Articles les plus consultés

vendredi 27 juillet 2012

روحانيّة الإسلام La spiritualité de l'Islam



التّربية الرّوحية و تزكية النّفس
                                          مصطفى عبدالله ونيسي/باريس

التربية الرّوحية و تزكية النفوس كانتا من أهم المطالب الّتي تكفل بها الأنبياء عليهم أفضل الصّلاة و أزكى التّسليم بأمر من ربّهم سبحانه و تعالى. وهي من أغلى الغايات التي سعى إلى تحقيقها المتقون في حياتهم الدّنيا. فنجاح الإنسان و فشله مرتبط بها إلى حدِّ بعيد.
  يقول الله تعالى: (وَمَا أُبَرِّيءُ نَفْسِي إنَّ النَّفْسَ لأمارةٌ بالسُّوءِ إلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي إنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحيمٌ.) سورة يوسف/آية 53
و لا طريق لتزكية النّفس وإخلاص القلوب إلاّ بإداء ما تعبّدنا به الله على الوجه الصحيح المؤسس على الكتاب و السّنة من إقامة إقامة العبادات  وفعل الخيرات  والأعمال الصّالحة بكل أنواعها.  فبهذا العمل يزداد القلب إيمانا وتزداد   النّفس صفاء و اطمئنانا، فينعكس كُلُّ ذلك على الإنسان نورا و هيبة و وقارا.   ونتيجة لهذا الصفاء وذلك الإخلاص و تلك الطمأنينة تكون علاقة المؤمن بخالقة متينة و قوية و مبنية أوّلا و أساسا على الحبِّ و الطّاعة و العبودية الخالصة لله ربّ العالمين، كما أنّ  علاقته بالمخلوقات الّتي تحيط به عموما وبالإنسان خصوصا  تكون قائمة على الرّحمة و حُسن المعاشرة  و طِيبِ الخُلُق . 
إنَّ مُجتمعاتنا الإسلاميّة المعاصرة لأسباب كثيرة قد ابتعدت عن أجواء الحياة الرّوحية ، فصلة القلوب بالله قد ضَعُفتْ، و تمسكها بالأخلاق المنبثقة عن قيّم الإيمان قد ضَمُرَت إلى أبعد الحدود.  وتقلص الإخلاص والوعي بحقوق الله تعالى على عباده تركا المجال شاسعا لتفشي المعاصي الظاهرة و الخفيّة، فأتى ذلك على صفاء النّفوس و إخلاص القلوب.و نتيجة لهذا الوضع البعيد عن روح الإسلام تكالب النّاس على الدّنيا بدون ضوابط لا  شرعيّة  و لا خُلُقٍيّة ، تاركين وراء ظهورهم ركنا مُهِمّا مِنْ أركان الإيمان ، ألاَ وهْوَ تزكية النّفس والعمل على البلوغ بها إلى درجة الإحسان.
 ولكن مع كلّ هذا، فبرحمة من الله تعالى نلاحظ عند الشباب المسلم في كل مكان إرهاصات عودة  للحياة الرّوحية و علامات اهتمام بموضوع تزكية النّفوس، وذلك لأن الخير لن ينقطع من أمّة محمّد صلى الله عليه و سلّم، وهي مهما بعدت عن دينها فهي لا بد عائدة إليه إن عاجلا أو آجلا.  وخدمة  لمن يريد أن يعيش روحانية الإسلام في بُعْديها التّربوي و الحضاري نُحاول مُستعينين بالله و بالقدر الّذي تسمح به ظروفنا أن نُعِّدَ مُلخصا في التربية الرّوحية وتزكية النّفس في الإسلام مُستندين في ذلك إلى كتاب الله تعالى و سنّة نبيه صلي الله عليه و سلّم ، و مستفيدين من شيوخ الإسلام الكبار في هذا المجال كالإمام الغزالي، وابن تيمية و تلميذه ابن القيم و المحاسبي و غيرهم..



أهميّة تزكية النّفس و إخلاص القلب :

لا شك أنّ النّعيم الّذي يطلبه الإنسان و السعادة الّتي ينشدها و النجاح الّذي يسعى إليه سواء في الدّنيا أو في الآخرة، كُلُّ ذلك مرتبط في المفهوم الإسلامي أيّما ارتباط  بتزكية النّفس و  السّمو بها وإخلاص القلب و العبودية الكاملة لله ربّ العالمين. و لذلك كان من أسمى المهمّات الّتي بُعِث نبيّ الرّحمة لإنجازها تزكية نفوس المؤمنين: ( هو الّذي بعث في الأمّيِّن رسولا منهم يتلو عليهم آياته و يزّكيهم و يُعلّمهم الكتاب و الحكمة و إن كانوا مِنْ قبل لفي ضلال مُبين )الجمعة آية 2.
فلا عجب ، إذا، أن يربط الله تعالى  فلاح العبد بتزكية نفسه، فالمولى سبحانه يقسم   إحدى عشر مرّة  متتالية على وجوب تزكية النّفس، و لا يوجد في القرآن بأكمله أقسام متوالية على هذا النّسق كما هي في هذا الموقع (1).
 يقول الله تعالى : ( و الشّمس و ضحاها. و القمر إذا تلاها. و النّهار إذا جلاّها. و اللّيل إذا يغشاها. و السّماء و ما بناها. و الأرض وما طحاها. و نفس و ما سوّاها. فألهمها فُجورها و تقواها. قد أفلح منْ زكّاها. و قد خاب مَنْ دسّاها)سورة الشّمس/الآيات (1إلى 10)
فالتزكية معناها طلب الطّهارة و التّطهر، ومنها سُمّيت صدقة المال بالزّكاة ، لأنّ بها يتحقق تطهير المال و تزكيته بإخراج حق الله فيه لرّده على الفقراء و المساكين. فمن أراد أن يكون من النّاجين وأصحاب النّعيم و ورثة جنّة النّعيم ، فما عليه إلاّ أن يعمل على تزكية نفسه و تطهيرها من كلِّ ما يمكن أن يُعكّر عليها صفاءها و إخلاصها لربِّ العالمين. ومن أجل  فهم النّفس البشريّة على حقيقتها نحاول في الحلقة القادمة  التعرض إلى  أهم أحوالها لنلتمس الأسباب المعينة على السمّو و الرّفعة ونتخلص من الأسباب المؤدية إلى السوء و الفحشاء من القول والعمل ، تقربا إلى الله و طاعة و رغبة فيما عنده سبحانه.
 باريس 17جويلية 2011-08-17
مصطفى عبدالله ونيسي




التّربية الرّوحية و تزكية النّفس
                                           أ. مصطفى عبدالله ونيسي/باريس  
   
ينقسم النّاس إلى قسمين، قسم ظفرت به نفسه فأصبح عبدا مطيعا لها فأهلكته ودمرته ، وقسم ظفروا بأنفسهم فأحكموا جماحها و سيطروا عليها فنجحوا بفضل الله تعالى و بلغوا الدّرجات العُلَى. يقول الله تعالى : (و أمّا مَنْ طَغَى وآثر الحياة الدّنيا فإنّ الجحيم هي المأوَى. و أمّا منْ خَافَ مَقامَ ربِّهِ و نَهَى النّفسَ عن الهوى . فإنّ الجنّة هِي المأوى)النّازعات/38/40
وصف الله تعالى النّفس في القرآن بثلاث صفات: المطمئنّة، و اللّوامة، و الأمّارة بالسُّوءِ، و تبعا لذلك اختلف العلماء : هل النّفس واحدة وهذه أوصاف لها، أم أنّ النّفس ثلاثة أنواع. فالأول رأي أغلب الفقهاء و المفسرين، و الثاني قول كثير من أهل التصوف ، وبالتحقيق تبين أنّه لا خلاف بين الفريقين، فهي واحدة باعتبار ذاتها، و ثلاثة باعتبار صفاتها(1)، بل إنّي أذهب إلى أكثر من ذلك، فالنّفس الأمّارة بالسوء قد تتحوّل بفضل الله تعالى إلى نفس مُطمئنة، و العكس صحيح. جاء في الحديث الّذي رواه عبدالله بن مسعود قال: قال النّبيّ صلى الله عليه و سلّم :( .....فوالله الذي لا إله غيره إنّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنّة حتّى ما يكون بينه و بينها إلاّ ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النّار فيدخلها وإنّ أحدكم ليعمل بعمل أهل النّار حتّى ما يكون بينه و بينها إلاّ ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنّة فيدخلها.)  فما هي هذه الصّفات التّي تعتري النّفس البشرية فتصبغها بصبغتها ؟
النّفس المطمئنة :  و هي نفس المؤمن الماسك بحبل الله المتين  الراضي بقضاءه  و قدره و المطمئن لحكمه والواثق من وعده و المصدق بكل ما أخبر به و المستجيب لأمره و النّاشط في طاعته  في السرّاء و الضراء...
النّفس المطمئنة هي تلك النّفس الهاربة من الشّك إلى اليقين، و من الجهل إلى العلم، و من الغفلة إلى الذّكر، و من الخيانة إلى التوبة النّصوح، و من الرّياء إلى الإخلاص، و من الكذب إلى الصدق، و من العجز إلى عُلُوِ الإرادة و سموّها، و من النرجسية و حبّ الذّات إلى التواضع و نُكران الذّات و من التيه إلى الرّشاد . فالنّفس إذا كان لها نصيب مِنْ هذه الصّفات كانت نفسا مُطمئنة بإذنه تعالى.
فالنّفس البشرية إذا ما كان هذا  حالها  يرضى عنها الله ويناديها بارئها عند فراق الحياة نداء حُلوا و جميلا: (يا أيتها النّفْسُ المُطمئنة . ارجِعي إلى ربّكِ راضيةً مَرْضِيّةً )الفجر/ 37،38
إنّهُ لَمِنْ رحمة الله تعالى و بتكليف منه سبحانه أن يكون قرين
النّفس المُطمئنّة   الملَك ، يسدّد خُطاها و يقذف فيها الحقّ و يرغبها فيه....
النّفس اللّوامة : أمّا النّفس اللّوامة ، فهي تلك الّتي تخلط عملا صالحا بآخر سيء.
هي النفس الّتي لا تثبت على حال، فهي كثيرة التّقلب و التّلون، تُخطأُ ثمّ تتوب
و هي نفس لا يمكن أن ننفي عنها صفة الإيمان، بل هي  مؤمنه و لكنّها مُقصرة في حق الله تعالى. يقول حسن البصري : إنّ المؤمن لا تراه إلاّ يلوم نفسه دائما...
و النّفس اللّوامة نوعان: لوّامة مَلومة ، ولوامة غير مَلومة.
فاللّوامة الملومة، هي النّفس الظّالمة والجاهلة، وهي نفس يلومها الله و ملائكته.
أمّا النّفس اللّوامة غير الملومة، فهي  النّفس السريعة التوبة التي لا تزال تلوم صاحبها على تقصيره في طاعة الله ، مع بذله جهده في تدارك تقصيره، فهذه نفس يمكن أن نصفها بأنّها نفس غير مَلُومَةٍ.
النّفس الأمّارة بالسّوء: و هذه النّفس هي النّفس الخبيثة و المذمومة حقّا لأنها لا تأمر صاحبها إلاّ بما هو خبيث و مخالف للفطرة التي خلق الله النّاس عليها و مَنْ أحسنُ مِنَ  الله خِلقة  لا تبديل لخلق الله تعالى ولكن أكثر النّاس لا يعقلون. وهي نفس ما تخلّص مِنْ شرّها أحد إلاّ بتسديد من الله ورحمة.
يقول الله تعالى: (و لولا فضلُ الله عليكم و رحمتُهُ ما زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أحدٍ
  أبَدا )النور / الآية 21
فالنّفسُ الأمّارة بالسّوء قرينها الشّيطان يَعِدُها و يُمَنِّيها و يأمُرها بالسُّوءِ و الفحشاء.
هذه هي الحالات الثلاث الّتي تعتري النّفس البشرية  ، فاختر لنفسك  أخي الحبيب حالا يقربك إلى الله و الجنّة، ويُبَاعِدُك  مِنَ النّار و أهلها ، والحمد لله على كُلِّ حالٍ و نعُوذُ بالله مِنْ حال أهل النّار.
 السّبت 20أوت2011            أ. مصطفى عبدالله ونيسي/ باريس

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire