنيل كأس عالمية -والنجاح في المرحلة الانتقالية أهم ألف مرة من أي كأس عالمية-هل كان يكفينا أن ننتخبه من ناد محلي أم علينا أن نأخذ أفضل ما يوجد في كل نوادي تونس.وقد حاولت إبراز صحة هذه القاعدة في بيت الحكمة. وكان ذلك قابلا لأن يعمم على كل المؤسسات بما فيها مؤسسة رئاسة الحكومة التي كان يمكن أن تستفيد من فرصة وجود خمسة رؤساء حكومة أحياء فتدعوهم للإسهام على الأقل بالمشورة والنصح لجعل المرحلةالانتقالية تتم بأقل التكاليف؟

لم يستبقوا الأحداث ليعدوا لها ما يستطيعون.اقتصروا على رد الفعل والتباكي على الماضي بفريق لا يوحد بين عناصره شيء عدا شراهة التحكم والتسيد والكلام غير المحسوب العواقب بعيدا عن كل فاعلية أو نجاعة. وما كان يمكن أن يكون بالمبادرة الحرة دالا على القوة أصبح بالتنازلات المضطرة دالا على الضعف وطريقا سريعة للحط من مهابة الدولة والحكم فلم يعد لأحد قدر لدى أحد و باتت القانون العام في الإعلام والحياة العامة قانون السفاهة والبلاهة: كان يمكن أن يكون الفريق الحاكم في المرحلة الانتقالية مؤلفا من أفضل ما يوجد في تونس حسما للخلافات والتشخيصات المرضية وربحا للوقت واقتصارا على علاج مسائل الانتقال دون الشروع في أكاذيب الإصلاح والتطهير و المحاسبة وهلم جرا من الدعاوى الممتنعة على من بيدهم شرعية مؤقتة وجزئية فخلطوا توهما بين الشرعية الانتخابية النسبية وبين شرعية الثورة المتجاوزة لها لكونها شارطة لها و معدة لما يتجاوزها حتما.
لكن ذلك لم يحصل بل هم عملوا ما استطاعوا لإطالة عمر المخاض في المجلس وفي الحكومة وفي الرئاسة حيث سيطر التردد و التلكؤ والتعلل بالتشاور في أروقة أحزاب ليس لها من النظام الحزبي إلا الاسم لأنها في الحقيقة فرق ونواد أكثر منها أحزاب بالمعنى المعاصر للكلمة. فتعفنت الأعراض وتزمنت الأمراض وتفتت أشباه الأحزاب في الحكم وفي المعارضة وتذررت الساحة بدلا من أن يحصل تجميع القوى لربح الرهان الذي هو دولي ومحلي في آن: أدخلوا البلاد في المعارك الزائفة وواصلوا العناد والتعثر مع جهل المآلات ومنطق الأمور طنا منهم أن من ينصح بعدم المبالاة بالمعيقات العرضية و الذهاب المباشر للغاية بمنطق الحرب الخاطفة يتجاهل ما يحاولون التركيز عليه في حين أنه يعتبر وقت علاجه لم يحن بعد. وبذلك أسهموا في تقوية الخصوم خاصة بما صاحب علاجاتهم من الكبر وقصر النظر وعدم التراتب القيادي في خوض المعارك السياسية حتى بات كل من دب وهب متصدرا الإحاطة بصاحب القرار الذي صار محجوبا عن رؤية الأمور بالرأي السديد يتنازعه الناصح البليد والمنفذ غير الرشيد لكأنهم جوق قطط جائعة تتناهش بقايا الثريد.

إن رفض علاج الأمور بأسبابها وعدم التركيز على الهدف الأساسي- أعني النجاح في تحقيق الانتقال الديموقراطي بأسرع ما يمكن حتى يأتي من يطهر و يحاسب بالقانون و الشرعية التي تستمد من جعل ذلك مضمون البرنامج الانتخابي للنوبة القادمة من المجالس النيابي فيعيد البناء على أسس من شرعية أقرها الدستور الجديد- مع تعطيل السعي لتحقيق أهداف الثورة تشعيبا بالصراع مع عرضي العوائق مثل معضلات الدستور الخلافية وسخافة إعادة انتخاب هيئة الانتخابات وتعطيل الهيئآت الممكنة من تسيير المرحلة الانتقالية في الإعلام والقضاء وغياب الحصافة التي أدت إلى إهمال الشرط الأساسي للإنجاز المؤثر في الرأي العام أعني وضع الإجراءات الظرفية في الدستور المؤقت (الذي لا ندري من أشرف على صوغه السخيف شكلا ومضمونا) للتغلب على العوائق الإدارية الموروثة عن العهد البائد وإجراءاته القانونية الحائلة دون التسريع في العلاجات المتنوعة التي كان يمكن أن توصل إلى حل المشاكل الأربعة الرئيسية:
الدستور
وآليات تحقيق الانتقال
والتنمية الجهوية
والتخفيف من البطالة.
كل ذلك ترك المجال فسيحا لمن يجيد استعمال الأوراق السياسية التي تنبني على توظيف الآليات البسيطة لعلم نفس الجماهير: والسبسي ليس له إلا هذه البراعةالشعبوية التي لعل أهم أدواتها هي لغة العروي وسماجة التنكيت البلدي. فأصل الخطة التي يتبعها أصحاب الثورة المضادة في كل أقطار الربيع العربي-وليس في تونس وحدها لأن كل البلاد العربية لها سباسيها- هو العلم بهذه الآليات البسيطة وتوظيفها لاستعادة المبادرة من الثورة. ذلك أنه من المعلوم أن الجماهير لا تريد عدم الاستقرار الطويل. ومن المعلوم كذلك أنها لا تصبر على التضحيات الثورية إلا في حدود ضيقة و آماد قصيرة خاصة إذا لم تكن قياداتها ذات كاريزما ورؤية واضحة توطدان ثقة الجماهير واطمئنانها. لذلك كانت أهم الأوراق الفاعلة في إنجاح الثورات هي الحسم السريع أو ما يمكن أن يمنع الخصوم من استعمال ورقة السلوك الساذج لعامة الناس أعني اللجوء إلى الماضي القريب هروبا من آلام المخاض الموالي لكل فعل ثوري. فكل الثورات تلاها تحصر شعبي مفاده الهروب من آلام المخاض وحال اللسان يقول: ليت الأمور بقيت على ما كانت عليه.
إن عموم الشعب لا يحركهم التغيير القيمي المنشود و العميق على الأقل في الوعي السطحي حتى وإن كان اللاوعي محكوما بها عندما تكون القيادات قادرة على إحيائه إحياء محركا للفعل التاريخي. فالذهاب إلى الغايات في العلاج من مطالب الخطط ذات النفس الطويل الخطط التي لا تنجح إلى بسلطان رمزي قوي يشد اسر الشعوب ويمتن عزم أصحاب النفس القصير. إذ كيف لمن يقتصر همه على تحسين نصيبه من الموجود قريب المدى –وهذه حال عامة البشر-حتى لو كانوا يعلمون أنه استبداد وفساد وتبعية أن يصبر على تغيير الشروط الذي ينتسب إلى المنشود بعيد المدى؟:
فالحرمان الدافع للفاعلية الثورية ليس حرمانا ينتسب إلى الشعور بغياب المثل العليا إلا للقلة من الصفوة وفي الثورات ذات المضمون الروحي كما حدث في ثورة الإسلام خلال بناء دولة الإسلام التي ربيت نخبها على الصبر والقناعة والسعي إلى تحقيق المثل العليا دون الاقتصار على إشباع الحاجات المباشرة: ثقافة التضحية و العمل الصبور الذي يهدف إلى تحقيق الغايات البعيدة. والمأساة هي أن القيادات نفسها في الربيع العربي ليس لها هذه الثقافة.
أما الأغلبية من الناس فالحرمان الذي يحركها هو حرمان ينتسب إلى الشعور بغياب السهم من الموجود على ما هو عليه أعني المصالح المادية التي حولتها التربية و الثقافة الاستهلاكية الفاسدة إلى مجال المنافسة الوحيد المنافسة التي ربي عليها جل الناس. لذلك ترى الفساد والاستبداد قد أصبحا خلق الغالبية كل في محيطه ومجاله ما جعل الثورة تعد عبئا على الغالبية لأنها حرمتهم مما كانوا يستفيدون منه من فساد واستبداد وخاصة أدوات فاعلية الدولة فيعمومها.
لذلك فالخطط السياسية التي تجعل الماضي القريب يصبح ذا بريق بالقياس إلى الحاضر الصعب بإطالته وتكثير إعاقات تجاوزه من الخطط الدالة على سوء التقدير خاصة إذا صاحبها النكير السخيف على هذا الماضي مما يغلب الالتفات إلى الماضي بدل الاشرئباب إلى المستقبل. إنها خطط ضررها أكبر من نفعها لذاتها فضلا عنها عندما تكون مرجعية صاحب النكير عليها مستندة إلى ماض أبعد منه ما يجعل سلوكه ليس تكريها للحاضر بل تشويها للماضي البعيد الذي يحتكم إليه: فالتجربة الإسلامية جعلت الإسلام جابا لما تقدم عليه لكل من التزم به ونحن لم نعتمد مبدأ الثورة جابة للماضي إذا التزم الناس بقيمها. لذلك كثروا من الأعداء وقللوا من الأصدقاء فنفروا حتى من كان من صفهم وباتوا أبعد الناس عن الإيمان بما يدعونه حتى أقدموا على ما لم يقدم عليه عتاة العداء لقيم الأمة من أجل المحافظة على الحكم الشكلي لأن الحل و العقد لا يزال بأياد خفية.
إن هذه المعادة البديل من المصالحة مع الماضي قريبه قبل بعيده مكنت الخصم من استغلال الهروب من آلام المخاض إلى ما تقدم عليه. والأمر يزداد سوءا إذا أضفت إلى ذلك تضييق الخناق على المنافسين الحقيقيين للخصم أعني ممثلي إيجابيات هذا الماضي فحلت دونهم ومصارعته ظنا منك أنك تستطيع بمفردك التصدي له نيابة عنهم بدل السعي لتوحيد الكلمة وتجميع القوى الوطنية دون تمييز. وذلك هو السر في المصالحة ذات خلق العفو عند المقدرة التي علمنا فتح مكة استعمالها من الرسول الأكرم وجربها مانديلا فنجحت.
ولأن مثل هذا الخلق غاب فلا عجب أن تتقوى ظاهرة نداء تونس فتنقلب الفقاعة إلى دمل سرطاني قد يجعل الاستبداد والفساد مطلوبين بعد أن ثار عليهما الشعب فوضع في محل النادم على ما فعل. فإذا علمنا أن هذه الظاهرة السرطانية يعززها ما يسود النخب بجل أصنافها من اصطفاف إليها بحكم تبعية جل هذه النخب إما مباشرة إلى مستعمر الأمس وثقافته أو بصورة غير مباشرة إلى تابعه الذي سوده سيده على الشعوب المقهورة بل و نوبه لسوسها بالوكالة. لذلك فهذه الظاهرة تحتاج إلى تحليل عميق وخاصة في أهم أبعادها أعني اصطفاف جل النخب معها وعلاقته بالسند الخارجي من قبل كل الذين ليس لهم مصلحة في نجاح الثورة عربا كانوا أو غربيين.
إن اجتماع هذين الأمرين في أصحاب الثورة المضادة مع الأخطاء التي لا تغتفر من قيادات الثالوث الحاكم جعل صفها يجد في السبسي المتحيل الأكبر يستعمل خطة أمدته قيادات الثالوث الحاكم بمضمونها الفعال والمتمثل في غرضين لا ثالث لهما:
فأما الغرض الأول فهو دعوى تمثيل القوى الديموقراطية شعارا يخاطب به الرأي العام الغربي الذي يولي ويعزل في ما عداه من العوالم بما له من قوة مادية ورمزية(مع أن خبرته كلها كانت مع الدكتاتورية)
وأما الغرض الثاني فهو دعوى توحيد التونسيين شعارا يخاطب به الرأي العام المحلي الذي بدأ يشعر بأن الجمع بين المعارك السياسية والحضارية أصبح يهدد النسيج الوطني (مع أن همه في الحقيقة هو حماية مصالح من كان مثله من خدم الأنظمة الفاسدة و المستبدة أعني أنظمة أبناء علي الثلاثة ابن علي الباي وابن علي بورقيبة وابن علي ابن علي)
والجمع بين هذين الدعويين هو ما يجعله قادرا على ادعاء الإصلاح المواصل للتاريخ التونسي الحديث بتحرير البورقيبية من هذين العيبين أعني الدكتاتورية والصراع الحضاري مع الهوية. جعلوه قادرا على توظيف هذين الغرضين فيزعم تخليص هذا التاريخ من الدكتاتورية ومصادمة الهوية مستغلا أخطاء خصومه الذين عملوا كل ما استطاعوا ليجعلوا تهمة القطع مع منجزات الماضي القريب ومعاداته وكأنها حقيقة لأنهم بسلوكهم وبخطابهم جعلوا الناس يعتقدون أنهم يسعون إلى محو الماضي القريب ومنجزاته مغلبين تصفية الحساب معه على البناء على إيجابياته.
إن عدم علاج الأمور بأسبابها يجعل النوايا الحسنة والسلوك غير المحسوب معينا لا ينضب لتقوية الخصوم والثورة المضادة معززين بذلك صفها إلى حد جعل من كانوا من المفروض أن يكونوا حلفاء الثورة وخصوما للثورة المضادة يصبحون مضطرين للانضمام إلى صفها هروبا من التضييق عليهم ممن توهموا الشرعية الانتخابية كافية لتكون حدا جامعا مانعا للثوار. وهذا الفهم الخاطئ حصر الشرعية الثورية في الشرعية الانتخابية ونسي أن الشرعية الأولى هي التي جعلت الشرعية الثانية ممكنة:
فقد كان ذلك بداية لإبراز الطابع الاصطناعي للحلفاء إذ تفجر الحزبان اللذان قبل قادتهما مقاسمة الحركة مسؤولية الحكم فانسلخ منهم جل قواعدهم.
ونفر الحلفاء الممكنين كالحال مع الكثير من الأحزاب التي لا يمكن لأحد أن ينكر دورها في الثورة بأن أبعد الذين ساهموا إيجابا مثل أحزاب اليسار والقوميين.
ولم يسع إلى استمالة من ساهم سلبا في الثورة بعدم مساندة النظام السابق أيام الثورة فقصر من عمره ما أبعد تونس عن المآل الذي عرفته ليبيا وتعرفه سوريا.
لذلك فمآل هؤلاء جميعا –إلا من آمن حقا بالثورة فجرا لنهوض الأمة وصحوتها-مآلهم المنتظر بات الحلف مع حزب الثورة المضادة الأكبر بعد أن أضفى عليه السلوك غير الحكيم لقادة حزب الحكم الأكبر تمثيل الحداثة والديموقراطية.

    
  Partager sur Facebook  

dimanche 21 avril 2013

Les Nouvelles des partis politiques


دخلت في مشاورات مع الدساترة...«النهضة» تحاور وتناور

السبت 20 أفريل 2013 الساعة 19:43:33 بتوقيت تونس العاصمة


Slide 1
تونس ـ «الشروق»:
علمت «الشروق» ان لقاءات أولية تمت في الأيام القليلة الماضية بين ممثلين عن «النهضة» ووجوه معروفة من «الدساترة» قد تتوج بالاعلان عن تحالف قريب.

اطلق الاعلان عن تشكيل الجبهة الدستورية شرارة التنافس بين عدد من الوجوه التاريخية للدساترة وهو ما دفع عددا منها للقيام  بمساع حثيثة لايجاد نقاط التقاء مع بعض الاحزاب الفاعلة وعلى راسها حركة النهضة.

هذه الاطراف باتت تطرح نفسها كبديل جدي يحمل الثقل الجماهيري لجهة الساحل خصوصا وهو ما يشير الى بداية ظهور تنازع حاد حول الرصيد القاعدي الدستوري خاصة ان منطقة الساحل تتمتع بثقل هام في المعادلة السياسية ومازالت تبحث عن المرشح الأقدر على تجميع الصفوف وحصد اكبر عدد من الاصوات الضامنة للنجاح في الانتخابات القادمة  ولم تستطع ان تحسم امرها بعد حول الوجوه المتصدرة للساحة السياسية الحالية .

فرغم الانطلاق المبكر للسيد الباجي قايد السبسي في اعلان رغبته في تصدر الجبهة الدستورية فان منهجه التجميعي الشامل الذي لا يقوم على فرز واضح على اساس المبادئ والافكار لم يكن موضوع ترحيب كبير ولم يلق الحماس المنتظر خاصة في ظل وجود سيطرة واضحة لوجوه يسارية في المواقع القيادية مما يعني ان كل المكاسب الحقيقية ستصب في جرابهم ، كما يؤكد ذلك عديد الملاحظين من جانب آخر فإن الجبهة الدستورية التي تشكلت حديثا تطغى عليها الشخصيات الزعاماتية وهو مشكل حقيقي ستظهر حدته مع اقتراب الانتخابات وبداية التفاوض حول الوجوه التي ستتصدر القوائم الانتخابية .

حركة النهضة على الخط

كل هذه التحديات قد تكون هي التي دفعت بالكتلة الدستورية عبر عدد من رموزها الفاعلة إلى البحث عن سبل تمكنها من إعادة تموقعها على الرقعة السياسية في انتظار الانتخابات المقبلة. وكوّن التوجه إلى حزب حركة «النهضة» أحد هذه السبل.

«النهضة» من ناحيتها رأت في هذه «الدعوة» فرصة ذهبية لا يمكنها إضاعتها لذلك انطلقت خلال الايام الماضية لقاءات اولية تمهيدية عبر عدد من الاطراف التي تحظى بالثقة لدى الجهتين في انتظار ان تتبلور خلال الايام القادمة بعد عرضها على مجلس الشورى لحركة النهضة في نهاية الاسبوع الجاري خاصة في ظل قبول مبدئي من طرف النهضة للتحاور مع عدد من الشخصيات التي تحظى عندها بالاحترام والتقدير مثل السيد حامد القروي والسيد الهادي البكوش والسيد كمال مرجان .

حركة النهضة تبدو في وضع مريح باعتبار ان التنافس الحاصل بين الدستوريين سيؤدي حتما الى اضعافهم ويمنع تكتلهم في جبهة واحدة وعوض ان تصبح المعادلة تحالف الجميع ضد النهضة يتحول الامر الى النهضة مع من تختار ليكون حليفها المستقبلي خاصة في ظل التفتت التراجيدي لحزبي المؤتمر والتكتل الذي يوحي بالتخلي عنهما بسبب عدم قدرتهما على مجاراة النسق الكبير للساحة السياسية المتغيرة يوما بعد يوم علاوة على خيارات الجبهة الشعبية التي اختارت مسارا لا يؤدي الى السلم الوطنية مما سيؤدي حتما الى الابتعاد عنها من طرف جميع الاطياف ويساهم في عزلها  عودتها الى حجمها الطبيعي كما يرى بعض المتتبعين للشأن السياسي الوطني وكما يتمناها خصوصا النهضاويون والدساترة على حد سواء.

الأيام القليلة المقبلة تبدو حاملة لتطورات جديدة في العلاقة التي بدأت تربط بين النهضويين والدساترة ينتظر أن تساهم في تثبيت ملامح المشهد السياسي بما يسهم في دعم المنحى العام نحو التوافق ودعم المسار النهائي الضامن للاستقرار السياسي والاجتماعي.
خالد البارودي

    Les Nouvelles des partis politiques


    الطقس
    تونس
    +12°C

    رسمي: حمادي الجبالي وديلو والجورشي والقروي يؤسّسون حزبا سياسيا

    نشر في 20-04-2013 22:09:08

    بعد أن تداولت بعض الاطراف خبر تخلي الرئيس السابق للحكومة حمادي الجبالي عن مهمة الأمانة العامة لحركة النهضة، علم موقع “الجمهورية” من مصادر موثوقة أن حمادي الجبالي بصدد تكوين حزب سياسي مستقل اختار له اسم “حركة التوافق الوطني” يضم عديد الشخصيات السياسية على غرار سمير ديلو وفطوم عطيّة وصلاح الدين الجورشي وعبد الكريم الزبيدي ونجيب القروي .
    سناء

    lundi 15 avril 2013

    الثّورة المضادة في ليبيا



    احباط محاولة انقلاب في ليبيا قادها أنصار القذافي



    Dimanche 14 Avril 2013

    وكالات - قال رئيس المجلس العسكري لمدينة سبها، أحمد العطايبي لفرانس برس، إن "مجموعة مسلحة موالية للقذافي حاولت الجمعة الانقلاب على ثورة 17 فبراير والعودة بالبلاد إلى جماهيرية القذافي من خلال عمل مسلح أفضى إلى أسر 17 عنصراً منهم".
    وأضاف أن "هذه المجموعة هاجمت الجمعة مقر إدارة عمليات الشرطة بمدينة سبها، ما أدى إلى استشهاد أحد أفراد حماية الموقع وجرح
     عنصرين آخرين قبل أن يستولي المهاجمون على سيارات وأسلحة خفيفة ومتوسطة من الموقع".
    وأوضح العطايبي أن "الاعترافات الأولية التي أدلى بها من وقعوا في الأسر بينت أن معظمهم ينتمي إلى جهازي الأمن الداخلي والخارجي، بالإضافة إلى انتماء عدد منهم إلى ما كان يعرف باللواء 32 الذي كان يقوده خميس القذافي" نجل الزعيم الليبي الراحل.
    وتابع "فور انتهاء المجموعة المسلحة من هجومها على مقر إدارة عمليات الشرطة انتقلت لمهاجمة كتيبة "أحرار فزان"، وخاضت معها معارك عنيفة حتى استنجدت الأخيرة بـ"كتيبة الحق" التي قدمت للمساندة واستعادت السيطرة على الموقف".
    وأكد العطايبي لفرانس برس أن "كتيبة الحق التابعة لقوات درع ليبيا في الجنوب برئاسة الأركان العامة اشتبكت بمنطقة النخيل في سبها مع القوات المعادية حتى تمكنت من أسر 17 عنصراً منهم قبل أن يلوذ الآخرون بالفرار".
    وقال إن "القوة المهاجمة مدربة بشكل جيد، وكان هدفها الانقلاب على الشرعية واتخاذ الجنوب منطلقاً لعمليات أخرى تستهدف مختلف مناطق البلد".

    السّياسة الوطنيّة


    الحياة الوطنية

    فتحي العيادي

    "مصير الجبالي سيناقش أواخر الشهر"


     بعد استقالة الجبالي وما رافقها من تداعيات كما وصفه البعض في علاقته ببعض قيادات الحزب الرافضة لما اتاه رئيس الحكومة الاسبق عبر الدعوة حينها الى حكومة كفاءات وطنية غير متحزبة مع تحييد لوزارت السيادة يتساءل المتتبعون للساحة السياسية في بلادنا عن مصير الامين العام لحزب حركة النهضة
    الذي اختار الابتعاد لايام قليلة عن ارض الوطن (لاداء العمرة ثم اخذ قسط من الراحة) خاصة وان بعض الاخبار تشير الى امكانية اعفائه من مهامه على راس الامانة العامة او تقلده لمهام اخرى في صلب الحزب.
    وللحديث اكثر عن مدى صحة هذه الاخبار او التاويلات ومصير حمادي الجبالي الحزبي اتصلت "الصباح الاسبوعي" بفتحي العيادي رئيس مجلس شورى حركة النهضة حيث قال:"لم نفكر في هذا الموضوع فالاخ حمادي لا يزال امينا عاما للحركة، فالمسالة لم نتوقف عندها حاليا لمناقشتها.
    سيقع النظر في اوارخ الشهر الجاري في الدورة العادية لاجتماع مجلس الشورى التي سنتناول فيها جملة من المواضيع ومن بينها موقع الاخ حمادي في الحزب والذي يبقى بيد المكتب التنفيذي ورئيس الحركة اللذين اذا قدما لنا مقترحا باقالة الجبالي من منصبه او الابقاء عليه في الامانة العامة او حتى المهمات التي يريد ان يشغلها شخصيا فاننا سنناقش ذلك الطلب، لكن عموما اذا بقي امينا عاما فلن يحتاج من مجلس الشورى الى تزكية لانه مزكى بها سابقا".
     جمال الفرشيشي


    dimanche 14 avril 2013

    صور تذكاريّة






    صفاقس 30 ديسمبر2013



     Lors d'une
    Lors d 'une manifestation en solidarité avec le Peuple Egyptien à Troccadéro   en face du soleil l'été 2013
     

       

    صورتي


       



















    vendredi 5 avril 2013

    Un Savant Tunisien hors norme


    شخصيات إسلامية


    ابن عرفة (716 ـ 803 هـ) (1316 ـ 1401 م)

    أبو عبد الله محمد بن محمد بن عرفة الورغمي التونسي خطيبها ومفتيها المحقق المتفنن النظار، انتهت إليه رئاسة المذهب المالكي بالديار الافريقية آخر عمره. كان مقرئا فقيها منطقيا، فرضيا، نحويا، اشتغل في بادئ أمره بالقراءات والنحو والأصلين والمنطق وغير ذلك،
    وأقبل في آخر عهده على التوسع في دراسة الفقه حتى صار فيها اماما مبرزا له فيه أنظار جيدة. نعته المجاري الأندلسي بقوله «الشيخ الفقيه المفتي المحدث الراوية إمام أهل زمانه في فتح إقفال المشكلات، وكشف نقاب شبه المعضلات». أخذ العلم عن كبار علماء عصره ومنهم والده، وقرأ كتاب سيبوية، وهو من رؤساء العلوم في القرن الثامن الهجري حج سنة 792 / 1398. فتلقاه العامة وأرباب المناصب بالاكرام التام. تسابق العلماء للأخذ عنه واستجازته منهم الحافظ ابن حجر. لم يتول من المناصب سوى الخطابة والإمامة بجامع الزيتونة وذلك بداية من سنة 772 / 1370. وبعد وفاة الشيخ إبراهيم البسيلي سنة 756 / 1355 تقدم عوضه لإمام الخمس، وولي خطيبا سنة 772. وفي هذا العام تولى الفتيا بجامع الزيتونة. وكان المفتي بعد صلاة الجمعة هو الشيخ احمد بن احمد الغبرينيي (وله صاحب عنوان الدراية) إلى أن توفي سنة 770 / 1368، فوليها عوضه الامام ابن عرفة. ولما تولى الامامة والخطابة بجامع الزيتونة لم يرض به أهل مدينة تونس لأنه ليس ابن بلدتهم فاشترطوا عليه شروطا فقبلها منها ألا يأكل التين لعسر الاتقاء منه، فقال «من فضل الله ما أكلته قط ومنها ألا يمشي على الأرض حافيا فقال «لا أتركها ةلا في المسجد.» وأول مرة رقى المنبر قال: أيها الناس:
    يرفع الدهر أنا سا
                           بعد أن كاونوا سفال
    من له في الغيب شيء
                       لم يمت حتى يناله
    توفي في الرابع والعشرين من جمادى الأولى، وقيل في 27 رجب / 6 أكتوبر، ودفن بالجلاز من مؤلفاته: تفسير، ختم تفسير  الكتاب الكريم عدة ختمات وله تلاميذ يدونون له وتساعيات في الحديث، وشرح مختصر الحوفي في الفرائض، والمبسوط في الفقه، والمختصر في المنطق ومنظومة في  قراءة يعقوب (انظر الفقه السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الفاسي وتراجم المؤلفين التونسيين لمحمد محفوظ الذي توسع في تقديمه).

    lundi 1 avril 2013

    من أعلام الأصلاح في وطننا العربي و الإسلامي



     بديع الزمان النـّورسي

    سعيد النورسي و البعد السلمي لمشروعه الإصلاحي.
     مصطفى عبدالله ونيسي / باريس
    في هذه الدراسة أحاول تسليط الضوء على علم من أعلام   الإصلاح في وطننا الإسلامي الكبير. وهو علم استطاع، بما أوتي من حكمة وغزارة علم وإيمان،أن يؤسس لمدرسة فكرية متميزة في التربية والإصلاح.  فهو مفكر وعالم مبدع  كانت له إسهامات في الفكر الإسلامي الأصيل و المعاصر ،و التي بدأ المختصون في الفكر والبحوث الإسلامية في الشرق والغرب  يعترفون بتميزها و نفاستها في مجال الإصلاح عموما، سواء منه الفكري أو السياسي والاجتماعي على حدِّ السواء ،و مع ذلك بقي هذا الرجل شخصية غير معروفة بالقدر الذي تستحقه خاصة في و طننا العربي بصفة عامة والمغرب العربي بصفة خاصة. وقياما مني و لو بجزء بسيط بواجب التعريف بهذا النوع الفذ ّ من المصلحين  الذين رَهَنـُوا حياتهم ثمنا رخيصا لخدمة هذه الأمة ونهضتها وعزتها، يسعدني أن أقدم للقرّاء فذا من أفذاذ الإصلاح و التغيير السلمي في وطننا العربي و الإسلامي . إنـّه سعيد النورسي رحمه الله تعالى، المعروف ببديع الزمان النورسي.


    فمن هو سعيد النورسي(1876/1960)؟ 
    هو ابن" ِلقـَرَوِيَيْنِ كـُرْدِيَيْنِ" متواضعين في شرقي الأناضول.  عـُرِفَ والدَاه ُ بالاستقامة على الدين وتقوى الله ، وكان والده يشتغل بالفلاحة.
    تعلـّم سعيد في سلسلة من المدارس الشرعية في عصر اتسم فيه التعليم الشَّرْعِي بالانـْغِلاق  وعدم مواكبة تطورات ومنجزات الحياة المعاصرة، فولـَّد هذا الشُّعُورُ عند النورسي رغبة جامحة في تكميل هذا النقص الذي كان يراه فادحا في شخصيته العلمية بالاطلاع على علوم الحضارة المعاصرة، فعلـَّم نفسه العلوم الطـَّبـِيعية والفلسفية وأصبح مدَّرسا ومصلحا تربويا كبيرا. كما أنـّه انخرط في الخدمة العسكرية للدفاع عن استقلال وسيادة الإمبراطورية العثمانية، فكان قائدا في جيش الإمبراطورية في الحرب العالمية الأولى. وأبلى البلاء الحسن في قتاله البطولي ضد الرُّوس في القوقاز، ولم يُـثـْنِهِ ذلك وهو في القتال عن كتابة جُزْءٍ من تفسير للقرآن الكريم. ثمَّ وقع في الأسر.
    وأ ُرْسِلَ إلى السِّجن لمدة سنتين كأسير حرب في روسيا التي فـَرَّ منها بعد ذلك. وبعد الحرب ساهم بكل حماس في دفع الحركات الاجتماعية و السياسية التي تولت مقاومة آثار الاحتلال البريطاني لاستانبول . وعند الإعلان عن تأسيس الجمهورية  استدعاه مصطفى كمال أتاتورك الحاكم الجديد للبلاد، في محاولة منه لاستمالته واحتواء نشاطه السياسي و الاجتماعي، و عرض عليه منصبا في حكومة الجمهورية التركية الجديدة، ولكن هذا الأخير لم يقبل بهذا المنصب حفاظا على استقلالية قراره و نظافة منهجه و مصداقية دعوته الإصلاحية. فكانت النتيجة بطبيعة الحال اتهامه ظُلما بالتآمر على أمن الدولة و استقرارها  في حركة تمرد اندلعت في شرقي الأناضول ضد النظام الجمهوري الجديد للبلد فأجْبـِرَ الرَّجُلُ على الرَّحيل إلى المنفى في غرب الأناضول لسنوات تلت بلغت الخمس والعشرين . وفي تلك الفترة انسحب الرّجل من الحياة العامة ليكرس حياته و موهبته لتفسير القرآن و كتابة مؤلفه النفيس "رسائل النور".
    وهكذا نرى أن َّ سعيدا النورسي مرَّ في حياته العلميّة و الفكرية بمرحلتين رئيسيتين هما "سعيد القديم " و " سعيد الجديد". و قد تزامنت هاتان الفترتان إلى حد بعيد مع المراحل الرئيسية التي عرفها التاريخ الحديث لتركيا، وهي العقود الأخيرة للإمبراطورية العثمانية، تليها الأعوام السبع و العشرين الأولى من عهد  الجمهورية التركية التي أعلن عن تأسيسها  يوم ألغيت الخلافة في 3مارس1924 م .  هذا بالإضافة إلى فترة ثالثة ـ وهي فترة ما يعرف بسعيد الثالث ــ  و التي تـُعتبر في جوهرها امتدادا لفترة " سعيد الجديد" مع اشتمالها على بعض خصائص " سعيد القديم " ، و قد تزامنت تلك الفترة  مع فترة حكم الحزب الديمقراطي(1950 ــ1960) . وقد مثلت السنوات العشر الأخيرة من حياة النورسي (2). هذه  المراحل أبانت عن تفتح عقليته وقدرته على التفاعل الإيجابي مع محيطه من ناحية،وتطور فكره و مرونة منهجه الإصلاحي و حداثته من ناحية ثانية .
     وهي مراحل ينبغي على كل دارس مهتم بدراسة هذه الشخصية أن يتمعن فيها ويدرسها بعمق حتى يستفيد منها و يستنير بما توفر فيها من هـُدى و حكمة.
    لا شك أن حياة  الرّجل كانت مليئة بالنشاط العلمي و التربوي ولكن ما يهمنا منها في هذا المقال هو رؤية الرجل للإصلاح عموما و موقفه من التغيير والرقي بوعي الإنسان نحو الكمال و الفاعلية من ناحية ثانية. فما هي رؤية الرجل للإصلاح ؟ و ما هو المنهج والمسالك الاصلاحية التي أفرزها فكر الرّّجل وبلورها  ؟ 
    النوّرسي و مسألة الإصلاح :
    سعيد النورسي هو واحد من أولئك العلماء والمفكرين الذين ساءهم حال أمة الإسلام وقد تساءل عن أسباب تأخر المسلمين و تقدم غيرهم ، ولكنه مع ذلك لم يستسلم لهذا الواقع قط ، فحاول أن يفهم وينقب و يكشف عن أهم  أسباب تأخر هذه الأمة.و لم يكتفي النورسي بدور الكشف عن علل الإمبراطورية العثمانية،كممثل رسمي وأساسي لوحدة الأمة سياسيا، التي أصبحت القوى الاستعمارية تـُطلق عليها اسم الرجل المريض، وإنّما فعل ذلك بغرض البحث عن المعالجات الحقيقية لهذه العلل التي أصابت العالم الإسلامي بأسره في الصميم للنهوض به و بأمته مرة أخرى.  و بناء على ذلك  سخّـر حياته  لهذه المهمة ،فحاول أن ينير السبل  إلى كيفية النهوض بهذا العالم من جديد. وإذا أردنا أن نفهم المشروع  الإصلاحي للنورسي فينبغي علينا العودة والاستفادة من  دراسة رسائله المعروفة برسائل النور عامة،فهي مصدر هذا الإصلاح و محضنه الأول. كما أنَّ تتبع مسار  التطور الفكري للنورسي في مختلف مراحل حياته الثلاث وقراءة عوامل و أسباب هذا التطور تفيدنا في بيان حقيقة مشروعه الإصلاحي كما كنا قد أشرنا إلى ذلك سابقا.وقبل الوقوف على أهم المفاصل التاريخية لحياة الرجل في مجال الفكر و التربية و الإصلاح بصفة عامة، لابد من التعريف ولو بإيجاز برسائل النّور باعتبارها الوثيقة الأولى والنص الأساسي و النظري لمشروع بديع الزمان النورسي؟                                                                          
    رسائل النور: النص المؤسس للمدرسة الإصلاحية للنورسي:
    قديما قالوا الشعر ديوان العرب. وكذلك رسائل النور فهي ديوان المشروع الإصلاحي للمصلح الكبير و المربي الفذ بديع الزمان الملا سعيد النورسي. وهي كما يصفها صاحبها : غذاء روحاني جريء(3) و مُعجزة قرآنية (4) ووسيلة تحافط على القرآن و تفسره (5) و حقيقة صوفية (6) و تنبيهات وإخطارات (7) وأنها ضياء معنوي (8) وأنّ مسلكها مقتبس من نور مسلك الصحابة الكرام (9).
    يحاول النورسي، من خلال ربطه لرسائل النور بالقرآن ،أن يقيم علاقة بين  القرآن كنص مقدس ونصه الرسائل كنص بشري ، فأقواله و كتاباته لا تشكل أي نوع من العقائد الدينية المستقلة بذاتها وأن صلاحية هذه الأقوال و الكتابات إنما هي مـُستمدة من القرآن وحده الذي هو بالنسبة إليه  : (" خطاب و دواء"لجميع طبقات البشر من أذكى الأذكياء إلى أغبى الأغبياء، ومن أتقى الأتقياء إلى أشقى الأشقياء)(10)
    فالرسائل كما يراها صاحبها هي مجرد عمل يلخص كل الأفكار و المشاعر بأولياء الإسلام منذ البداية و حتى النهاية. وهو بهذا الربط بين نصه ونصوص غيره من علماء الإسلام الكبار يقيم نوعا من التواصل والعلاقة الخفية و التاريخية بينه وبين الآباء الروحيين الكبار للإسلام  أ و حتى لبقية الحكماء و الآباء الروحيين  للبشرية من غير المسلمين.(11)
    وهي كما يقول : ( إنـّما ترشحت من زُلال القرآن)(12) و(خرجت من القرآن)(13)
     فالتاريخ الإسلامي لم يخل حاله من مصلحين مجدّدين ( يبعث الله على رأس كل مائة عام لهذه الأمة من يجدد لها أمر دينها)،ورسائل النور هي بدورها تندرج ضمن هذا السياق ،فهي امتداد للفكر الإصلاحي التنويري الديني منذ العهد الأول للإسلام إلى الوقت الحاضر وإلى أن تقوم السّاعة.
    فرسائل النور هي النص الأول و الأساسي المؤسس للفكر الإصلاحي للمصلح الإسلامي الكبير سعيد النورسي رحمه الله. والانطلاق منها للتعرف على الأراء و الأفكار الإصلاحية للنورسي ضرورة منهجية و موضوعية تفرض نفسها.
    هذه لمحة جدّ ُ عامة عن سعيد النورسي  و رسائله النورانية نمهد بها لدراسة التغيير السلمي عند العلامة الكبير بديع الزمان الملا سعيد النورسي رحمه الله و أسكنه فراديس الجنان
      الثلاثاء 3 أوت 2010       مصطفى عبدالله ونيسي /باريس


    هوامش: 

    1ــ خلاصة موجزة عن سيرة سعيد النورسي قد نعود إلى تفصيلاتها في دراسة تالية.
    2 ــ نحو سيرة فكرية لسعيد النورسي : شكران واحدة ص 28من كتاب الإسلام على مفترق الطرق .
    3 ـ المثنوي العربي النوري : سعيد النورسي،70
    4 ـ الملاحق ( انظر ملحق بارلا) : النورسي،83
    5 ـ ملحق قسطموني ، النورسي ،100
    6 ـ نفس المصدر ،123
    7 ـ نفس المصدر ص 202 / 8 ـ 9 ـ نفس المصدر ، 202/205 ـ  223
    10 ـ المثنوي العربي ،100
    11 ـ كيف نقرأ " رسائل النور" لسعيد النورسي : ابراهيم محمد أبو ربيع ص 97 من كتاب الإسلام على مفترق الطرق
    12ـ ختم التصديق الغيبي/ النورسي 9 3   13  ـ     المكتوبات/ النورسي ص 479