ما بقي من انطباعات حول حكومة جمعة:نجحت في تأمين الانتخابات وفشلت اجتماعيا واقتصاديا

فشل ذريع على المستوى الاجتماعي والاقتصادي يقابله نجاح نسبي على المستوى الأمني وتوفق في تحقيق الهدف الأساسي وهو تأمين المسار الانتخابي... حكومة جمعة اجتهدت طيلة سنة من العمل في عدم التورط ولكنها ورطت جانبا مهما من التونسيين.
تونس ـ الشروق:
82 بالمائة من التونسيين راضون عن أداء حكومة مهدي جمعة هذا ما انتهت إليه قبل أيام مؤسسة سبر الآراء «سيغما كونساي»، فيما عبّر 48 بالمائة من التونسيين في المقابل عن عدم رضاهم عن أداء هذه الحكومة في المجال الاجتماعي والاقتصادي.
الآراء تختلف من مواطن إلى آخر ومن محلل أو خبير إلى آخر لكن الجميع يلتقي عند الإقرار بنجاح حكومة جمعة في تحقيق أهم أهدافها وهو إنجاح المسار الديمقراطي والوصول إلى إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في مواعيدها. كما نجحت في مراجعة التعيينات السياسية والإدارية (تعيين 21 واليا و120 معتمدا و40 رئيسا مديرا عاما ومديرا عاما للشركات الوطنية)وحماية الشخصيات السياسية المستهدفة بالاغتيالات بالإضافة إلى تحييد المساجد.
وحسب ما صرح به الخبير والحقوقي عبد اللطيف الحناشي لــ«الشروق» فإن الرباعي الراعي للحوار حدد لحكومة جمعة 11 نقطة نجحت في واحدة فقط وكان نجاحها نسبيا في نقاط أخرى فيما فشلت في البقية وأوضح أن النقطة الوحيدة التي حققت فيها نجاحا باهرا هي إجراء الانتخابات واستكمال المؤسسات والهيئات الدستورية وأما النجاح النسبي فكان حسب رأيه على المستوى الأمني.
نجاح نسبي
حققت حكومة جمعة ـ وفق الأستاذ الحناشي ـ نجاحا نسبيا في المجال الأمني عبر العمليات الإستباقية التي مكنت من تعقب الإرهابيين والكشف عن مخططاتهم قبل تنفيذها لكن الرائد المتقاعد عبد الحميد الجراية (مؤسس النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي) يلاحظ أن نجاح هذه الحكومة على المستوى الأمني ضعيف مقارنة بالتطلعات. ويوضح لـ«الشروق» أنها وجدت الظروف مهيأة لمقاومة الإرهاب (اتفاق سياسي وشعبي على ضرورة مقاومته) لكنها لم تقدم الكثير.
ويضيف أن العمليات الاستباقية والنجاحات العديدة على المستوى الأمني كانت نتيجة تضافر جهود الأمنيين والمواطنين. ويشير إلى أن حكومة جمعة كانت قادرة على الكثير من الإنجازات على المستوى الأمني ولكنها لم تقم بواجبها واستشهد على رأيه بعدم تمرير قانون الإرهاب حتى اليوم وعدم أصلاح المنظومة الأمنية على الأقل في مستواها القانوني وتواصل معاناة الأمنيين من النقص الفادح في التجهيزات رغم التحسن الطفيف مقارنة بالفترات السياسية السابقة.
وينتهي هذا النقابي إلى أن حكومة مهدي جمعة أخفقت بامتياز في التعامل مع ملفات الاغتيالات.
أزّمت الوضع الاجتماعي
فشلت حكومة جمعة بامتياز على المستوى الاجتماعي إذ لم تقو على محاربة الفقر ولا على تقليص نسبة البطالة ولا على محاربة الفساد والرشوة.
هذه الحكومة كانت محظوظة بانخفاض أسعار النفط الخام في العالم لكنها لم تخفض في أسعار المحروقات ولم تقدر على مواجهة الارتفاع المشط في أسعار المواد الاستهلاكية واجتهدت في تجميد المفاوضات الاجتماعية حتى لا تتورط بالإمضاء عليها فكانت النتيجة تدهور المقدرة الشرائية وعجز المواطن (الفقير ومتوسط الحال) عن شراء العديد من المواد الاستهلاكية الضرورية. والأكثر من هذا أنها كانت حسب المحلل عبد اللطيف الحناشي سببا في تأزم الوضع الاجتماعي لأنها ـ وفق تأكيده ـ أبرمت بعض الاتفاقات مع أطراف نقابية ثم تراجعت في تنفيذها فلجأت بعض النقابات إلى الإضرابات ما أثار سخط المواطنين ودفعهم إلى الاعتقاد بأن الاتحاد العام التونسي للشغل يقف وراء تعطيل مصالحهم والحال أن الحكومة هي المسؤولة عما حدث على حد قوله. على أن أكبر مظاهر الفشل يبدو على المستوى الاقتصادي.
فشل بالأرقام
«كنا ننتظر الكثير من هذه الحكومة على المستوى الاقتصادي بالنظر إلى تركيبتها (حكومة كفاءات) وإلى خبرة أعضائها وتجربتهم لكننا نقف اليوم على فشلها» يستدل الخبير الاقتصادي معز الجودي على تقييمه هذا بالأرقام الرسمية التي تثبت عدم تحسن أي رقم أو نسبة في ما يتعلق بالعجز في المديونية والعجز في الميزانية والعجز في الميزان التجاري (بلغ هذه السنة رقما قياسيا وهو 13.7 مليار دولار بعد أن كان في حدود 5 مليارات). ويضيف هذا الخبير لـ«الشروق» أن الاستثمار (الداخلي والخارجي) كان منعدما في حكومة جمعة كما أن الإصلاحات الاقتصادية كانت غائبة. ويستدرك ليلاحظ أن الإصلاح الوحيد كان في مستوى تحسن المؤشر الجبائي غير أنه كان ـ حسب رأيه ـ على حساب المواطن الذي دفع وحده فاتورة هذا الإصلاح. ولكن ما هي أسباب هذا الفشل والحال أن حكومة جمعة كانت مدعومة وتحظى بالتوافق وبعيدة عن التجاذبات الحزبية. يضع هذا الخبير 3 أسباب في رده على هذا السؤال أولها أنها نالت ثقة الطبقة السياسية دون أن يكون لها برنامج واضح حتى تحققه، وثانيها أنها لم تجد المعاضدة من الأطراف السياسية حتى تتخذ القرارات اللازمة، وثالثها أن المجلس التأسيسي كان يمسك بكل شيء ما أعاقها عن القيام بالإصلاحات الضرورية.
عادل العوني
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire