Articles les plus consultés

mardi 21 avril 2015

للأرشيف


******************
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد الصادق الأمين
الرسالة التي أخطأت وجهتها وعدمت وجاهتها
(الجزء الرابع)


اطّلعت – على عجل، وأنا على أهبة سفر – على مقال للأستاذ “مصطفى لونيسي” بعنوان ” لا يا أمير الدّعاة ما أخطأت رسالتنا وجهتها ” ردّا منه على ما كنت نشرته بموقعيْ “تونس نيوزنت” و”الحوار نت” من مقالات بعنوان: ” الرّسالة التي أخطأت وجهتها “، نقدا لرسالة الأستاذ لونيسي، التي كان وجّهها إلى وزير الشئون الدينية التونسي بوبكر الخزوري. ولم يتيسر لي ألاّ اليوم نشر ما كنت وعدت به من مزيد نقد لرسالة الأستاذ ” لونيسي” تلك، وذلك للإبانة عن انعدام وجاهتها بعد أن كنت بيّنت في تلك المقالات السّابقة خطأ وجهتها، مرجئا تعقيبي على ردّ الأستاذ “لونيسي” الأخير لوقت لاحق، إن شاء الله.
تناقض في مواقف الأستاذ ” لونيسي” إزاء قضية الحجاب
وممّا يثير الحيرة من خطاب السيّد “لونيسي”، تناقض مواقفه إزاء قضية الحجاب؛ ففيما نراه من جهة، يُعرب في رسالته هذه عن انشغاله بحال المحجّبات التونسيات، وما يعانينه بسبب المنشور 108 من متاعب، حيث قال ” أُصارحكم سعادة الوزير أنّ حال المحجبّات في بلادي وما يعشنه يشغلني ويشغل جزءا كبيرا من التونسيين. إنّ ما يُعرف بمنشور108 القاضي بمنع الحجاب، بحجة أنّه لباس طائفي، في المؤسسات العمومية قد تسبب تطبيقه في الكثير من المتاعب لتونسيات كثيرات، هنّ أمّهاتنا وأخواتنا وبناتنا وزوجاتنا، من طالبات وتلميذات وموظّفات وعاملات..”[1]. 
واهتمام الأستاذ “لونيسي” لمحنة المحجبات، واهتمامه بأمرهنّ موقف محمود يشكر عليه.
غير أنّا وجدنا – من جهة أخرى – للأستاذ لونيسي موقفا آخر مخالفا لهذا، أنكر فيه الحرب على الحجاب! وذلك في تصريحه الذي كان أدلى به إلى صحيفة “الحقائق الدولية” (الاليكترونية) بتاريخ 2 سبتمبر 2007 إثر عودته من زيارته التاريخية لتونس، ونشر كذلك بموقع “تونس نيوز” يوم 3 سبتمبر 2007 حيث قال “لونيسي” صراحة: ” أما عن الحجاب..شخصياً لم أر حرباً لا جزئية ولا شاملة، قد يكون ذلك بسبب قصر المدّة التي قضيتها، ولكن ما أؤكده أن المحجبات في كل مكان، وعددهنّ إن لم يتجاوز عدد غير المحجبات، فلا يقلّ عنهن، هذا ما رأيته “[2]. 
هكذا نفى الأستاذ “لونيسي” أن يكون هناك في تونس حرب على الحجاب، لا جزئية ولا شاملة! ودليله في ذلك أنّه لم يرها هو شخصيا! ولأنّ مدّة إقامته هناك بتونس كانت قصيرة، فهو بهذا يُنكر وجود حرب فيها على الحجاب! وهكذا بدا الأستاذ “الونيسي” في إثر عودته من زيارة تونس، وكأنّ حرارة لقائه بأحبّته هناك قد أثّرت في حواسّه، فألقت على عينيه غشاوة حجبت عنهما رؤية ما تعانيه “أمّهاته وأخواته وبناته من طالبات وتلميذات وموظّفات وعاملات”، من محنة! وجعلت كذلك في أذنيه وقراً، منعهما من سماع دويّ الحرب الشعواء على الحجاب والمحجّبات، رغم بلوغ صداها القارّات الخمس! غير أنّ السيد لونيسي أكّد تزايد عدد المحجّبات في تونس.
ولكن ما مراده بهذا التّوكيد؟! هل يريد بذلك، تعزيز شهادته هذه بانعدام وجود هذه الحرب! أم يريد به إرجاع الفضل في انتشار الحجاب إلى حكّام السابع من نوفمبر! كما ذهب إلى ذلك أخوه عمر النّمري. وهو ما يدعونا حقّا إلى التّساؤل: عن سرّ هذا التوافق بين الإخوة العائدين من زيارة تونس، في الانطباع والحكم والاستنتاج؟ أتواصوا به؟! أم هو من قبيل توارد الخواطر، أو وقوع الحافر على الحافر! كما يقول نقّاد الشّعر في تطابق بعض أشعار الشعراء العرب مع تباعدهم في الأعصار والأقطار!
هذان الموقفان المتناقضان، الصّادران من الأستاذ “لونيسي” تجاه قضية الحجاب والمحجّبات في تونس، يُوقعان المرءَ في حيرة، تحمله على مساءلة الأستاذ “لونيسي”: ترى ما هو موجب إنكارك الحرب على الحجاب أوّل الأمر، مع تواتر أخبارها؟ وما موجب إقرارك بها بعد ذلك، من دون أن تعترف صراحة أو ضِمنا بخطئك، وتعلن تراجعك عن شهادتك؟!
فهل نسي الأستاذ “لونيسي” شهادة التبرئة تلك؟ أم قالها استعطافا! لضمان استبقاء باب الزيارات مفتوحا؟! أم هي ما كانت إلا مجرّد شهادة مجاملة أدلى بها، عُربونَ عرفانٍ وشكرٍ وامتنانٍ! لمن منّوا عليه بحقّه في زيارة الوطن، بعد سني الغربة واللجوء السّياسي الذي – قال “لونيسي” – إنّه طال أكثر من اللازم![3]. وكأنّ الأستاذ “لونيسي” قبل هجرته اشترط على ربّه سبحانه أن تكون هجرته في سبيله محدّدة بزمن! لا ينبغي أن يتجاوزه!! أم نسي “الونيسي” أنّه بما منّ الله به عليه من نعمة الهجرة تلك، قد نجّاه من السّجن ووقاه محنته، وجعل له في الأرض مراغما كثيرا وسَعَةً؛ فقضى سني غربته كلَّها بفرنسا حرّا طليقا، يتقلب في النعيم والرفاهية، ويتجوّل في المنتزهات والحدائق الباريسية، لا رقيب عليه ولا نذير! فيما قضى إخوان له تلك السّنين – بل ضِعْفها – حبيسي السّجون والمعتقلات، ورهائنَ بمعازل العنابر والزنزانات، صابرين محتسبين – ومع ما أصابهم من القهر والإذلال، وما صبّ عليهم أعوان 7 – 11 من صنوف العذاب والنكال، أفضى إلى استشهاد بعضهم، وإصابة معظم الأحياء منهم بأمراض مستعصية – فهم ثابتون ثبات الجبال الرّاسية، حتى انّهم ليصدق فيهم قول الله تعالى ( فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ) [آل عمران:146] ( فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) [الأحزاب: 23]. 
ولسنا ندري ما عسى أن يكون حال الأستاذ “لونيسي” لو كتب عليه – لا قدّر الله – أن يكون يوما نزيلَ إحدى تلك المسالخ الآدمية الرّهيبة! لوحوش السّابع من نوفمبر الرّعيبة! 
وتناقض مواقف “الونيسي” هذا حيال قضية الحجاب، يضعه بين خيارين لا ثالث لهما:  
- فإن كانت شهادتك تلك للحفاظ على خطّ الرّجعة، أو على سبيل المجاملة! فهي شهادة زور– والعياذ بالله – يتوجّب عليك التّراجع الفوري عنها، والمسارعة توّا إلى إعلان توبتك منها.
- وأمّا إن كنت يا أستاذ لونيسي مصرّا على شهادتك تلك، على أنّها شهادة حقّ!! فإذن ما موجب إرسالك هذه الرّسالة إلى الوزير، وإعرابك فيها عن انشغالك بمحنة المحجّبات، وكيف تقرّ اليوم بما كنت تنكره بالأمس؟! 
فهل لك يا أستاذ “لونيسي” أن تفسّر لنا تعارض مواقفك هذه، وتضاربَها، وكيف السّبيل إلى التّوفيق أو الجمع بينهما مع تناقضهما؟! حيث يستحيل في حكم العقل الجمع بين النّقيضين؛ فبأيّ الموقفين يا ترى أنت متمسّك؟ وهل جاء موقفك الأخير الذي أعربت عنه في رسالتك، ناسخا لشهادة التبرئة التي أدليت بها في أعقاب عودتك؟! بيّن لنا – يرحمك الله – موقفك بما يعطي وجاهة لرسالتك، وإلا  كانت راسلتك هذه عديمة الوجاهة! 
إعلان رهط 7 – 11 الحرب على الحجاب يدحض شهادة الونسي بتبرئتهم! 
وما كان أغنى الأستاذ “لونيسي” عن تلك الشّهادة! مع إعلان حكّام السابع من نوفمبر من أعضاء الحزب والحكومة – على اختلاف مَصافِّهم ومراتبهم – هذه الحرب الشعواء على الحجاب، وتظاهُرِهم على دين الله ومحادّتهم لله ورسوله. وتلك تصريحاتهم الإعلامية، وخطاباتهم النّارية، وإجراءاتهم التنفيذية، التي تواترت أخبارها، وتناقلت مختلف وسائط الإعلام الوطنية والأجنبية، وقائعها وفواجعها – بما كفانا مئونة ضرب الأمثلة لك منها أو سرد الأدلة عليها – كلّها تمثّل اعترافا صريحا منهم بجنايتهم، ومعلوم أنّ  الاعتراف – كما يقال – سيّد الحجج في الإثبات، وهو ما يجعل شهادة الأستاذ “لونيسي” وشهادة جميع الذين وافقوه في تبرئة ساحة رهط السابع من نوفمبر من هذه الجرائم، داحضة؟! ألا يخشى – بعد كلّ هذا – الشيخ “لونيسي” وغيره من الشهود عاقبة تلك الشّهادة؟!
صورة تونس أولى بالاعتبار في رأي الونيسي من حرمة الحجاب والمحجبات!
وإذا كان عُذر الأستاذ “لونيسي” في إنكاره وجودَ حرب على الحجاب، أنّه ما شهد إلاّ بما رأى؛ فهل يعني هذا أنّه لا يصدّق من الحقائق والوقائع إلاّ ما تقع عليه عينه! وأمّا ما سوى ذلك ممّا يجري على الإسلام وأهله من حملات ومِحنٍ ونكبات، فجميعها منعدمُ الوجود في حكم الأستاذ “لونيسي” ما دام أيّ شيء منها لم يقع تحت عينه؟! أو هو – كما قال – ” أما ما سمعته وقرأته فشيء آخر، مفاده أن السلطة في مواجهة شاملة ضد الحجاب وضد مظاهر التدين، ورأيي الخاصّ حتى ولو كان ذلك حقاً سواء بصفة كاملة أو جزئية، فإن ذلك ليس سبباً لتشويه صورة تونس في الخارج والمحافل الدولية، وتصوير بلادنا على أنّها وكراً للفجور والدعارة والكفر والإلحاد..”[4]. 
هكذا يصرّ الأستاذ لونيسي على التشكيك فيما سمع وقرأ، وحتى مع تسليمه لمخالفيه – جَدَلاً – باحتمال وجود حرب كلية أو جزئية على الحجاب ومظاهر التديّن، مع عدم يقينه بذلك؛ فإنّه ينبغي علينا – في رأيه الخاصّ – التّغاضي عنها والتكتّم عليها! لتستمرّ تلك الحرب الفاجرة ماضيةً في صمت، دونما صخب ولا شغب! وذلك لئلاّ يُساء إلى سمعة تونس أو تُشان صورتها!! ومغزى كلام الأستاذ لونيسي هذا، أنّ الحرب على الحجاب والمحجّبات مسألة هيّنة! بالقياس إلى (جريمة)! تشويه سمعة تونس، وشَيْنِ صورتها في المحافل الدولية! حيث قال صراحة في رسالته ” ولكن كلّ شيء ما دون مصلحة البلاد يهون. عزاؤنا جميعا مهما اختلفت أراؤنا ومذاهبنا، وكذلك مواقعنا، أنّ تونس هي القاسم المشترك بيننا الذّي لا ينبغي لأحد منّا أن يفرّط فيه، وهي أولى منّا جميعا بالنُّصح والمحبّة والإخلاص والولاء “[5]. 
وعلى هذا يبدو أن سمعة تونس وصورتها أعظم حرمة لدى الشيخ “لونيسي” من حرمة الحجاب والمحجّبات والشعائر الإلهية والمقدّسات، كما يُفهم ذلك من فحوى الخطاب!!
من هم الجناة على تونس وسمعتها؟
أليس من الغريب أن يعمد الأستاذ “لونيسي” إلى كيل التّهم لإخوانه المدافعين عن حرمات الإسلام الجريح في تونس، بدعوى تسبّبهم في تشويه سمعة البلاد، فلا يني في رميهم بتلك التّهم الباطلة جزافا هنا وهناك، متجاهلا في الآن نفسه الجُناة الحقيقيين على تونس وصورتها وسُمعتها! 
ثم ها هو ذا “لونيسي” يعود، ويقرّ بعد ذلك صراحة في رسالته بأنّ المنشور 108 ” جلب لواضعيه انتقادات لا حصر لها، لا من جانب علماء الفقه والشريعة في العالم الإسلامي وحسب، بل حتى  من غير المسلمين  المدافعين عن حقوق الإنسان. كما أنّه كان سببا لتشويه صورة بلادنا الدّينية لدى بقية الشعوب العربيّة والإسلاميّة ولدى أوساط الجاليات الإسلامية العربية وغير العربية المقيمة في بلاد الغرب وخاصة منه فرنسا، وأنا أدرك جيّدا ما أقول..”[6]. 
فمن هو إذن الجاني الحقيقي على تونس، والمسيء لسمعتها، والمشين لوجهها وصورتها يا ترى؟! وهل يرمي المدافعون – من غير المسلمين – عن حقوق الإنسان بانتقاداتهم حملات رهط 7 – 11على الحجاب بوصفه اعتداء على الحرية الشخصية، إلى تشويه سمعة تونس كذلك وتصوير بلادنا على أنّها وكر للفجور والدّعارة؟! 
إنّ الذين جنوا حقّا على تونس ذاتِها، فاستباحوها، بأهلها وأرضها وعِرضها، فضلا عن صورتها وسمعتها، يا أستاذ “لونيسي” – ولا يزالون – هم أولئك الرّهط الذين تسلّلوا لِواذاً في ليل السّابع من نوفمبر البهيم! سنة سبع وثمانين، فاستولوا خلسة على مقاليد الحكم في تونس، على حين غفلة من أهلها، فأخذوا بخناقها، وأحكموا قبضتهم عليها، ثم خرجوا علينا صباح اليوم التالي، يبشّروننا بالعهد الجديد! ويسمّون جريمة سطوهم المسلّح، الموصوفة، تلك والمستمرّة حتى اليوم – بل وإلى الأبد – عهد التحوّل أو التغيير! وها هي إحدى وعشرون سنة من عهد التغيير، أو تزيد، قد غيّروا فيها حقّا وجه تونس، فاستباحوا حرمات أهلها، واستعبدوهم، ونكّروا هويتها، وطمسوا معالمها؛ وكأنْ لم يكفهم كلّ هذا، فقرّروا الاستحواذ على حكم البلاد أبد الآباد! وها هي تونسنا الحبيبة الجريحة اليوم تئن تحت وطأتهم، ولسان حالها يقول كما قال الكُمَيت بن زيد الأسدي:
فتلك وُلاةُ السّوءِ قد طال ملكُهم    فحتّامَ حتّامَ العناءُ المطَوَّلُ؟!
إنّ رهط السّابع من نوفمبر، الذين تستجير أنت بهم في رسالتك، هم الجُناة الحقيقيون على تونس، بما ارتكبوا فيها – وما يزالون – من انتهاك مريع لحرمة دينها، وقهر أهلها، وطمس هويتها، وتزوير تاريخها، ومحق معالم حضارتها، ومسخ ثقافتها، وتبديل لسانها، وتضليل أجيالها وانتهاب خيراتها، وتحويلها حمأة وبيئة للمخازي والفواحش والمناكر..الخ، وفي كتاب “تونس..الإسلام الجريح” من الشواهد القاطعة والبراهين السّاطعة على جرائم هؤلاء الرّهط ما تتفطّر منه القلوب، وتشمئز منه النفوس. وكلّها أمور، شهد بها اليوم خبراء وبحّاثون تونسيون وأجانب، ومعظمهم من خصوم الإسلام، بل ومنهم أعداء للحركة الإسلامية ألدّاء، بما يجعلهم أبعدَ ما يكونون عن مظِنّة التّحامل أو الافتئات في شهادتهم على رهط 7 – 11، لصالح خصومهم. فإن كنت يا سيد “لونيسي” في شكّ من هذا، فانظر شهادة صحيفة “لومند” الفرنسية على ما يجري في تونس من فساد خلقي ألحقها ب” تايلاندا، وهو ما جعل كاتب المقال يختار عبارة:  “تونس على طريق تايلاندا”: 
( تيلندة تونس: Tailandisation de la tunsie[7]) عنوانا لمقاله.
وانظر كذلك دراسة عن السّياحة الجنسية في تونس، وهي من إنجاز باحثين وخبراء متخصّصين في جامعة كيبيك الكندية بعنوان:
 (بحث حول السياحة والجنس في تونس:  Tourisme et sexualité en Tunisie[8])
Note de recherche 
أما علمت يا أستاذ لونيسي – الغيور على سمعة تونس – بأنّ من نساء تونس لهذا العهد أمّهاتٍ عزباواتٍ!! كما شهد بذلك تقرير الدّيوان الوطني للأسرة والعمران البشري، والذي نشرت جريدة الصّباح نبذة منه. يقول التقرير” بلغ عدد حالات الإجهاض المسجّل بالعيادات الراجعة بالنظر للديوان فحسب نحو 10 آلاف و360 حالة خلال الفترة الممتدّة بين سنتيْ 2002 و2007…وأصبحت عديد الفتيات اللاتي حملن خارج إطار الزواج، يلجأن إلى عيادات الديوان للقيام بعمليات الاجهاض..وتطوّر عدد عيادات الصحّة الجنسية والانجابية لفائدة الشباب بجنسيْه خلال السّنوات الأخيرة بصفة ملحوظة.. وتشير المعطيات الاحصائية إلى تضاعفها خمس مرّات بين سنتيْ 2002 و2007 حيث ارتفعت من 11 ألف و500 عيادة إلى 56 ألف عيادة.. وبلغ عدد الخدمات التثقيفية الموجّهة للشباب خلال سنة 2007 قرابة 390 ألف عملية “[9]. علما بأن المراد بالخدمات التثقيفية)!! هو إمداد الشباب والفتيات ب(العوازل المطاطية)! وحبوب منع الحمل! عند المباشرة الجنسية!! 
وممّا جاء في تقرير الديوان كذلك قوله ” وفي هذا الصّدد وضع الديوان في اعتباره ما يمكن أن تفرزه ظاهرة تأخّر سنّ الزواج في تونس من تبعات خاصّة منها الحمل غير المرغوب فيه، والانجاب خارج إطار الزواج والعلاقات الجنسية غير المحمية، وتعرّض الشباب إلى خطر الإصابة ببعض الأمراض المنقولة جنسيا والعدوى بفيروس نقص المناعة. ومن الأنشطة التثقيفية التي دأب الديوان على تنظيمها سنويا لفائدة الشباب تلك التي تقام على الشواطئ وتستهدف المصطافين والمصطافات من المراهقين والشبّان قصد حثهم على تبنّي سلوك جنسي محميّ! ومسؤول لوقاية أنفسهم وتشجيعهم على الإقبال على الخدمات الطبية والنفسية[10]. 
فهل مع تلك الأبحاث والدّراسات وهذه الأرقام والاعترافات! والتحريض العلني على استحلال ما حرّم الله من العلاقات – الشّاهدة بذاتها بثبوت إدانة حكّام السابع من نوفمبر – ترتاب أنت يا شيخ “لونيسي” في سعيهم المنكور في تحويل بلادنا الحبيبة تونس إلى ماخورعالميّ – لا مجرّد وكر – للدّعارة والفجور! على ضفاف البحر المتوسط؟! 

أيّ وجاهة للرّسالة مع القبول بمقاصد المنشور؟!
ومن تناقضات الأستاذ “لونيسي”، بل سقطاته الكبرى؛ أنّه بعد استهلاله رسالَتَه بقوله ” أما آن لهذا المنشور أن ينسخ؟!” مناديا بإلغاء المنشور 108، عاد، فتراجع في خلال رسالته عن ذلك الطلب! ودعا إلى إعادة النّظر في المنشور ” بما يخدم مصلحة البلاد والعباد وبما يضمن أيضا تلك المقاصد التي من أجلها وُجدَ المنشور إبتداء “[11].
ثم عرض السيد “الونيسي” في آخر رسالته ” بعث مبادرة وطنية، تستحضر الأبعاد التي من أجلها وجد هذا المنشور ابتداء وتعمل في نفس الوقت على تجاوز سلبياته، وقد يُتّوجُ ذلك باقتراح صيغة تُجنِّبنا ما ترتّب عن هذا المنشور من إشكاليات وتعقيدات نحن في غنى عنها، دون أن نلغي هذا المنشور مرّة واحدة، فنحقق إن شاء الله تعالى في هذا المجال الحسّاس وحدتنا القومية ووئامنا الوطني وتناغمنا الإجتماعي، وبذلك وحده نكون أوفياء لديننا وأعرافنا الحميدة وخصوصياتنا التونسية”[12].
فهل يعي السيد “لونيسي” مدى ما وقع فيه من تناقض بين ما افتتح به رسالته من مطالبة بنسخ المنشور، وما اختتمها به من تأكيده المحافظة على مقاصده! وتسليمه ببقائه وعدم إلغائه؟!
ومن غرائب الأمور، أن يقف الشّيخ “مصطفى الونيسي” – خرّيج الجامعة الزيتونية وأستاذ الفقه والسّياسة الشرعية – من المنشور 108 هذه المواقف المتذبذبة! فيما يقرّ “حمة الهمامي” رئيس حزب العمّال الشيوعي التونسي – مع كفره بالإسلام وإنكاره لشرعته – بوجود حرب حكومية على الحجاب، ويعلن بكلّ شجاعة استنكارها، حيث ” اعتبر حملة السّلطة على المحجّبات انتهاكا للحرية الشخصية ودليلَ عجز النظام عن مواجهة قضايا المجتمع بغير الأساليب الأمنية, وطالب بوقفها وبإلغاء المنشور 108 الذي يحظر ارتداء الحجاب بالمدارس والمؤسّسات العامّة, داعيا القوى الديمقراطية لمؤازرة المحجّبات بشكل مبدئي وصارم لضمان احترام حقهنّ بالدّراسة والشّغل والتنقّل “[13].
غريب – والله – تأكيد الشيخ “مصطفى” المتكرّر على ضمان مقاصد المنشور! مع علمه بتلك المقاصد التي ما وضع المنشور إلاّ من أجلها! وهل وضع هذا المنشور الملعون! إلا لتعرية حرائر تونس قهرا! وإلزامهنّ بكشف مفاتنهنّ قسرا! في مخالفة صريحة من حكّام تونس لشرع الله، وانتهاك لحرماته، واعتداء على حدوده، حيث وصم المنشورُ لباس النّساء الشرعي ب”اللباس الطائفي المنافي لروح العصر والتطوّر السليم..انه يرمز لا محالة إلى ضرب من الشّذوذ والانتساب إلى مظهر متطرّف هدّام.. وحفاظا على سمعة معاهدنا وأبنائنا وبناتنا فإنني أهيب بجميع رؤساء المعاهد ورئيساتها أن يحرصوا على تطبيق التراتيب المشار إليها بما ينبغي من الجدّ والحزم، وأن لا يقبلوا من يتعمّد مخالفتها “[14].
