بسم الله الرّحمان الرّحيم
الثّورة ليست فوضى و لا تسيّبا. 4/1
ثورة 14 يناير 2011 المجيدة ما أجملك و ما أعظمك، لولا أنّ بعضا من
أهلك أساؤوا إليك سواء عن حسن أو سوء نيّة .
ثورة حاسمة اعتمدت آلية ( ديقاج/ ارحل )
للإطاحة برأس نظام الاستبداد، فأعادت للتونسي المحروم من حقّه في المواطنة عزّته و
كرامته، فَوُلِد التّونسي ولادة جديدة و أصبح أينما حلّ محلّ احترام و تقدير. ولكن
ما نلاحظه بعد مرور سنتين من الإطاحة بنظام الفساد، أنّ فرحة التّونسي لم تكتمل
بعد، و أنّ هذه الفرحة لن تكتمل إلاّ بعد استكمال الثّورة أهدافها.
و من أجل تحقيق مطالب ثورتنا المجيدة و سدّ الطّريق أمام أعداء
الثّورة للالتفاف عليها وإفراغها من
مضمونها نوّجه رسائل إلى مختلف الأطراف الوطنيّة المسؤولة عن مستقبل بلادنا تونس.
رسائل نوّجهها إلى حكومة(الترويكا) و المجلس الوطني التأسيسي و المعارضة ومؤسسات
المجتمع المدني والشعب صاحب السّيادة الحقيقيّة.
هي خمس رسائل نوجهها لهذه الأطراف
الوطنيّة لنحمّلها مسؤوليتها التّاريخية أمام الله وأمام الشّعب، حبّا لهذا الوطن
وغيرة على مصالحه و ثورته المجيدة.
الرّسالة الأولى: إلى حكومة الإتلاف
الثلاثي ( الترويكا)
لا شك أنّ حكومة الترويكا هي
إفراز لانتخابات 23أكتوبر 2011، و هي
حكومة تحظى بشرعيّة حقيقيّة يسندها مجلس وطني منتخب ، وهي بهذا المعنى قويّة و
مؤهلة للحكم، ولكن على مستوى الإنجاز و الممارسة هل كانت كذلك؟
لم
يقم الشّعب بثورته العظيمة من أجل ترقيعات جزئيّة و أنصاف حلول و البحث عن حيل و مصوّغات
للتعايش مع جزء من نظام الفساد و
الاستبداد، و ذلك لأنّ الفساد لم يكن في
القّمة فقط و إنّما هو أخطبوط طال كلّ مؤسسات الدّولة و جميع القطاعات الحيويّة . فكان المطلوب
شعبيّا و ثوريّا التسريع باستئصال جذور الفساد و تطهير مؤسسات الدّولة من الفاسدين لأن الثّورة لن تؤتي ثمارها ما لم
يكن الإصلاح جذريّا و شاملا
و سريعا. الشّعب انتخب نوّابه من أجل أن ينتقلوا بالبلاد من وضع سياسيّ
استبداديّ إلى وضع سيّاسيّ ديمقراطي. فالثّورة فرضت على الجميع خارطة طريق كان
المفروض إنجازها في أسرع وقت ممكن لتستكمل الثّورة أهدافها. الثورة كانت من أجل الكرامة ، و لا كرامة من دون شغل وتوزيع
عادل للثروة بين مختلف جهات البلاد و خاصة منها المحرومة في مناطق الظّل. لا كرامة
و لا انتاج من دون توفير للأمن وتوفير الطمأنينة للمواطنين و المستثمرين على
أنفسهم و ممتلكاتهم و أعراضهم. فتوفير الأمن ضرورة من ضرورات الحياة و الاستقرار و
شرط لازم لتطبيق القانون و احترام مؤسسات الدّولة و استعادة هيبة الدّولة. لا
كرامة من دون تطهير لسلك القضاء وإصلاح الإدارة وإعلام حرّ و مستقل. لا كرامة من
دون تكريم للشهداء و لأهاليهم ،و لا كرامة من دون محاسبة للفاسدين وإحالتهم على
القضاء ..... مطالب ثورية كان المطلوب الإسراع بإنجازها ، فهل كان أداء الحكومة في
المستوى المنتظر؟
الواضح أنّ أداء الحكومة كان بطيئا و
متردّدا و دون المستوى في أحيان كثيرة، ولكن هل يكون هذا مبررا للإنفلات و التسيب
و الفوضى! كما أنّنا نقدّر أن الحكومة ارتكبت أخطاء كثيرة و منها اعتماد بعض
المقاييس في بعض التعيينات التّي لم تكن في صالح الدّولة . أخطاء كثيرة ارتكبتها
حكومة الترويكا و لكنّها لا يمكن أن
تُصوّغ لبعض الأطراف استهداف الحكومة بالتحريض و التشويش عليها في إنجاز برنامجها
، فعمل مثل هذا لا يُعدّ بحال من الأحوال عملا ثوريا، و إنما هو سلوك متخلف و عمل
يصب في مصلحة أعداء الثّورة.
الشّعب اختار هذه الحكومة لتمارس حقّها
في الحكم و تطبيق برنامجها و للشّعب وحده أن يحاسبها عبر صندوق الاقتراع في
الانتخابات و سائر الاستحقاقات القادمة.
فالحكومة مطالبة ثوريّا و شعبيّا أن
تستجيب لمطالب الثّوار في الحريّة و الكرامة و المساهمة مع سائر الأطراف الوطنيّة
في الخروج بالبلاد من وضع الاستثناء إلى
الوضع الطّبيعي الّذي تكون الكلمة العليا فيه للقانون و المؤسسات .
باريس 3/12/2011
مصطفى عبدالله
ونيسي /باريس
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire