Articles les plus consultés

samedi 28 avril 2012

دفاعا عن الجهات المحرومة و المطالبة بحقّها في التّنميّة : بني خدّاش مثالا


Menzel Mogger (بني خداش)



الإخوة الأفاضل : السّلام عليكم و رحمة الله 


نهدف من وراء هذا الفضاء الإعلامي مواطنون متضامنون تسهيل عمليّة التواصل الإيجابي والحوار البنّاء من أجل النّهوض بمنطقتنا المحرومة تنمويّا و ثقافيّا ليس ذلك بخلفيّة جهويّة ضيّقة و إنّما بروح وطنيّة حرّة.  فتحقيق التوازن التنموي بين الجهات يضمن للبلد عموما الاستقرار ، وهو ما رفعته تقريبا كلّ الأحزاب في حملتها الإنتخابيّة لانتخابات المجلس التأسيسي . وهو حقّ وطني و إنساني و أخلاقي ينبغي علينا جميعا أن نتمسك به، خاصة وأنّ جهتنا لا تزال محرومة من هذا الحق الطبيعي و التعلل بضعف البنية التحتيّة لا يمكن أن يكون مبررا لاستمرار الجهة على هذه الحالة من التهميش ، بل العكس هو الصحيح . و جهتنا ، ولئن لم تسعفها الجغرافيا و الطبيعة إلاّ أنّها من جانب آخر تحتوي على إمكانيات تنموية كثيرة لو أنّها فعلا وجدت الإرادة السّياسيّة التي تستثمر ذلك، و من ذلك جمال الطبيعة  وصفاء المناخ  وهو ما يسمح بتشجيع السياحة الإستشفائية و البيئية. كذلك هذه المنطقة تحتوي على  ثروة تراثية وتاريخية ضخمة أهملها النّظامان السّابقان البورقيبي و النوفمبري،وهي جريمة لا أقول في حقّ أبناء الجهة ، ولكن في حقّ الوطن كلّه و الإنسانيّة، فالتّاريخ و ما يرمز إليه من معالم و إنجازات هو ملك للإنسانية  وينبغي أن يكون محميّا من الهلاك و الإندثار و من أجل ذلك بعثت الأمم المتحدة منّظمة اليونسكو لتصون التراث الإنساني من الإندثار.و كمثال عن هذا التراث أذكر تلك القصور البربرية الجميلة الشّاهدة على  جزءمهممن تاريخنا الإنساني في هذه الجهة،وكذلك هو الشأن لتك المغارات البربرية المنتشرة في كلّ مكان. هذه القصور كيف نسمح لأنفسنا بإهمالها و الإعتداء عليها و الحال أنّنا لسنا حتّى في جاجة من أجل صيانتها ،لو توفرت الإرادة السّياسة، للمال الوطني  فمنظمة الإينسكو كفيلة بذلك و مهمتها  الأساسية الحفاظ على التراث الإنساني وقد رصدت إلى ذلك امكانيّات ضخمة.المهم من جانبنا بالتعاون مع السّلط المكلفة بهذا الأمرإعداد الملفات و بذل الجهد الكافي للإقناع بوجود هذا التراث الإنساني المهمّ فعلا في جهتنا. و قبل هذا و بعده حتّى وإن لم تقتنع تلك الجهات الدّولية و الأمميّة المهتمة بصيانة التراث الانساني عموما وحمايته من الإندثار ،فواجب حكومتنا أن ترصد الأموال المطلوبة لصيانة هذا التراث من الضياع قبل فوات الأوان،وذلك ليس لغايات أخلاقيّة و إنسانيّة فقط و إنّما كذلك لغايات تنمويّة .ولمن أراد المزيد من فهم هذا الأمر نشير عليه برسالة دكتوراة بعنوان (بني خداش:جسور و قصور )،لا استحضر  في هذه المراسلة اسم المؤلفة و سأوافيكم به في مراسلة قادمة إن شاء الله. فالرّجاء
 من كلّ متساكني هذه الجهة و أصدقاءها في كلّ مكان التحسيس بهذا الأمر ومضاعفة الجهد للنهوض بهذه الجهة المحرومة ،إذ هي ليست جهة داخلية فقط، وأنّماهي  أيضامعدودة من جهات الأطراف . والمطلوب،إذا،  هو التعريف بهذا الموقع لدي كلّ أبناء الجهة و أصدقاء جهة الحوايا حتّى من غير أبنائها للتعاطف معنا،فالشّرفاء في تونس كثر و لا أحد يمكن أن يزايد علينا في الوطنيّة  ونحن الّذين قدم اجدادهم التضحيات الجسام أيّام مقاومة الاستعمار، كما أنّ جبال بني خداش الشاهدة على التّاريخ آوت كبار   المجاهدين حتّى من المناطق المجاورة لنا ولكم في بعض مؤلفات ابن منطقتنا الصديق  عمارالسّوفي المعطيات الكافية.
       أخوكم الّذي يحبّكم و يشّد على أياديكم
        مصطفى عبدالله الونيسي/ باريس

مقالات : الإسلام السّياسي بين الأمس و اليوم 1


      
الإسلام السّياسي بين الأمس و اليوم                                             
 الحلقة الأولى                            
                                                    مصطفى عبدالله ونيسي/باريس                                  
                                                                                                                             
                                                                                                              تقديم                                                                                           


إن إلغاء نظام الخلافة  سنة 1924م وتأسيس جمهورية تركيا، كنظام قومي علماني عن طريق كمال أتاتورك ، هو في الحقيقة شكل من أشكال القضاء على ما يعرف اليوم بالإسلام السياسي.  و مع عودة التيارات الإسلامية إلى واجهة الأحداث و خاصة منها السّياسية عبر بوابة ما يعرف بثورات الرّبيع العربي هو اعتراف ضمني من طرف القوى الكبرى المهيمنة في العالم مثل الولايات المتحدة الأميريكيّة  بهذه التيّارات قصد ترويضها و احتوائها بشكل من الأشكال بشرط أن لا تتجاوز هذه التّيارات الحدود المرسومة لها مُسبّقا ، خاصة بعد أن استنفذت الأنظمة الديكتاتورية ذات المرجعيّة العلمانيّة، سواء منها العسكريّة أو البوليسيّة، أغراضها و أصبحت فاقدة لكل شرعيّة يمكن أن تستند إليها في سياسة شعوبها. فهذه الأنظمة الفوقيّة المنصبة على الشعوب بقوة الحديد و النّار أصبحت عبئا ثقيلا على النّظام العالمي الذي لا يفهم إلاّ لغة المصالح، ولم تعد هذه الأنظمة بعد أن تورطت في قمع شعوبها الحليف المناسب لقوى المهيمنة في عالمنا المعاصر. و نتيجة لسحب الثقة و  الحصانة  عن هذه الأنظمة في بلادنا العربيّة و الإسلامية بدأ تفكير هذه القوى الكبرى و خاصة منها الولايات المتحدة يتجه نحو مغازلة القوى الإسلامية الصاعدة لتكون البديل المحتمل بشرط أن تعتمد هذه التيّارات الإسلامية الدّيمقراطية كنظام سياسي و لا حرج عليها فيما عدا ذلك أن تتمسك ببعض المظاهر الإسلاميّة من مثل التمسك بالبند الأول من دستورالاستقلال عندنا في تونس ولكن دون اعتماد الشريعة كمرجع أوّل و أساسي للتشريع و إدارة الشأن العام. و ما يعنيني في هذه الدّراسة هو أن هذه التيّارات الإسلامية و السياسيّة الصّاعدة ليست جديدة و إنّما هي قديمة قدم هذه الحضارة الإسلامية. فهي تيارات لها سيكولوجياتها و لها أيضا ثقافات سيّاسيّة و عقائدية متعدّدة تلقّاها الأحفاد عن الأجداد و تربوا عليها و هي  حاضرة في أذهانهم و مشاعرهم  وسلوكهم اليومي و مظاهر أفراحهم و أتراحهم... و هي ثقافة اختلط فيها الحقّ بالعادات ، فكان منها ما هو ديني ملزم لنا باعتبارنا مسلمين، ولكن   أغلب هذه الثقافة، ولئن كان أصلها دينيّا، فهي صادرة عن اجتهاد بشري  ولنقل تاريخي ينبغي أن يطاله التقييم و النّقد الموضوعي لنميز النّافع منه من الضّار. ففهم هذه التيّارات الإسلامية بمختلف عناوينها لا يمكن تحققه دون الرّجوع إلى مصادر التّلقي عندها منذ الصدر الأول للإسلام  و معرفة كيف نشأت و في إي اتجاه تطورت هذه  الاتجاهات العقائدية و السيّاسيّة  حتّى يومنا هذا؟
 و خدمة للقارئ و ترشيدا للمناضل السّياسي المسئول و الصادق نقدّم هذه الخلاصات في الفكر العقائدي و السيّاسي لأهم الإتجاهات العقائدية و السيّاسيّة  التي تركت بصماتها في فكرنا السياسي و العقائدي . هي خلاصات تاريخية عامّة نضعها على ذمّة القارئ العادي ومن لا وقت له من المناضلين و المهتمين بالفكر السيّاسي الإسلامي لتنيره  وتعينه على فهم واقعه و وصل مستقبله بماضيه، وهذا جوهر ما نسميّه بأهميّة دراسة التّاريخ الإسلامي و خاصّة منه الفكري و السيّاسي ليعرف النّاشط و المفكر على أي أرض يسير. فدراسة التّاريخ بعقليّة نقديّة قصد الإصلاح ذو أهميّة قصوى ولكنّ بشرط أن لا نبقى أسرى هذا التّاريخ نلوكه دون أن نتجاوزه للإبداع و التأسيس و البناء عليه. فهذه الدّراسة التاريخية ليس المقصود بها المختصين  و إنّما المقصود بها أساسا هم النّشطاء من السّياسيين و الحقوقيين و الدّعاة و كلّ من لا وقت له على رسم نهج يجمع بين الأصالة و مكاسب الحَداثة دون السّقوط في الماضويّة التّاريخانية، بعبارة المفكر المغربي محمّد عابد الجابري،كما تفعل بعض التّيارات السّلفية أو الاستيلاب الفكري و جلد الذّات كما يفعل بعض المتطرفين من العلمانيين عندنا.  فالتيارات الإسلامية، و هي ما يعرف تقريبا بالفرق الإسلاميّة (1)قديما، هي ظاهرة تاريخيّة ، ينبغي دراستها بموضوعيّة ، لنقف عن مواطن الخطأ و مفاصل الاستبداد فيها فنتبرأ من كلّ ذلك من دون أي حرج، ونتبيّن مواطن الحُسْن فيها و الخير فنستصحبه في تجربتنا المعاصرة دون إسقاط فوقي أو إهمال لمقتضيات ظروفنا الجديدة و المعاصرة.
    
باريس24/04/2012                                                                            

1) أفضل استعمال تيار أو مدرسة في الفكر السّياسي و العقائدي بدلا من استعمال مصطلح فرقة لأن ذلك لا يستقيم بالنسبة لي علميا، فالمعتزلة مدرسة في الفكر الإسلامي، وكذلك الشيعة إلى غير ذلك، و ما يمكن أن نطلق عليه فرقة مثلا ( الزّيدية) بالنسبة للمدرسة الشيعية، و الأباضية بالنسبة للخوارج، و النّظامية بالنسبة للمعتزلة، .....                

مقالات : الإسلام السّياسي بين اليوم و الأمس




         الإسلام السّياسي بين الأمس و اليوم

التّيارات السّياسيّة و العقائديّة في القرون الأولى للإسلام:

المسلمون، كغيرهم من الأمم، قد اختلفوا إلى مذاهب في العقائد و السّياسة و الفقه، و هذا أمر طبيعي لأن هذا الخلاف لم يمسّ جوهر الدّين و لبّه. فهم لم يختلفوا في وحدانيّة الله تعالى ولا في نبّوة محمّد صلى الله عليه و سلّم و لا في أنّ القرآن كلام الله ، و لا في أي شيء ممّا عُدَّ من المعلوم من الدّين بالضرورة... 
ومع ذلك، بقدر ما كان الخلاف الفقهي  علامة ثراء و خير و بركة  و مرونة و تيسير، بقدر ما احتوى الخلاف حول بعض القضايا العقائدية ، وخاصة الخلاف السّياسي على شرّ كبير و خطير لا تزال الأمّة تعاني منه  الويلات إلى اليوم. و لذلك روى البخاري عن زينب بنت جحش: أنّها قالت  ( استيقظ النّبي صلى الله عليه و سلّم محمّرا وجهه  و هو يردّد : لا إله إلاّ الله ، ويل للعرب من شرّ قد اقترب)،و هو يشير إلى ما سيجري للمسلمين من خلاف من بعده.  و السؤال الّذي يمكن أن يطرحه كلّ مسلم، لماذا اختلف المسلمون بعد النّبي صلى الله عليه و سلّم و قد تركهم على المحجّة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلاّ هالك؟
لقد ترك فيهم ما إن أخذوا به لن يضلّوا أبدا، ترك فيهم كتاب الله و سنّة رسول الله صلى الله عليه و سلّم ، و مع ذلك تنازعوا و تقاتلوا و اعتدى بعضهم على بعض...
والجواب عن هذا السؤال، أنّ أسباب الخلاف كانت كثيرة  و من أهمّها و أخطرها الخلاف السّياسي . و لا  يفوتني الإشارة إلى أنّ الخلاف الّذي عرفه المسلمون قسمان، خلاف لم يفرق الأمّة و لم يجعل بأسها بينها شديدا ، و خلاف قد فرّق الأمّة و أذهب وحدتها ، و هو كما أشرنا الخلاف السّياسي الّذي دمّر الأمّة وعصف بمصالحها وذهب بهيبتها لاحقا. و هو خلاف، و لئن كان على غاية من الخطورة، طبيعي لا ينبغي تجاهله و عدم الاعتراف به.