تلك هي – يا شيخُ “مصطفى” – مقاصد المنشور، وأبعاده، وما شُنّت هذه الحرب الضّروس على حرائر تونس – طوال هذه السّنوات – إلا من أجل تحقيقها، فكيف تسلّم أنت بقبول هذه المقاصد الدنيئة، المناقضة للأحكام الشرعية مع تأكيدك على المحافظة عليها؟! 
فهل كان ذلك منك اقتناعا بصحّة دعواهم؟! أم جريا في هواهم؟! وأيّا كان الداعي، فهذه سقطة منك لا تُنتظَر، وكبيرة من مثلك لا تُغتَفَر! فهل نسيت – يا شيخ لونيسي – قول الله تعالى ( وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ) [المائدة : 49] وقوله تعالى ( وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) [البقرة : 120] أم تراك تناسيت وعيد الله – جل وعلا – لمن يجري في أهواء الظالمين، حيث قال سبحانه ( وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ) [البقرة : 145] وقوله جل ثناؤه ( وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ) [الجاثية : 19] .
فهل ترى تُبقي – يا شيخ مصطفى – مواقفك هذه المتناقضة في ذاتها والمناقضة للأحكام الشرعية من وجاهة لرسالتك؟!
(للموضوع صلة إن شاء الله)
فقير ربّه:
محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي

[1] – رسالة إلى وزير الشئون الدينية.
[2] – صحيفة “الحقائق الدولية” (اليكترونية – لندن) بتاريخ 2 سبتمبر 2007 “الحقائق” تحاور إسلاميا تونسيا يعود إلى بلاده بعد 26 عاما في المنفى. 
[3] – صحيفة “الحقائق الدولية” (اليكترونية – لندن) بتاريخ 2 سبتمبر 2007 بعنوان “الحقائق” تحاور إسلاميا تونسيا يعود إلى بلاده بعد 26 عاما في المنفى: مصطفى الونيسي: اللجوء السياسي طال أكثر من اللازم واستنفد أغراضه.
[4] – صحيفة “الحقائق الدولية” (اليكترونية – لندن) بتاريخ 2 سبتمبر 2007 “الحقائق” تحاور إسلاميا تونسيا يعود إلى بلاده بعد 26 عاما في المنفى : مصطفى الونيسي: اللجوء السياسي طال أكثر من اللازم واستنفد أغراضه.
[5] – رسالة لونيسي إلى الخزوري بعنوان ” أما آن لهذا المنشور أن يُنسخ؟!”بتاريخ 2. 7. 2008.
[6] – رسالة لونيسي إلى الخزوري. 
[7] – صحيفة “لو موند” الفرنسية في عددها الصّادر يوم 11. 07. 1992. 
Mansour El Feki  Département de sexologie Université du Québec à Montréal C.P. 8888, succursale  – [8] 
 Centre-ville Montréal (Québec) H3C 3P8 Canada . 
Mots-clés : Lévy, Laporte, El Feki, tourisme sexuel, dragueurs, VIH/sida, Tunisie.
[9] –  جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 20 أوت. تحرير سعيدة بوهلال. 
[10] – جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 20 أوت. تحرير سعيدة بوهلال. 
[11] –  رسالة لونيسي إلى الوزير الخزوري بعنوان ” أما آن لهذا المنشور أن يُنسخ؟!”بتاريخ 2. 7. 2008
[12] – رسالة لونيسي إلى الخزوري. 
[13] – مقال صدر بموقع الجزيرة نت يوم الأحد 2/10/1427 هـ – الموافق22/10/2006 م.
[14] – أصدر هذا المنشور وزير التربية والتعليم في حكومة محمد مزالي المدعوّ  فرج الشادذلي وهكذا يقع وزر إصدار هذا المنشورعلى كاهل بورقيبة ومزالي وحكومته، وعلى رهط 7 – 11 وزر فرْضه والتعسّف في تنفيذه وفتنة النسِاء التونسيات في دينهم بسببه.
************************************

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire