Articles les plus consultés

mercredi 16 janvier 2013

الحياة السّياسيّة في تونس


آلاف الإسلاميين يتظاهرون في تونس "دفاعا عن الشرعية"

السبت, 09 شباط/فبراير 2013 18:07

قييم هذا الموضوع
(0 أصوات)
آلاف الإسلاميين يتظاهرون في تونس "دفاعا عن الشرعية"



ظاهر آلاف من انصار حركة النهضة الاسلامية الحاكمة السبت في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة تونس بدعوة من الحركة دفاعا عن "شرعية الحكم".

ورفع المتظاهرون اعلام تونس وحركة النهضة وحزب التحرير الاسلامي الذي يدعو الى اقامة دولة خلافة في تونس وبعض اعلام تنظيم القاعدة ورددوا شعارات مثل "الشعب يريد حماية الشرعية" و"الشعب يريد النهضة من جديد" و"وحدة وطنية ضد الهجمة الخارجية".

 

كما رددوا شعارات معادية لحزب "نداء تونس" العلماني المعارض ولرئيسه الباجي قايد السبسي، الذي دعا الى حل المجلس التاسيسي اثر اغتيال شكري بلعيد، المعارض العلماني الشرس لحركة النهضة.

وردد المتظاهرون أيضا شعارات مناهضة لفرنسا مثل "ارحلي يا فرنسا" ردا على تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس.

وكان فالس انتقد في تصريحات الخميس "فاشية اسلامية تبرز في كل مكان تقريبا" بعد اغتيال بلعيد.

وجاءت المظاهرة في اطار من الانقسام ضمن الحركة الاسلامية، حيث أعلن رئيس الوزراء حمادي الجبالي عن عزمه تشكيل حكومة تكنوقراط قريبا، وهو ما يرفضه حزبه.
مقابر المسلمين

ومن جانب آخر، أعلن وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي أن الجيش التونسي يؤمن ضريح المعارض اليساري شكري بلعيد الذي اغتيل الاربعاء أمام منزله ودفن في مقبرة الجلاز بالعاصمة تونس.

وجاءت تصريحات الزبيدي مساء الجمعة بعد ورود شائعات عن اعتزام سلفيين نبش قبره واخراج جثمانه بدعوى انه "كافر وملحد" ولا يجوز دفنه في مقابر المسلمين.

وكان ابو عياض التونسي زعيم تنظيم انصار الشريعة السلفي الجهادي قد قال الجمعة "ندعو جميع المسلمين الذين ترحموا على ملحد معاد للاسلام واعتبروه شهيدا ان يتوبوا الى الله وان يراجعوا دينهم".

وقال البيان إنه من وصفهم بالملاحدة يجب ألا يدفنوا في مقابر المسلمين. ودعا متشددون على صفحات فيسبوك الى اخراج جثمان شكري بلعيد من قبره.

وفي تصريحاته لقناة تلفزيونية تونسية خاصة، دعا الزبيدي الى ابعاد الجيش عن "التجاذبات" السياسية في تونس .

وقال إن "المؤسسة العسكرية تعهدت بحماية اهداف الثورة، وهي تواصل حماية اهداف الثورة".

واضاف ان مؤسسة الجيش "لا تخدم احزابا ولا اشخاصا ولذلك "فلنتركها في منأى عن كل التجاذبات" السياسية في تونس التي شهدت الجمعة اضرابا عاما بالتزامن مع تشييع جنازة بلعيد.

وجاءت تصريحات وزير الدفاع في معرض تعليقه على تصريحات ادلى بها الهادي بلعباس وزير الدولة للخارجية والناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر، شريك حركة النهضة الاسلامية الحاكمة في الائتلاف الحاكم.

وكان بلعباس قال خلال مشاركته في برنامج تلفزيوني إن رئيس الجمهورية منصف المرزوقي سخر الجيش الوطني لتأمين جنازة بلعيد.

BBC




نصر الدين السويلمي

جريمة نكراء في ضاحية من ضواحي العاصمة التونسيّة .. رصاص .. دماء .. سيّارة .. قاتل..شاهد ..سائق ..صراخ .. اغتيال شكري بلعيد أحد أقطاب اليسار التونسي .. ليس هذا كل المشهد إنّما هي ومضة أخيرة من المشهد الضخم ، لم يأتِ قاتل بالعيد من آخر الشارع أو من الحيّ المجاور أو حتى من أحد الضواحي والمدن الأخرى، لقد جاء مشروع القتل من بعيد ثم تكفّل القاتل باللمسة الأخيرة، كان هناك عمل دؤوب ومجهودات جبّارة بذلت حتى تتهيّأ السّاحة لمثل هذه العمليّة ، لقد أعطيت إشارة الانطلاق لهذه الجريمة منذ أن دشّنت بعض الطوائف السّياسيّة والإعلاميّة المفلسة سياسة التهوين ثم التشكيك وصولا إلى نبذ العمليّة الديمقراطيّة برمّتها، من هناك منذ أن أعرضت الطوائف السّياسيّة المفجوعة في انتخابات أكتوبر عن ممارسة السّياسة بمفاهيمها المتعارف عليها دوليّا وضمن أطرها البديهيّة ، منذ أن هجرت هذه الطوائف العمل المؤسّساتي وانكبّت على حرق المؤسّسات وطَلّقت المؤتمرات والندوات والمنتديات وتصافدت مع سياسة التحريض والاعتصامات والحرق والنهب والثلب ، منذ أن أغروا الأطفال واستأجروا الأحداث وأصحاب السوابق بثلاثين وخمسين دينار مقابل حرق مقرّ أو نهب متجر، منذ أن أعطت هذه الطوائف إشارات انطلاق قانون الغاب ، منذ ذلك الوقت انطلقت الأشغال في عمليّة الاغتيال التي طالت بلعيد ورجال الأمن والشباب السلفي..هذه الطوائف المجرمة لم تتعظ من حالة الانفلات التي أحدثتها ولا اتعظت من إنشائها لبؤر صراع وتوتر جعلتها بدائل عن التنافس المؤسّساتي النزيه ولا هي اتعظت من نتائج إذلالها لمؤسّسات الدولة وإحداثها لفجوات كبيرة مرّت منها الجريمة في طريقها إلى ضاحية المنزه، كنّا نعتقد أنّ دماء شكري بالعيد ستجعل هذه الطوائف تهرع إلى دولة القانون والمؤسّسات وتنبذ العنف وتسحب ميليشياتها من الشارع حيث تعربد وترسكلها ثم تدمجها في العمل المؤسساتي ، فإذا بها تغوص أكثر في حرفة العصابات وتصرّ على تطويع الأرضيّة وتمهيد الطريق أمام اغتيالات أخرى، لقد مهّدوا الطريق لقتله ثم لمّا قتل أو قتلوه غمّسوا في الحرق والنهب والتخريب ليضيّقوا فجوة الاحتكام الى المؤسّسات ويوسّعوا فجوة الاحتكام إلى الحجارة والكبريت، مات الرفيق ففتّشوا وفكّروا عمّا يكرم مثواه ولم يجدوا أفضل من تجميع المناضلات واستعمالهن كنائحات يجتهدن في العويل والنواح من أجل تحسين شروط الفتنة.

كل شيء يهون في خدمة الفكرة الأمّ ، الفكرة التي يجب أن تتلف أوراق الاقتراع وتحرق الصناديق وتوجد بدائل تتناسب مع حالة الفشل المزمن، ليس المهمّ إذا التقت المتناقضات وأهين العِلم وأصبح الإعلام وباء ، تهون الوسائل مهما كانت قذرة في سبيل الأهداف الأقذر ، لذلك وتحت لافتة التصعيد الثوري وأمام الشهوة القاهرة للسلطة تصافت القلوب وفُتحت الأذرع واحتضنت تركة بن علي تركة ستالين وتعانقا طويلا ليذهبا وحشة السنين ، ونشأت بينهما العواطف والوشائج ، قاتل الله نعرة السلطة قامت إلى البروليتاريا والمنطق الجدلي والديالكتيك والوعي الطبقي فلمّت شملهم على لجان اليقظة والشُّعب ولجان التنسيق الحزبي والوداديّات ، أي طموح ذلك الذي ألّف بين 25 أكتوبر و7 نوفمبر وأي عواطف تلك التي غازلت 1917 فأوقعتها في غرام 1987 ، لينغمسا في الشهوة المحرمة !!.

تلك ثمرة مشوهة انتهى أمرها إلى تجمّع شيوعي أو شيوعيّة تجمعيّة ، وهذا إعلام يبدو مدنيا حداثيا في مظهره العامّ إلى حدّ النخاع ، لكنّه ذو مهام ملوّثة يقوم على وظيفة القراصنة القذرة ، يقرصن إرداة الشعوب لصالح عصابات سياسيّة فاشلة تاجرت باستثمارات الوطن وتاجرت بالمنظومة الكونيّة وبالمثليّة وبالإرث والأسرة والمرأة والطفل ، تاجرت بالخمر وبالخوف ثم انتهت إلى التجارة بالدماء ، تتاجر بدم شطرها ، عصابات شرقت بحب العجم ونمط جنسهم وشربهم وافراحهم واعيادهم وهامت في تجربة الاضواء الحمراء والليالي الصاخبة ، عصابة اعتقدت أن العلب الليلية والمثلية الجنسية ذروة الحضارة ، حتى اذا انحنت بوصلة الشعب نحو الهوية والاخلاق والمآذن أكل الحقد أكباد النخب المتغربة وتجرعت النقمة فهي تَجْتَرّ الكره بالليل والنهار ، فاصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله ..كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.

ويستمر نزيف الأخلاق مثلما يستمر الحريق، مشهد بائس وحالة تردي مقززة مثيرة للغثيان ونحن نقارن بين ذلك السلفي الجهادي أبو عياض وهو يطالب باحترام المؤسّسات في الوقت الذي يطالب فيه أستاذ ودكتور وبروفسور القانون الدستوري بالتخلي عن الدستور والقانون والفقرات والفصول والنصوص والاحتكام إلى أهل الحلّ كما أطلق عليهم، في خمرة أديولوجيّة مسكرة مذهبة للعقل ، وضع الصادق بلعيد ما درّسه عبر العقود للأجيال في سلّة المهملات واعتنق مذهب التصعيد الثوري، عميد القوانين الدستوريّة أسقط الأمانة العلميّة تحت لذّة الخصومة الفاجرة وأبطل مفعول القانون المنظّم للسلطات العموميّة ومفعول المجلس التأسيسي ومفعول انتخابات 23 أكتوبر ومفعول الحكومة ومفعول الرئاسة ومفعول جميع مؤسّسات الدولة وطرح المعارضة كبديل تستمد قانونيّتها من الشرعيّة الشعبيّة التي استمدتها على حدّ قول عالم القانون الدستوري من الجماهير تلك التي خرجت تحتجّ على اغتيال شكري بلعيد، بهذا يكون السّيد الصادق قد ابتدع أغرب تخريجة دستوريّة عرفتها جميع الدساتير منذ دستور حمورابي، وأي فصول دستوريّة أغرب من تلك التي تعطي الشرعيّة لجماعة تستمدّ شرعيّتها من ميليشيّات خرجت لتحرق البلاد وتنهب المحلات والمؤسّسات.

شيوعيّون ، تجمّعيّون ، دساترة ، خبراء دستور، حداثيّات ، حداثيّون ، علمانيّات ، علمانيّون ، نائحات ، نائحون ، إعلام ، نخب.. كلهم كفروا بالديمقراطيّة والمؤسّسات المنبثقة عنها ونبذوا القوانين والدساتير وراء ظهورهم واستنفروا القوى الثوريّة وفتحوا الباب أمام المتطوعين من الأزلام ودعموا صفوفهم بأصحاب السوابق واستنجدوا بسخاء فرنسا ، ثم حزموا أمرهم ونزلوا إلى الشارع ، حرقوا عشرات المقرّات واقتحموا محلات الذهب ومغزات المواد الغذائيّة ، ثوّار محمّلين بالثلاجات والتلافز ومسجلات وطاولات وكراسي وسيكان وكواتروات ومقرونة... ماذا هناك؟؟.. ماذا يحدث؟؟.. ما الأمر؟؟!!!... "لا شيء" ليطمئن الجميع، كله خير إن شاء الله ، إنّه التصعيد الثوري في نسخته الثانية ، هي قوى المجتمع الحيّة تصنع التاريخ ، إنّها القوى الديمقراطيّة بصدّد طرد الرجعيّة الشرعيّة وتحقيق أهداف الثورة.

بقلم الأستاذ بولبابة سالم

سعد الجميع بمبادرة السيد حمادي الجبالي لتشكيل حكومة تكنوقراط , لقد استجاب الرجل لضميره بعدما نفض يديه من كل الأحزاب وهو ما دعوته إليه في مقال سابق " هل يفعلها حمادي الجبالي ؟" . لقد أحسن الجبالي قراءة الواقع منذ مدّة و لاحظ صراعا محموما و شروطا مجحفة حول المناصب و محاصصة حزبية غريبة في الوقت الذي تعيش فية البلاد أزمة اجتماعية و اقتصادية و سياسية حادّة , و قد أكّد السيد محمد الحامدي المنسق العام للكتلة الديمقراطية في شهادة – للتاريخ - أنّ الخيار الذي اختاره رئيس الحكومة أخبره به منذ مدّة و لا علاقة له باغتيال الشهيد شكري بلعيد .

لقد قلب السيد حمادي الجبالي الطاولة على الجميع و انتفض على انتهازية الأحزاب و مساوماتهم و قرّر أن تكون كل الحكومة محايدة و ليس فقط وزارات السيادة خلال ما تبقى من الفترة الإنتقالية . لقد أراد أن يبعد العمل الحكومي عن الصراعات السياسية ليسهر على خدمة المواطن و تسيير دواليب الدولة.
هذا القرار أغضب الشق المتصلّب داخل حركة النهضة الذي لا يريدون الخروج من السلطة و يرون فيها استحقاقا انتخابيا لكنهم لم يقرؤوا جيّدا الواقع السياسي الجديد و الإصطفاف السياسي الذي حصل بعد اغتيال شكري بلعيد . لم يدركوا الصدمة التي أصابت التونسيين بعد أن وصل الأمر إلى حدّ القتل و استعمال الرصاص وهو أمر غريب عن مجتمعنا رغم التنافس السياسي الحاد و الإستقطابات الإيديولوجية المقيتة. لم يدركوا انّه توجد قوى إقليمية و دولية تتربّص بهذا الوطن بل و لاحظنا أصواتا داخل الإتحاد الأوروبي تدعو إلى الضغط على الترويكا الحاكمة و حملة اعلامية خارجية و داخلية شعواء . بقية شركاء الترويكا رفضوا أيضا قرار السيد حمادي الجبالي و بدوا متمسكين بمناصبهم الوزارية . لقد استجاب رئيس الحكومة إلى المصلحة العليا للوطن و تصرّف كرجل دولة بعيدا عن الحسابات الحزبية الضيّقة وهو ما جلب له تقدير الجميع , و من ينكر أنّ الرجل قد ضحّى بمستقبله السياسي من أجل مستقبل تونس؟ إنّها رسالة إلى الطبقة السياسية أن تنظر إلى المرحلة الصعبة و الخطيرة التي تمرّ بها البلاد , الوضع التونسي هشّ جدّا و إذا عمّت الفوضى فلن تنهض سريعا فتونس ليس لها نفط و لا غاز , و من له ثقة في قواعده الشعبية فلماذا لا ينتظر أشهر قليلة ليستعيدها ؟ و أخيرا أقول لكل الأحزاب و النخب السياسية : اتّقوا الله في هذا البلد فقد طفّ الصّاع , طفّ الصّاع ...
كاتب و محلل سياسي 



يلعب على كل الحبال : المرزوقــــي... الرئيس البهلوان

الأربعاء 16 جانفي 2013 الساعة 09:34:42 بتوقيت تونس العاصمة


Slide 1
تونس ـ «الشروق»
منذ توليه مسؤولية رئاسة الجمهورية ظهر الدكتور منصف المرزوقي وكأنه يحاول التعامل مع كل المتناقضات والمراهنة عليها فهو تارة في السلطة وطورا في المعارضة وهو داخل الترويكا وخارجها في آن واحد وهو رئيس كل التونسيين مرات وهو زعيم حزب المؤتمر المتمرد في أحيان أخرى.


فماذا يريد المرزوقي؟ وهل سيستقر على حال واحدة وخطاب منسجم ؟.
هو الرئيس والمعارض واحيانا هو المجمع المفرق واخرى هو الداعم والمناهض وهو المطمئن المرعب تلك هي الحبال التي يلعب عليها رئيس جمهوريتنا الدكتور محمد المنصف المرزوقي ولسوء الحظ وربما لحسنه هو لا يلعب الا على حبلين متناقضين في نفس الوقت فما الذي يريده من هاته السياسة؟.

بدأت القصة بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي حين انتخب رئيسا للبلاد بعد مشاركة حزبه المؤتمر من أجل الجمهورية في تشكيل الترويكا الحاكمة وفي تلك المرحلة نذكر جيدا تلك الحرب التي احتضنتها تنسيقية الترويكا حول صلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة وكان من المفروض انه حصل اتفاق سابق على ذلك لكن حصلت المعركة التي تواصلت الى وقت غير بعيد ففي كل مفترق طرق تصله الاحزاب المتآلفة تنشب معركة صلاحيات جديدة.

حبال الترويكا

وفي هذا الاطار دارت اكبر المعارك التي كادت تعصف بالتحالف الحاكم بعد تسليم البغدادي المحمودي في 24 جوان الماضي وهاته المعركة لم تكن معركة حول مبدإ التسليم من عدمه وانما حول من من صلاحياته امضاء وثيقة التسليم لكنها وبالرغم من ذلك كانت اول مناسبة يهدد فيها الرئيس بالاستقالة رغم انه لم يفعلها في احداث 9 افريل حين ظهر كمعارض فقط وليس كرئيس دولة لكنه لم يتجاوز ذلك الحد في رفضه للقمع الذي تعرض اليه المتظاهرون واكتفى بإبداء اسفه لما حصل.

كما كان المرزوقي من أول الداعين الى حوار فكري مع السلفيين في تونس وفي نوفمبر الماضي دعا عدداً من قيادات التيار السلفي الجهادي وتنظيم أنصار الشريعة إلى المشاركة في حوار بهدف الاستماع إلى وجهات نظرهم حول مستجدات الأوضاع في البلاد وخاصة بعد الهجوم على السفارة الأميركية في تونس وأحداث منطقة دوار هيشر التي شهدت مقتل سبعة سلفيين في حادثتين لكن قبل هذا وبعده كانت لرئيس الجمهورية آراء ومقترحات أخرى.

وفي هذا الاطار قال المرزوقي يوم احداث السفارة الامريكية انه على الحكومة ان تتحمل مسؤولياتها امام الخطر السلفي الداهم كما رأى نفس الرئيس طبعا في سبتمبر 2012 ان السلفيين يتكاثرون «مثل السرطان»، وربما لا نناقش هنا صحة تصريحاته من عدمها لكن تناقضها رغم تزامنها فكأنه يريد كسب ود السلفيين من جهة بالتحاور معهم وان يتبرأ مما ينسب إليهم من افعال في الوقت نفسه ويكون قد كسب طرفي الصراع.

كيف يحاور رئيس الجمهورية اطرافا يرى انها «تكره الديمقراطية وتكفر الديمقراطية وتحتقر الديمقراطية ومستعدة لضرب الديمقراطية؟... ولم نأخذ في حقها التراتيب الضرورية في الابان وبدأت تتكاثر مثل السرطان» لكنه قبلها وبالتحديد في فيفري وبعدها بالتحديد في نوفمبر دعاهم الى الحوار.

حبال اليوسفيين والبورقيبيين

وكان لرئيس الجمهورية السبق في اللعب على التناقضات منذ توليه لمهامه حين قرر ان لا يصطف وراء اليوسفيين فقط او البورقيبيين وحدهم وخير استمالة الطرفين باستقبال عائلتي الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف في نفس اليوم وحاول اظهار العملية على انها سعي الى المصالحة بين عائلتين لكن كلا الطرفين اعتبر ان اليوسفيين او البورقيبيين ليسوا مجرد عائلتين وانما هما تياران فكريان مختلفان ولا يكفي حفل استقبال للعائلات لإجراء المصالحة بينهما وهو ما مثل بداية فاشلة في لعبة تواصلت وذهب الى ابعد من ذلك.

وفي هذا التمشي وجه مستشارو المرزوقي في ماي 2012 ضربة قوية الى الحكومة وهم جزء منها حين طالب المستشار شوقي عبيد بحل الحكومة بعد اقراره بفشلها ودعا الى تكوين حكومة مصغرة وفي نفس الاطار كتب عدنان منصر مقالا بعنوان «حتى لا تحفر الحكومة قبرها بيدها» وجه فيه نقدا لاذعا الى الحكومة والى غياب برنامج واضح كما طالب المستشار أيوب المسعودي باقالة محافظ البنك المركزي وقد اعتبرت هذه التصريحات على خطورتها نيرانا صديقة لكنها تواصلت حد ان المرزوقي اتهم النهضة في اوت 2012 بأنها تعتمد نفس ممارسات النظام البائد وبأنها تسعى الى السيطرة على مفاصل الحكم في البلاد وجاء ذلك في خطابه للمؤتمر الثاني لحزب المؤتمر من اجل الجمهورية الذي القاه نيابة عنه عدنان منصر.

واظهرت المناوشات مع شركائه في الحكم وخاصة حركة النهضة الرئيس وكأنه مناضل في صفوف المعارضة ولم تقتصر تلك التصريحات على المناسبات السياسية فقط بل وحتى المناسبات الاجتماعية مثل تصريحاته اثناء موجة البرد التي اجتاحت الشمال الغربي بداية العام الماضي وفي الذكرى الثانية لـ17 ديسمبر في سيدي بوزيد وغيرها فهو الرئيس وفي نفس الوقت المعارض لبرنامج هو شريك فيه.

حبال المتناقضات السياسية

ومؤخرا طلع علينا رئيسنا المفدى بخطاب جديد يحمل تسمية «الحوار الوطني» واستقبل في هذا الاطار مختلف مكونات المشهد السياسي التونسي وان كانت تلك المبادرة أعادت إلى رئاسة الجمهورية دورها الحقيقي الا ان بعض الثغرات جعلتها هي ايضا تدخل في خانة اللعب على المتناقضات حيث انه وفي الوقت الذي يرفع فيه حزب المؤتمر شعار اقصاء التجمعيين ومحاسبتهم يستقبل المرزوقي كل مشتقات التجمع الى جانب ذلك وفي نفس الوقت الذي تعارض فيه اغلب الاطراف الديمقراطية في البلاد وجود رابطات حماية الثورة يستقبلهم الرئيس في اطار الحوار الوطني ما قد يعصف بمبادرته سياسيا.

ربما لو اعدنا هاته الفقرة لاتضحت أكثر فالمعادلة التي تحملها صعبة ومعقدة، الاحزاب الديمقراطية تعارض وجود رابطات الثورة بشدة والمرزوقي يستقبل الاثنين، ثانيا الرابطات وحزب المؤتمر والنهضة يعارضون الاحزاب التجمعية والرئيس يستقبلهم جميعا، حزب الرئيس يرفض التعامل مع احزاب يعتبرها تجمعية وتقدم بمشروع لإقصائها من الساحة السياسية والرئيس يستقبلهم جميعا، قمة في الابداع في اللعب على كل الحبال.

وحتى الحبال الخارجية....

وعلى صعيد العلاقات الخارجية لم يكن اداء الرئيس افضل فلعنة اللعب على المتناقضات تلاحقه، مثلا هو ضد اي تدخل اجنبي في سوريا لكنه في نفس الوقت يطالب بتدخل عربي وان كان تحت تسمية حفظ الامن، وفي نفس الاطار يستقبل «مؤتمر اصدقاء سوريا» ويكون المبادر بطرد السفير السوري وقطع العلاقات معها ثم يعود الى الحبل الاول يستقبل اللاجئين السوريين ويجد انهم اول من تضرر من قطع العلاقات حقيقة هناك ابداع من رئيسنا حتى على مستوى العلاقات الدولية.

ومن الشطحات الاخرى تدخل المرزوقي في الشؤون الداخلية لعدد من البلدان التي تمثل عمقا استراتيجيا لتونس منها انتقاده للنظام المغربي في حضور سفيرها الى جانب نصيحته الشهيرة للجزائر بتمكين الاسلاميين من الحكم وعدم التصدي لهم مثلما حصل في التسعينات من القرن الماضي والتي وترت الاوضاع اكثر بين البلدين، ونفس الشيء حصل مع روسيا عندما اقترح نيابة عنها ان تحتضن بشار الاسد وقد رد عليه الكرملين مثلما ردت عليه الجزائر والمغرب بان لا يتكلم باسم دولة اخرى غير تونس.

هي ربما نسميها انتكاسات لسياستنا الخارجية لكنها تبقى في اطار اللعب على الحبال الذي يمكن ان نتجاوزه في تونس لكن انعكاساته الخارجية قد لا تحتملها البلاد خاصة في حالة الضعف التي تعيشها منذ جانفي 2011 وفي ظل الاوضاع المتوترة على حدودنا سواء مع الجزائر او ليبيا.

اذن لم يترك رئيسنا الموقر حبلا دون ان يجربه سواء داخل البلاد او خارجها سياسيا كان او اجتماعيا فكل الحبال تستهويه وتناديه فيسير فوقها مسلوب التفكير يتأرجح بينها ثم يقفز من فوقها غير عابئ بعواقب السير او القفز المهم بالنسبة اليه انه لم يترك أيا منها دون ان تكتشفه نعلاه، ومع مرور الذكرى الثانية لـ14 جانفي نتمنى ان يقلع المرزوقي عن هاته الهواية وعن خطواته البهلوانية الهاوية ويضع نصب عينيه مصلحة البلاد فربما التقليل من القفز سيساهم الى حد ما في استقرار الصورة على الاقل.
عبد الرؤوف بالي

    Aucun commentaire:

    Enregistrer un commentaire