و من شروط نجاح الحركات الإسلاميّة اليوم و خاصة منها الطّامحة لحكم البلاد ، ليس هو تجاهل هذا النّوع من الخلاف، و إنّما الحلّ هو دراسة هذه الظاهرة عن قرب و بموضوعيّة و إيجاد الآليات و الوسائل المناسبة لاحتواء هذه الظاهرة من أجل أن  يظّل الخلاف سلميّا و بنّاء.   فالإسلام، من النّاحية النّظريّة، المنزّل من عند الله تعالى دين عظيم، و هو وحده الكفيل بإنقاذ البشرّية و إخراجها من الظلمات إلى النّور، ولكن المشكلة تتعلّق بالجانب التطبيقي والقراءات المختلفة للإسلام من ناحية التنزيل لتلك القيّم و المبادىء التي بشّر بها الإسلام، و خاصة منها تلك المبادىء الّتي لها علاقة بالشّأن السّياسي العام. فالمسلمون بصفة عامّة لم يختلفوا في الصّدر الأوّل للإسلام في الدّين، إذا ما استثنينا بعض القضايا الفرعية من مثل إثبات صفات الله تعالى و نفيها و قدرة الإنسان بجوار قدرة الله تعالى و غير ذلك من المسائل ، و إنّما كان الخلاف الأساسي بينهم في المجال السّياسي ، فحتّى الخلاف الّذي حدث حول الزّكاة على عهد أبي بكر الّذي أدّى إلى الحروب الّتي سميّت بـ ( حروب الرّدة ) لم يكن خلافا دينيّا و إنّما هو خلاف سيّاسي. و الإمام الأشعري يقول : ( إنّ أوّل ما حدث من الاختلاف بين المسلمين ـ بعد نبيّهم صلى الله عليه و سلّم ـ اختلافهم في الإمامة... و لم يحدث خلاف غيره في حياة أبي بكر و أيّام عمر، إلى أن ولي عثمان بن عفّان، و أنكر قوم عليه في آخر أيّامه أفعالا...ثمّ بويع علي بن أبي طالب ، فاختلف النّاس في أمره. فمن بين منكر لإمامته. و من بين قاعد عنه. و من بين قائل بإمامته . معتقد لخلافته... ثمّ حدث الاختلاف في أيّام عليّ في أمر طلحة  و الزّبير.. و حربهما إيّاه. وفي قتال معاوية إيّاه... )(1)
فكلّ التّيارات الإسلاميّة الّتي نشأت آخر أيّام الإمام عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه، هي عبارة عن قراءة معيّنة للإسلام و خاصّة في المجال السّياسي، ومن ذلك مسألة الخلافة، و هو ما سنتعرض له في مقالاتنا القادمة.           
   أ. مصطفى عبدالله ونيسي/باريس في 28/04/2012