مصافحة أولى
بسم الله الرّحمن
الرّحيم
يقول الله
تعالى: ( و لا تحسبّن الذِّين قُتِلُوا في
سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربّهم يُرزقون) آل عمران / 169
كانت ثورة 14جانفي 2011
انطلاقة لثورات ما بات يُعرف بالرّبيع العربيّ،
فأعادت للتّونسيّ عزّته و كرامته و
أعادت للعربي بصفة عامة الأمل في الحياة . ثورة
لم تأت من فراغ ، و إنّما هي ثمرة لتراكمات نضاليّة كثيرة ساهم في رعايتها منذ الاستقلال بدءا من
اليوسفيّة و الزّواتنة وبعض اليساريين الشّرفاء و النقابيين والحقوقيين
والإسلاميين الذّين دفعوا الضريبة مضاعفة. نضالات تراكمت و تضاعفت ،فآتت أكلها سنة
2011،و لم يكن البطل فيها لا زعيما و لا حزبا سيّاسيّا و لا قطاعا معيّنا ، و
أنّما البطل هو الشّعب بكل فئاته و خاصة منهم الشباب المهمش و أصحاب الشّهائد
العليا العاطلين عن العمل. وانسجاما مع
هذا المدّ الثوري الذّي سنعمل ليتواصل حتّى تحقق الثّورة أهدافها و لا يقع
الالتفاف عليها من أي طرف كان، نطالب بتحقيق مطالب العدالة الانتقاليّة في أقرب وقت ممكن حتّى لا يشعر التّونسي بالإحباط و خيبة الأمل مرّة ثانية.
ونحن كمواطنين أحرار، داخل تونس و خارجها، نقدّر أنّ إعادة
الاعتبار لكلّ الوطنيين الشّرفاء ، من أبناء هذا الوطن الغالي ،خاصة أولئك الذّين
سقوا أرض تونس بدماءهم الزّكية من يوسفيين و زيتونيين و نقابيين وإسلاميين و كلّ مَن ساهم في رفع راية تونس عاليّة
خفّاقة، هو من صميم أهداف ثورتنا المجيدة. و تكريم هؤلاء و إعادة الاعتبار إليهم
ليس تكرّما أو هبة تُمنح و إنّما هو واجب
و دَين مُخلّد في رقبة كلّ تونسي و تونسيّة حتّى يُقضى.
.فلا معنى لثورة إن لم
تعدل بين أبطالها الذّين صنعوا مجدها وتُكرمهم و تعترف لهم بالجميل.
و بناء عليه نطالب حكومة بلادنا بأن تكشف
النّقاب عن ظروف و ملابسات محاكمة المجاهد البطل محمّد قرفة رحمه الله
تعالى الذّي أودت به إلى الإعدام ظلما و عدوانا. كما نطالب بإعادة رفاته الطّاهر
إلى مقبرة الشّهداء ببلدته بني خداش لتعرف الأجيال أن شهداءنا أحياء يرزقون و لو
كره المنافقون و العملاء. فالوطنيّون و خاصة منهم أولئك المجاهدين الّذين فدوا
بلادهم بدمائهم نعتزّ بهم جميعا و نفتخربهم على قدم المساواة، و لا مجال لأن نفضّل
أحدا منهم على أحد إلاّ بما قدّموا لهذا الوطن الغالي من تضحيات.
فهذا التعتيم الإعلامي
و التجاهل لقمّة من قمم الجهاد و التضحيّة لرجل فذّ مثل البطل محمّد قرفة لا يليق
بحكومة وطنيّة أفرزتها انتخابات حرّة و نزيهة لأوّل مرّة في تاريخ تونس المعاصر
يوم 23أكتوبر2011.
و حرام على
التّونسيين و التّونسيّات أن ينسوا شهداءهم بهذه السّهولة، ويظلموهم مرّتين، مرّة
زمن الحكم الاستبدادي الغاشم على عهدي بورقيبة و بن على، و مرّة ثانية زمن الثّورة
و لو كان ذلك عن حسن نيّة أو انعدام لإرادة سياسيّة جادة، فانتهاج سياسة النّظام
البائد تُجاه أبطالنا هي في حدّ ذاتها ظلم كبير لا نستطيع السّكوت عنه، و من أنذر
فقد أعذر.(1)
باريس 21/01/2013
مصطفى عبدالله الونيسي
رئيس جمعية البلسم للتربيّة و الثَقافة/ باريس.
(1) هذه صيغة أوّلية لا تكتسي صبغة رسميّة حتّى يساهم كلّ من يهمّه
هذا الأمر برأيه في التعديل أو التحسين أو الإضافة، ولكن دون إضاعة للوقت.
و هو
نص مفتوح لكلّ من يريد أن يمضي عليه .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire