Articles les plus consultés

vendredi 10 avril 2015

حركة النهضة و الفصل بين الدّعوي و السّياسي

في انتظار انعقاد مؤتمر حركة النهضة ، بدأ بعض القياديين يلوحون بضرورة الفصل بين العمل السياسي و العمل الدّعوي و الثقافي .

لفصل بين السياسي والدعوي عند «النهضة»:مراجعة فكرية ام مناورة سياسية؟
10 أفريل 2015 | 11:06
أعلن قياديون من حركة النهضة عن وجود رغبة لديهم في فصل العمل السياسي عن العمل الدعوي وذلك لتخليص الحزب من بعض الأعباء، وتمّ في المدّة الأخيرة تغيير كلمة الدعوي بالثقافي واصبحوا يتحدّثون عن الفصل بين المسارين، فلماذا هذا الفصل وما هي دلالاته؟ 
تونس ـ الشروق:
تصريحات راشد الغنوشي سواء في حواراته أو خلال اللقاءات الصحفية، قال فيها مؤخرا إنّ مؤتمر الحركة المقبل سيتناول تغيير اسم الحركة والفصل بين الجانبين السياسي والدعوي، وقد استعمل في المدّة الأخيرة كلمة الثقافي عوضا عن الدعوي.
العبء الثقيل
الواضح أن ثقل بعض الرموز التاريخية والسياسية داخل حركة النهضة مثل الحبيب اللوز والصادق شورو، لم يمكّن الحركة من التحرّك جيّدا، اذ أنهما يعتبران أنّ الهوية الايديولوجية للنهضة هي التصوّر الاسلامي لكل مرافق الحياة ويعتبرون ان الدين الاسلامي هو دين شمولي تشمل رؤاه كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والقيمية... وبالتالي لا يمكن بالنسبة اليهم الحديث عن تصوّر سياسي للدولة والمجتمع منفصل عن نفس التصور لبقية مناحي الحياة، وهو بالنسبة اليهم أيضا مصدر القوّة، ويكتب أحد الكتاب المحسوبين على تصورات «النهضة» الايديولوجية البحري العرفاوي أنّ التونسيين صوتوا سنة 2011 «بأغلبية لحركة «النهضة» في الإنتخابات الأخيرة، فالناس في الغالب لم يصوتوا لبرامج وأفكار إنما صوتوا لأوجاع هؤلاء ونضالاتهم وصدقيتهم وسيظلون يفعلون ذلك دائما ماداموا مستقيمين» بما معناه أنّ الجانب الدعوي هو الذي كان وراء وصولهم الى السلطة، فالدعوة بالنسبة اليه استجلاب للجماهير من أجل نشر الأفكار وتوسيع القاعدة ما أمكن.
الاحراج السياسي
الاّ أن التصوّر الذي يمكن أن نصفه «بالبراغماتي» أي النفعي داخل حركة «النهضة»، يعتقد أنّ عملية الفصل بين الدعوي والسياسي تعني على المستوى الهيكلي الفصل بين الحزب والحركة، وبالتالي التخلص من عبء ايديولوجي أضر بصورة الحركة سياسيا، وجعل الخصوم يتكئون عليه لنقدهم واحراجهم، باعتبارهم حركة اخوانية دينية ليست ديمقراطية وهي معادية لمدنية الدولة والمجتمع، لذلك فانه في المستوى التكتيكي يكون الفصل بين السياسي والدعوي/الثقافي مدخلا مهما للتخلص من ترسانة الانتقادات والتشكيك ومشكل الثقة في تصوّر النهضة السياسي والحضاري للدولة، وهو أمر له استتباعاته على المستويين الوطني والدولي.
الحزب والحركة
فالحزب يكون هو الجهاز السياسي الذي يقدم التصورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ويدخل معترك الانتخابات ويعطي الموقف من الأحداث التي تعيشها البلاد والعالم في حين يكون للحركة الجانب الدعوي والحركة عند العرفاوي ستكون «هي المنبت الخصب لتكوين أجيال من السياسيين القادمين مجهزين برؤية عملية وسيكون «الجهاز» هو المحرك الذي يستمد وقوده من «الحركة» بل سيكون هو خلاصة التكوين العقدي أي «الدعوي».
بهذا المعنى، فانّ الفصل سيجعل من الحركة رافدا دعويا لأفكار وتصورات الاسلام السياسي منظورا اليه من النهضة لفائدة الحزب السياسي الذي يعلن مدنيته وانتصاره للدولة المدنية، وعلى هذا الآساس فان عملية الفصل ليست عملية استبعاد لهوية الحزب الايديولوجية ولا تخلّصا من الارث الاخواني الاسلاموي وليست كذلك مراجعة لأدبيات ولوائح ومقررات حركة «النهضة» منذ الثمانينات الى اليوم، بل هي عملية مراجعة هيكلية تدخل في باب التكتيك لا غير، فهي خطوة تبعد ثقلا دعويا عن الجهاز السياسي وتلقي به في تفاصيل المجتمع للعمل «ثقافيا وفكريا وعقديا» من أجل توسع ذلك الجهاز، وبالتالي فان الدعوي بهذا المعنى ليس الا جناحا تنظيميا لا ينفصل في نهاية المطاف عن الحزب بل ينطلق منه ويصب فيه ويعود اليه.
الدعوة الى ماذا؟
ولكن السؤال المطروح، اذا كانت النهضة تريد رداءً جديدا بعيدا عن التكلّس الايديولوجي وتريد عنوانا جديدا على أنها حزب ليبرالي محافظ يؤمن بالديمقراطية وبمدنية الدولة، فماهي الدعوة التي تريد تركيزها في المجتمع؟ ثمّ الدعوة الى ماذا؟ الدعوة التي تعمل من أجلها النهضة ستكون موضوع الحركة وربما تأخذ شكلها الهيكلي في شكل جمعية أو منتدى... في حين سيكون الحزب الجهاز السياسي بكل ما يشمله من مجالات، وسوف تكون الدعوة في نهاية المطاف إلى تصورات الحزب للدولة وهي في نهاية المطاف الدولة الاسلامية وستعمل من أجل «خونجة» المجتمع والدولة، وهي نفس التصورات التي لم تعمل حركة النهضة على تغييرها أو مراجعتها، بل إنّ ما تقدمه من تصورات عن مدنية الدولة وعن الديمقراطية يبقى الى حدّ الآن مجرّد خطاب اتصالي لا يرقى الى مستوى المراجعات الفكرية والأدبية، وبالتالي فانّ الدعوة التي أطلقها قياديون من النهضة من بينهم راشد الغنوشي عن الفصل بين السياسي والدعوي أو الثقافي لم تكن دعوة ناتجة عن حراك فكري وثقافي وسياسي وعن جدل وصراع داخل الحركة نفسها وبينها وبين بقيّة مكوّنات المشهد السياسي بل هي استجابة لوضعية سياسية تاريخية تمرّ بها البلاد والمنطقة العربية وهي بالتالي تدخل في باب الضرورة السياسية وليس المراجعة السياسية.
منجي الخضراوي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire