Articles les plus consultés

jeudi 24 avril 2014

Au service de notre mémoire collective : Bourguiba et son 2eme épouse Wassila ben Ammar







خاص:ترويها هاجر بورقيبة (1):قصّة وسيلة مع الزعيم من الغرام إلى الطلاق

15 أفريل 2014 | 09:19

كما دأبها دوما، تسعى «الشروق» الى متابعة الحدث والبحث في المحطات التاريخية.. من أجل تقديم المعلومة الى قرائنا الكرام.. وكما يقتضيه الحدث فإننا سعينا الى إلقاء الضوء على فترة تاريخية، من حياة تونس، عبر قصة الحب والزواج والطلاق، بين الرئيس بورقيبة والسيدة وسيلة بن عمّار..

تونس (الشروق) ـ التقتها فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
ولكن أيضا من خلال الوقوف على محطات هامة من تاريخ الدولة التونسية من خلال فعل شخوصها في الحياة العامة.. من يتذكر فترات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، يذكر أن اسم هاجر بورقيبة، كان مقحما في الشأن العام تقريبا.. فهي ابنة الرئيس بورقيبة ووسيلة بن عمّار، وهي التي عاشت في القصر الرئاسي، فعايشت كل القصص الخاصة والعامة لحياة الرئيس وزوجته «الماجدة وسيلة بورقيبة» كما كانت تكنّى ساكنة قصر قرطاج ابتداء من سنة 1962، ذكرى الزواج الرئاسي الشهير..
أذكر، أنه وقبل أربع سنوات، قال لي أحد كبار الصحفيين المصريين ، بإذاعة القاهرة، إنه حضر موكب زواج الرئيس الحبيب بورقيبة بالسيدة وسيلة بن عمّار..
إذن الزواج كان حدثا.. «وطنيا» تطلب من الدولة أن تدعو له صحفيين وشخصيات من خارج البلاد!..
إبنة الرئيس هاجر بورقيبة والتي أصبحنا نراها تواكب فعاليات سياسية عديدة بعد الثورة، وتخصّ «الشروق» بهذه الحلقات، التي أنجزناها معها قبل مدة قليلة فارطة، والتي تستذكر من خلالها، هاجر بورقيبة، مراحل العلاقة بين الأب والأم حتى موعد الفراق بالطلاق.. وصولا الى مفارقة الزوجين للحياة الدنيا..
كيف حصل اللقاء الأول، وقد كان حديث العائلة وحديث الزوجين واستذكارهما لهذا اللقاء.. تحت مسامع الطفلة هاجر، ووفقا لأسئلتها لأبيها وأمها، وكيف كانت هذه العلاقة؟
تقول هاجر بورقيبة، إنها تعشق والدتها وهي مفتونة بوالدها.. وإن قصة الحب التي جمعتهما منذ أوائل القرن الماضي، أي قبل عشريتين تقريبا من تاريخ الزواج الرسمي في 12 أفريل 1962، لا يمكن أن تكون نهايتها كما حصلت ذات يوم 11 أوت 1986 أي قبل عيد المرأة 13 أوت بيومين فقط حين تمّ الطلاق بين الزوجين.
وتضيف هاجر ان اللقاء الأول الذي جمع بورقيبة ووسيلة، يعود الى يوم 12 أفريل من بداية القرن.. (الثلاثينات على الأرجح) حين كانت تونس ترزح تحت الاستعمار الفرنسي.
تمّ اللقاء بداية الثلاثينات بمناسبة زواج أحمد بورقيبة شقيق أبي، الأكبر، بابنة المنكبي، وأمها (أم العروس) ابنة بن عمّار.. كان ذلك بحمام الأنف، حيث حضرت أمي مع عائلتها، ولم يكن عمرها (وسيلة بن عمّار) يتجاوز العشرين سنة.. رآها أبي (الحبيب بورقيبة) وكان يكبرها بإحدى عشرة سنة، حيث أعجب بها،وهو يروي دائما هذه القصة ليقول إنه أصيب بالحبّ من أول نظرة.. بالمقابل كانت أمي، التي تربّت صلب عائلة محافظة، تتحدث عن ذاك اللقاء، بنوع من الخجل والمحافظة، وهي تردد أنها بادلته النظرات من موقع الانسانة المعجبة موضوعيا بمناضل.. يقارع الاستعمار.. وتسمع باسمه يتردّد.. كانت أمي أقل انسيابية بكثير، من أبي، في ما يخصّ الكشف عن مشاعرها.. عكس أبي الذي لم يتوان حتى في كشف القصة في خطبه وخاصة منها روايته للحركة الوطنية، على مدرّج معهد الصحافة وعلوم الإخبار سنة 1973..
وتضيف هاجر موضحة الأمر.. أمر العلاقة بين بورقيبة ووسيلة، بالقول «لم يكن يخطر ببال أمي أن تتمنّى المناضل الحبيب بورقيبة الذي كان لا يزال يدرس بفرنسا وينشط سياسيا، أن يكون زوجها في يوم ما.. في حين كان بورقيبة ـ تقول هاجر ـ قد عبّر عن إعجابه بهذه الشابة.. ابنة بن عمّار.. وحتى عندما تعدّى بورقيبة، أمر الاعجاب والافتتان، في حفل الزواج، زواج أخيه بحفيدة بن عمّار (من الأم)، وطلب يدها من والدتها السيدة فاطمة الدلاجي زوجة بن عمّار، فإن وسيلة الإبنة الكبرى للسيد بن عمّار والسيدة الدلاجي، لم تكن في وارد أن تفكّر في الأمر..
زواج أحمد بورقيبة، شقيق الرئيس بورقيبة، بداية القرن الماضي، يعدّ محطة فارقة في حياة بورقيبة الرئيس وقبله بورقيبة المناضل.. بل وبورقيبة المغامر حسب والدة وسيلة بن عمّار.. حيث لم تقبل طلبه ابنتها في ذاك الوقت.. لكن بعد ثلاث عشريات تقريبا، سوف تكون ليس فقط زوجة الرئيس، بل وفق الكنية التي منحها إياها بور
يبة «الماجدة وسيلة بورقيبة».

خــــــاص:ترويها هاجر بورڤيبـة (2):طلب الزعيم يد وسيلة فرفضت والدتها

16 أفريل 2014 | 09:15


تتطور الأحداث... وتعود الذاكرة بهاجر بورقيبة إلى بداية العلاقة التي انطلقت شرارتها بنظرة في لقاء لعب القدر في نسج خيوطه.
تونس ـ «الشروق» التقتها فاطمة بن عبد الله الكرّاي
ليست هاجر الابنة فقط، التي تعوّدت أذنها وهي طفلة على سرد، قصة اللقاء الأول لبورقيبة مع وسيلة عبر شعر ينتقيه بالمناسبة ... بل ان كل المتابعين لخطب بورقيبة الرئيس وهو يتحدث «فيبني» تاريخ المرحلة ويكيّف أحداثه كما يعتقد ان ذلك هو الصحيح، يعرف جيّدا انها قصة حب كبرى، عبّر عنها الرئيس في خطبه الى الشعب وأمام النخبة...
إذ أن بورقيبة ما فتئ يستبطن ان قصة الغرام بوسيلة، هي جزء من المرحلة الوطنية لتونس.. لذلك سنرى حسب ما سترويه ابنتهما هاجر أن وسيلة بن عمار دخلت الحياة العامة في تونس من الباب الكبير فتقول «إن أمي كانت بطبعها مقدامة وبما انها هي الابنة الكبرى لوالديها، فقد كانت قريبة جدّا من والدها الذي كان يشغل وكيلا (محاميا شرعيا) وكان يتنقل بين المدن... وكان كذلك يعمل بنفس اختصاصه القانوني بداية القرن الماضي في شركة فسفاط قفصة، حيث كان العمال تونسيين والوكيل الشرعي بن عمار كان هو الذي يقف في صفهم امام اي خلاف مع إدارة الشركة التي كانت بين أيدي المستعمرين.
وسيلة بن عمار ـ تقول هاجر ـ لم تكن من شق الاسرة المالكة للأراضي الشاسعة، آل بن عمار أصحاب الثروة الطائلة الذين يرون ضيْرا في عمل أبنائهم»...
حول هذه النقطة تقول إن امها، لم تكن تنتمي فعليا الى الشق الثري في آل بن عمار... فقد كانت تقطن نهج المرْ وليس الربط، وهنا كل الفرق.. فرق بين من كان من «البلدية» يقطن داخل السور ومن يقطنون خارجه... اي في الحواشي..
تعيد هاجر قصة اللقاء الأول بين بورقيبة الشاب الذي بدأ اسمه يبرز بين عموم المناضلين الطلبة بفرنسا وبين الشابة اليافعة وسيلة بن عمار، التي درست الابتدائية وجزءا من المرحلة الثانوية بتونس العاصمة.
تقدّم الشاب الحبيب بورقيبة الى والدة وسيلة فاطمة الدلاجي لطلب يد ابنتها الكبرى... وذلك عقب احتفالية زواج أخيه الذي يكبره أحمد بابنة المنكبي.
فقد ردّت على طلبه بالرفض... ولكن كلمة «لاء» لم تنطقها في وجه «الخاطب الراغب» في وسيلة بل استجمعت الأم التي فقدت زوجها وعائلها هي وأبناؤها الثلاثة (وسيلة ومنذر ونائلة) استجمعت قواها الإدراكية، وخاطبت الشاب التي تنبئ عيناه بذكاء وربما بان للأم فاطمة ذكاء ممزوجا بخبث ومغامرة.. بما انه يقارع فرنسا ويريد ان يطلب يد ابنتها الكبرى.. ابنة بن عمار..
تضحك هاجر، لأنها تقول إن أبي الحبيب بورقيبة مافتئ يحكي قصة «الخطبة» والرفض، لأم والدتي وسيلة كلما زارتنا «أمي فاطمة» في القصر، فيقول لها: هل أقول؟ هل أكشف السرّ... وكيف استهزأت بي عندما طلبت يدها «فدوّحت رأسك وقلت لي.. برّ... برَّ.. خرّج فرانسا الساعة.. إن عينيك... تدلاّن على مكر... ومغامرة».
وكانت أم وسيلة بن عمار حسب ما تناقلته الأخبار لا ترضى زيجة لابنتها الكبرى... سوف تستأمن منذ حداثة سنها على أخويها منذر بن عمار الذي يصغرها بعامين ونائلة التي تعتبرها بمثابة ابنة لها.. وهي أختها الصغرى.
رجع بورقيبة الى فرنسا... وتزوجت وسيلة بن عمار بأحد أثرياء ملاّك الأراضي.. كان لابدّ لشقيقها المنذر أن يكمل دراسته بالخارج.. فكانت الأخت الكبرى التي تزوّجت بن شاذلي.. وكانت أمي تتحوّل بنفسها الى ماطر عين غلال بالتحديد، حيث كان هنشير زوجها يتطلب وقفة حازمة إذ أن مالكي الأراضي اولئك الأثرياء الذين من بينهم زوجها، كانوا الملاّك الغائبين عن أراضيهم.. فقبلت الزوجة الشابة، هذه المعادلة، بأن تحوّلت وسيلة بن عمار الى الأرض تقف الى جانب المسؤولين على الانتاج.. هي التي كان والدها قد أباح لها امتطاء الجرّار الى جانبه وامتطاء الجواد كذلك... كانت حريصة على أن تكون الى جانب الأرض التي تدرّ المحصول والانتاج، ويكفل العيش لأصحابها..
تضيف هاجر كانت أمي لها شخصية قوية وهي لم تتعلّم السياسة ولا الدخول في الشأن العام بداية الستينات عندما تزوجت بورقيبة الرئيس بل إن الأمر كان قبل ذلك بكثير.. عندما كانت أمي حلقة التواصل بين بورقيبة وعدد من الزعماء في حزب الدستور.
كانت جدّتي (والدة وسيلة بن عمار) وكلما شاكسها بورقيبة بردّها الذي واجهته به وهو يطلب يد ابنتها الكبرى وسيلة، وهو رئيس ومتزوّج بأمي طبعا، كانت تخجل وتترجاه ان لا يعيد تلك القصة على مسامع العائلة وعلى مسامعها.. ذلك ان «المكتوب» غلب.. ولم تكن فاطمة الدلاجي تعلم ولا غيرها ايضا أن ذاك الشاب «المستيري» الذي يدرس بفرنسا ويقارع فرنسا مثله في ذلك مثل زعامات من جيله ومن الجيل الذي سبقه.. سوف يصبح رئسا لأول جمهورية تعرفها تونس..
وسوف لن تنتهي العلاقة بين أمي وأبي بل ستتواصل موضوعيا.. من خلال الحراك التحرري.. فكانت وسيلة بن عمار، تستقبل الرسائل من بورقيبة وكان هو يطلب منها الاتصال بالقيادات... هذا وذاك.. ولكن جاء موعد زيارة بورقيبة الرئيس الى الولايات المتحدة الأمريكية وسنرى في الحلقة القادمة كيف «ترجّى» الرئيس أعضاده لكي يُدرج اسم وسيلة بن عمار في قائمة المرافقين للرئيس، حتى بصفتها مناضلة يقول بورقيبة للبروتوكول، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن... سفن بورقيبة...
فإلى حلقة قادمة

تواريخ
1903: ولد الحبيب بورقيبة
1914 ولدت وسيلة بن عمّار
12 أفريل 1930 أول لقاء بين بورقيبة ووسيلة

يوم طلب يدها
«اذهب وواصل محاربة فرنسا... ثم فكّر في الزواج...» هذه الجملة قالتها والدة وسيلة بن عمار، فاطمة الدلاجي لبورقيبة ردّا على طلبه الزواج من وسيلة... وقد وقع في حبّها من أول نظرة... في حفل زواج شقيق بورقيبة، بداية القرن الماضي.


 غدا: كيف ولماذا رفضت الوالدة طلب بورقيبة الزواج من وسيلة بن عمّار.



خاص:ترويها هاجر بورقيبة (3):الحب يُْْدخل وسيلة ساحة النضال السياسي

17 أفريل 2014 | 09:15

تتداخل الأحداث السياسية وتتداخل معها المشاعر وتتأجج بين الزعيم ووسيلة ويلتقي الحب مع الالتزام الوطني بين القيادي في حزب الدستور ووسيلة التي تدخل في العمل النضالي بتكليف من بورقيبة نفسه...
تونس «الشروق» التقتها فاطمة بن عبد الله الكرّاي
كل التطوّرات والمحطات التاريخية سمعتها هاجر من خلال استذكار التاريخ، إما صلب العائلة بين بورقيبة ووسيلة، وإما ما سجله بورقيبة الرئيس بداية السبعينات من على مدرج معهد الصحافة وعلوم الاخبار، تحت يافطة درس الحركة الوطنية...
فتقول إن تلك الدروس التي تبثها التلفزة الوطنية بعد أخبار الثامنة مساء كانت المادة التي ينطلق منها النقاش والحوار بين «أمي وأبي» .
ذلك ان مرحلة الكفاح كما يسميها بورقيبة، وطّدت العلاقة بين وسيلة بن عمار والحبيب بورقيبة في جانبها الموضوعي..
فقد كان يبعث إليها برسائل، فترة الكفاح وخاصة عندما كان في الخارج أو رهن الاعتقال... وكانت بدورها تهاتفه (عبر الهاتف) كلما تيسّر لها ذلك..
وبورقيبة الذي تحدث في هذا الامر في خطبه، كانت وسيلة تؤكد صحتها... صحة تلك القصص ولم يكن يتوانى اعادة سردها أمام العائلة أو بمشاركة زعامات وشخصيات عايشت تلك المرحلة.
وتدخل ضمن هذه القصص تلك التي «جعلت الحبيب بورقيبة، وهو في السجن يطلب من إبنه ـ بي بي ـ وهو يزوره قبيل الثورة (اندلعت الثورة في 18 جانفي 1952) أي أواخر سنة 1951 ان يُعيد «الفاشا» وهو الوسام الذي أسداه الباي للحبيب بورقيبة، وعندما أوصل ـ بي بي ـ التوصية الى القيادة اتفق أعضاؤها على عدم تنفيذ رغبة بورقيبة معتبرين ان ذلك سيشعل نار الثورة.. ثورة كان والدي ينتظرها ويريد فعلا من خلال ارجاع الوسام الى الباي ان يعبّر عن غضب شديد في صفوف الشعب ضد فرنسا»... هنا سألت محدثتي عن هذا الوسام وأين يوجد وقتها ألم يكن عند قيادة الحزب وبورقيبة رهن الاعتقال فردّت بأن «الفاشا» كانت في منزل ابي عند زوجته وقتها مفيدة، و«بي بي» ابنها معها... ولكن كما قلت لك خيّرت قيادة الحزب أن لا تنفذ تعليمات بورقيبة وعندما كلّمته وسيلة عبر الهاتف أمرها بشدة أن تفعل ذلك وتؤكد على قيادة الحزب بتنفيذ الطلب، وكان الامر كذلك فما هي الا ايام حتى تحرّك الشعب وكانت ثورة 1952 وقد سمعت ابي يعيدها على مسامعنا على طاولة العشاء... وكانت أمي تؤكد حصول الحدث».
ما كشفته الابنة المدللة لبورقيبة الرئيس وزوجته «الماجدة» كما يسميها رسميا حيث أسدى لها اللقب بصفته رئيسا هو ان العلاقة بين الأب والأم كانت أساسا علاقة ثقة «فقد كان أبي يثق بأمي ويكلفها بمهام... في حين كانت هي تطبّق ذلك لأنها فضلت ان تكون سندا له، تأتي له بالمعلومة... وتتأكد له من بعض الاحداث والمواقف.. فأمي لم تكن زعيمة سياسية ولا هي ترنو الى أن تصبح شخصية مناضلة.. اذ بحكم تربيتها وبحكم النواميس العائلية كانت تجعل لنفسها حدودا... اعتقد ان أمي كانت تريد فعلا ان تكون الى جانب أبي المناضل والزعيم والرئيس، ولكن من موقع السند لا غير».
سألت ابنة الرئيس التي كنا نراها وهي طفلة لا تفارق ابويها في كل التظاهرات التي يظهر فيها الزوج الرئاسي le coupe présidentiel علنا وماذا عن تلك المظاهرة في باجة التي كانت وسيلة بن عمار تتقدمها في الصف الامامي فقالت: «أعتقد ان أبي قد يكون طلب منها ذلك... وهي لم تمانع لأنها تختلط كثيرا بالعمال الفلاحين وليست من ذاك الصنف من النساء اللائي يتعالين على البشر... فمثلا كانت تقصّ علينا قصصا تقول احداها انها ولما كانت تتحول موسم الحصاد الى هنشير عين غلال تسكن (عشّة) بالقش والحطب قدتها مع العمال وتأوي اليها في الليل». كما ان بورقيبة حسب محدثتنا كان يلجأ الى وسيلة ويطلب منها التثبت من هذه المعلومة او تلك هذا زمن الكفاح ضد فرنسا وعندما أصبحت زوجته وهو رئيس واصلت وسيلة نفس المهمة... ومن هنا قد يكون الحديث اتسع بأن الماجدة تتدخل في الشأن العام..» لكن هاجر بورقيبة سوف تدحض جانبا من هذه المعلومات في جزئها القيادي طبعا...
ضمن علاقة الثقة التي انبنت بين بورقيبة ووسيلة «أصبح الجميع في قيادات الحزب كما في العائلة يعرف ان وسيلة لبورقيبة وبورقيبة لوسيلة... ذلك ان هذه العلاقة هي التي دفعت بورقيبة وهو يتهيأ الى زيارة الدولة للولايات الأمريكية طلب بإلحاح إدراج اسم (وسيلة بن عمار) ضمن قائمة الوفد الرسمي لكن دون جدوى..».
فإلى حلقة قادمة

...وظهرت علاقة الحب للعيان
أصبح الجميع في قيادات الحزب كما في العائلة يعرف ان وسيلة لبورقيبة وبورقيبة لوسيلة
تواريخ
ـ 1912: ولدت وسيلة بن عمّار
ـ 1914: ولد شقيقها منذر بن عمّار
ـ 1951: رسالة شفوية عبر الهاتف من بورقيبة الى وسيلة لإعادة الوسام الى الباي

خــــــــــــاص:ترويها هاجر بورقيبة (4):بورقيبة تمنّى اصطحاب وسيلة الى أمريكا ولكن...

18 أفريل 2014 | 09:16

مازالت هاجر  بورقيبة تتأثر لقصّة أبويها.. قصّة حوّلها بورقيبة إلى ملحمة.. سرعان ما ربطها بالحراك السياسي والوطني.. وتتواصل علاقة الحبّ بين الزعيم ووسيلة وتتوطد ويهيم الزعيم غراما ولم يعد يفكر إلا في تطليقها من زوجها للظفر بها شريكة لحياته...
تونس ـ «الشروق» التقتها فاطمة بن عبد الله الكرّاي
التفاصيل التي تحفظها هاجر بورقيبة عن علاقة أبويها، تعدّ تفاصيل مفسرة لبعض الأحداث، ولبعض ما جاء في خطب الرئيس بورقيبة، لذلك فهي تقول ان زيارة الدولة التي أدّاها بورقيبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كانت محل حديث أبيها في كل مرة يكون فيها الحديث عن زيارة الزوج الرئاسي le couple présidentiel إلى بلد ما.. فتقول إن بورقيبة وبمناسبة الزيارة المذكورة سنة 1961، ألحّ على قيادات الحزب من رفاق دربه، أن تكون وسيلة بن عمار ضمن الوفد الرسمي، لكن دون جدوى «بالرغم من أن الجميع يعلم أن العلاقة تشارف على أن تتحول إلى زواج.. ذلك أن الزيارة إلى واشنطن، وقع تنظيمها قبل عمليتي الطلاق .
وتضيف هاجر بأن قصّة عدم ادراج اسم وسيلة بن عمار ضمن القائمة الرسمية، «حزّت في نفس بورقيبة.. وبقي يعيدها على مسامع العائلة والأصدقاء ممّن كانوا ينضمّون إلينا في عشاء.. أو حول كأس شاي»..
سألتها عمّن عارض سفرتها ضمن الوفد الى واشنطن فقالت انهم يذكرون اسم المنجي سليم... «ولكن سوف يطلب هو نفسه طلاق وسيلة من زوجها السابق... لقيام حفل الزواج بعد أشهر من هذه الزيارة»...
توضح هاجر بورقيبة إنه وبقدر سرد بورقيبة لهذه القصة بتحسر بقدر ما تحاول وسيلة بن عمار عدم الوقوف عليها... فقد كانت محل ثقة بورقيبة، وسوف يكون الزواج تتويجا لمرحلة تمتد الى عشرين سنة تقريبا... حيث شاءت الأقدار ان يلتقيا بصفة مباشرة سنة 1943 ومرة أخرى تكون ضاحية حمام الانف ومنزل أحد الأقارب هي المحطة وهي المنطلق...
من جهة أخرى معلوم ان بورقيبة ـ وفق ما ورد في خطبه من على منبر معهد الصحافة وعلوم الاخبار في 1973 ـ وعندما رجع الى تونس بعد انهاء دراسته وصلته البرقية من زوجته ما تيلد لتعلمه بأن إبنا لهما سوف يرى النور قريبا... وفعلا فقد أنجبت ماتيلد الحبيب بورقيبة الابن سنة 1927 وكانت قصته مع وسيلة قد قطعتها الزيجتان، بورقيبة بماتيلد (مفيدة) ووسيلة بن عمار تتزوج الشاذلي...
هاجر وهي تدقق في الاحداث وتربطها بما علمته من أبيها ومن أمها وما قالاه لها أو أمامها من تأكيد لبعض الجزئيات، جعلها تؤكد ان بورقيبة توطدت علاقته بعائلة بن عمار، وأساسا بوالدة وسيلة في نهج المرّ بباب الجديد بالعاصمة، حيث كان يرتاد المنزل... وذلك بعد 1943...
ومن هنا تقول هاجر وتستذكر ما كان قاله بورقيبة وهو يتغزّل بوسيلة حيث استعار البيت الشعري، «أمّر على الديار...» كان أبي يستذكر بيت الشعر الغزلي، ويعيده على مسامع أمي... مرات وكنت أسمعها وأراها تخجل وتشير عليه بالهمس حتى يسكت لأنني كنت الى جانبهما... كان أبي لا يخفي مظاهر الحب وهو يستذكر العلاقة مع أمي في الماضي، ولكنها كانت حريصة على اخفاء مشاعرها وذلك نظرا لتربيتها التقليدية ذات العباءة البرجوازية غير المتحررة اذ بقدر ما كان أبي لا يخاف من الافراج عن مشاعره.. كانت أمي عكسه، وهذا ليس بما بان أن أمامي فقط. بل كذلك ما يقوله الجميع.. جميع من عايشوا العلاقة وتوطدها وهنا أريد ان أؤكد ان أبي (بورقيبة) كان لا يخشى لومة لائم... كان صريحا... وكان لا يخفي مشاعره... حتى عندما كنت أزوره في المنستير بعد ان أزيح من الحكم وطبعا بعد ان طلّقوه منها وطلقوها منه».
وفق القصص الملتقية بعضها ببعض، فإن حياة الزوجين كانت في شق منها موضوعة على ذمة التجاذبات ـ إن شئنا ـ ذلك ان طلاق كل من وسيلة وبورقيبة كل من قرينه، سوف تتحدث هاجر عن هذه الفترة.. وسوف تضيف تفاصيل لا تعرفها الا هي...
فإلى حلقة قادمة

منجي سليم «مهندس» تطليق وسيلة
منجي سليم عارض اصطحاب وسيلة لبورقيبة الى واشنطن لكنه هو الذي تولى عملية طلاقها حتى تزوجها بورقيبة

أرقـام
ـ عام 1890 : ولدت ماتيلد لوران (مفيدة بورقيبة).
ـ 9 أفريل 1927 : ولد الحبيب بورقيبة الابن.
ـ 1943 : يعاود بورقيبة الالتقاء بوسيلة... بعد عودته من المنفى.
ـ 1961 : زيارة بورقيبة لأمريكا ولقاء رسمي مع كيندي...



ترويها هاجر بورقيبة (5):12 أفريل 1962 يوم تاريخي في حياة بورقيبة:وتمّ الزواج الموعود...

19 أفريل 2014 | 09:15

كان بورقيبة وهو يعيش قصة حبه الجارف لوسيلة يشعر أنه أدى رسالته نحو وطنه تونس وأنه آن الأوان ليمارس حقه كمواطن عادي... ويتزوج ممّن يحبّ.
تونس ـ «الشروق»: التقتها فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
تواصل هاجر بورقيبة حديثها عن لبّ هذه العلاقة التي عاشتها بين أمها وأبيها (وسيلة وبورقيبة) وتعتبر أن الزواج كان حتميا، «وكان تتويجا لعلاقة حب واحترام وتقدير وثقة، نسجتها الأيام والسنوات» وهنا تضيف بالقول: «لطالما سمعت أبي وأمي وكذلك الأصدقاء من وزراء من أفراد العائلة الموسعة، بأن قدر الحبيب بورقيبة ووسيلة بن عمار، كان يتجه نحو ختم العلاقة بالزواج»..
تقول كذلك إن عملية الطلاق بين وسيلة بن عمار من علي بن الشاذلي أو الحبيب بورقيبة ومفيدة بورقيبة، كانت معروفة.. «كان بورقيبة يذكر أنه لم يكن له طلبات عندما تولى الرئاسة، سوى خدمة البلاد والشعب والزواج من وسيلة» وتذكرت ابنة الرئيس بورقيبة كما تذكرت بنفسي وكل الذين تابعوا خطب بورقيبة عبر الشاشة، عندما كان يطلق العنان للشعر يقوله في وسيلة، وخاصة ذاك البيت الذي يصف فيه كيف يذهب إلى نهج المرّ أين تقطن والدة وسيلة بن عمّار ويكتفي برؤية والدتها وأفراد عائلتها.. «فالامر بدا طبيعيا، لأن ذلك كان مآل الحب الصادق والشريف، والجميع كان على علم ان بورقيبة سوف يتزوج من وسيلة منذ البداية» وهنا تضيف محدثتي: أن الظلم لم يطل أحدا... وان كلا من وسيلة وبورقيبة لم تكن لهما حياة زوجية التي يمكن ان تكون في عملية الانفصال هنا او هناك ظلما لأحد...»
وبقي الزوج الرئاسي Le couple présidentiel يتخذ تلك القصص التي جمعتهما في الماضي الذي سبق مراسم الزواج، موضوعا للسهرة العائلية، «اذ كنت أستمع الى بعض التفاصيل والاستذكارات والذكريات التي فيها كرّ وفرّ... وأذكر ايضا اننا كنا يوما أمام التلفاز نشاهد حلقة من حلقات الدروس التي كان يلقيها بورقيبة على مدرج معهد الصحافة و علوم الاخبار، حين تحدث عن رحلة له الى الشرق (مصر) وكان لابد وان يخرج من تونس لاجئا الى خارج البلاد، لأن الاستعمار الفرنسي يطلب رأسه، فما راعه الا ان مرّ على ديار وسيلة (أمي) وقال وقتها إنه قصد نهج المرّ، علّه يراها او يرى من يراها... لكنه فعليا لم يرها، بما ان وسيلة كانت متزوجة، وكانت خارج تونس العاصمة...
تبتسم وسيلة وهي ترى بورقيبة يبوح للشعب التونسي بمقدار حبّه لها... وخاصة عندما طالع الحضور بالبيت الشهير الذي كان يردّده بورقيبة، كلما أحس بالشوق لوسيلة وهو يعلم انه لن يراها... تضحك هاجر بورقيبة وتستذكر الصور التي «كانت محل نقد طفيف من وسيلة... لأنها خجولة ومحافظة في آن واحد...»
تزوج بورقيبة الرئيس من وسيلة بن عمّار، وكان السكن بين منزل غرة جوان والمرسى (قصر السعادة)... كانت دموعه تنزل كلما يتذكر تلك السنين التي مرت... وكان يستذكر أمامي وهو يوجه لها الكلام : أتعرفين، عبّرت عن أمنية واحدة هي ان يجدوا لي ترتيبا معينا حتى نكون زوجين مع بعضنا نواصل حياتنا... وكان يواصل كلامه لأمي بالقول: شوف الزّهر... ربّي بعثك ليّ... أقابلك لأول مرة وأنت فتاة دون العشرين... وأصاب بحب من أول نظرة.. تجاهك.. ثم يضعك أمامي ثانية عندما التقينا في الأربعينات... حيث بقيت أبحث عنك... وصورتك عالقة في ذهني... وها أنت تزوجت وأنا كذلك... ورغم ذلك لا شيء أبعدنا عن بعضنا...» كان الرئيس بورقيبة يتحدث الى وسيلة ويحدّث هاجر والأقارب، عن هذه العلاقة وعن سعادته بهذا الزواج كلما حلّ يوم 12 أفريل من كل عام... فهو تاريخ زواج بورقيبة ووسيلة من سنة 1962...

تواريخ
ـ 12 أفريل 1962 تاريخ زواج بورقيبة ووسيلة.
ـ 11 أوت 1986: الطلاق
ـ 7 نوفمبر 1987: بورقيبة يزاح من الحكم

تصويب واعتذار
تسرّب سهوا اسم السيد المنجي سليم عوض اسم السيد الطيب المهيري، حيث عمل هذا الأخير ـ وهو أحد القياديين بالحزب الدستوري الجديد إلى جانب بورقيبة، عمل على تنفيذ رغبة بورقيبة في الزواج من وسيلة، وقد تطلّب ذلك موقفا حازما من المهيري، من أجل أن ينتهي الزواج السابق لوسيلة بن عمّار من السيد بن علي الشاذلي، بالطلاق..
لذا وجب التنويه والاعتذار، وان المسألة لا فيها هندسة ولا تدبير بقدر ما هي تنفيذ لرغبة بورقيبة الذي تمسّك، كما يذكر بنفسه في خطبه، بأن تكون وسيلة بن عمّار زوجته..


ترويها هاجر بورقيبة (6):وسيلة... سيدة القص

20 أفريل 2014 | 09:15

وتواصل هاجر بورقيبة سرد تفاصيل العلاقة بين الزعيم ووسيلة التي توجت بالزواج لتصبح بعد ذلك زوجة الرئيس بورقيبة الجديدة.. سيدة القصر.
تونس ـ «الشروق» ـ التقتها: فاطمة بن عبد الله الكراي
تضحك هاجر بورقيبة، كلما توقفنا في مرحلة من مراحل العلاقة بين وسيلة وبورقيبة، وكانت تلك المرحلة مشوبة بتعاليق.. وآراء مختلفة..
فهي الابنة التي كانت ملتصقة ولصيقة بالأب والأم.. حتى أننا وعندما كنّا نشاهد النشاط الرئاسي، كان الأمر يطال الثلاثي بورقيبة ووسيلة وهاجر.. ابنتهما.
تقول هاجر ان «أمي ولما تزوجت أبي وأقيم حفل الزواج على مستوى دولة، حيث حضره ـ حسب الصور وكذلك حسب ما كان يرويانه لي في البيت ـ أجانب وتونسيون من السلطة ومن الأصدقاء.. لما دخلت بيت الزوجية، وضعت أمي نواميسها، وأخذت مكانها الطبيعي.. وأخذت مكانها كاملا.. غير مجزإ..».
هنا سألت هاجر عن مقاصدها، فتقول إن «المحيطين بأبي، قبل زواجه من وسيلة بن عمار، ذهب في اعتقادهم أنهم عندما لبّوا رغبة بورقيبة في الزواج من (وسيلة) دون غيرها، فإنهم سيواصلون مهامهم «البيتية» إن شئنا داخل القصر.. الرئاسي..».
ولكن وسيلة بن عمار، كما يقول عنها ذلك عدد من الوزراء الذين عرفوها، هي شخصية قوية وشجاعة «وتمتلئ طيبة، لكنها لا تسمح لأي أحد أن يستعملها أو أن يمس كرامتها.. فمنذ البداية، أي بعد الزواج، تقول إنها تقلدت مسؤوليتها كاملة.. يعني أنها دخلت المطبخ وجلست إلى جانب الرئيس في مهامه، تفيده بالمعلومة.. وتكشف له بعض الحقائق» إن عملية دخول وسيلة على الخط، خط النسق الرئاسي ـ العائلي لم يكن سهلا.. «فالمهمة الأولى التي أحذتها على عاتقي منذ الوهلة الأولى، تقول وسيلة لابنتها هاجر التي ترويه لنا الآن، تأمين الأكل، أتصرف وكما ترينني إلى حد الآن، كزوجة مسؤولة عن الأكل واختياراته ذلك أن أبيك، انسان منظم، الأكل له مواقيته، وهو عادة ما يدعو الأصدقاء وربما الأطباء ممن أصبحوا أصدقاء للعائلة مثل د. الكعبي، والذين كنت مواكبة لبعض زياراتهم لنا.. وهذا أمر أساسي في نظري وفي نظر أمي.. أن تشرف الماجدة بنفسها على المطبخ بل هي تطهو الأكل بطريقة محبوبة وشهية.. أمي طبّاخة ماهرة، وهذا تعرفه العائلة والأصدقاء».
من جهة أخرى، أمكن لهاجر بورقيبة، ومن خلال رسم متسلسل للأحداث والشخوص التي كانت تلعب أدوارا مختلفة في تلك الأحداث والتطورات، في ما يخص علاقة بورقيبة بوسيلة، أمكن لها أن تبيّن بالبرهان، أن خيط الحب والافتتان اللافت الذي كان يشعر به بورقيبة تجاه وسيلة، جعله يحترم قراراتها، في أن تصبح هي سيدة القصر.. وهنا تشير ابنة الزوج الرئاسي Le couple Présidentiel إلى أن «بورقيبة لم يعترض على قرارات وسيلة في أن تتملك مكانها، حتى تكون العلاقة هي نفسها التي رسمها بورقيبة عنها.. وهو ما فتئ يعبر عن أمنيته الشخصية والذاتية الوحيدة، وهي زواجه وارتباطه بوسيلة»، كما أكد ذلك بعض من الشخصيات التي حاورناها في ركن «مذكرات سياسي في الشروق» تؤكد هي أيضا أن بورقيبة لم تكن له نزوعات لا في الكسب المادي الشخصي، أراض وأرصدة بنكية.. ولا غيرها.. «الأمنية الوحيدة التي كان بورقيبة يردّدها أمام القيادة والمحيطين به، هو أن يتزوج من وسيلة..» وهنا نفهم كيف تحولت العلاقة بين وسيلة وبورقيبة، إلى قضية دولة.. «بل إلى قضية سياسية وطنية، ـ تضيف هاجر ـ لأن عملية التطليق كل من قرينه، كان ضمن ذات السياق.. غير أن العارفين الحقيقيين من الذين عايشوا الشخصيتين، يعرفون جيدا أن عمليتي الطلاق، من قرينيهما، لم تكن إيذانا بأن علاقة فيها خيانة من كليهما تجاه قرينه السابق.. أبي كان يحبّ أمي حبّا أفلاطونيا.. تقولها بالفرنسية.
فإلى حلقة أخرى


ترويها هاجر بورقيبة (7):محاولة انقلاب 63:وسيلـــة شعــرت بأمر غريـــب... فكذّبوهــــا

21 أفريل 2014 | 09:15

رغم التململ الذي لاقته وسيلة بوقيبة في شكل رفض ان تكون هي سيدة القصر بمفردها، أو أن تستأثر ببورقيبة فإن ابنة بن عمار التي انتظرها «سيد» القصر منذ كان في المنافي تمكنت من وضعها الطبيعي.
تونس «الشروق» التقتها فاطمة بن عبد الله الكرّاي
«كنت دائما أشعر أنني ابنة زوج رئاسي couple présidentiel لكنه زوج غير عادي... كل الأنظار عليه.. وكان الحديث حول طاولة العشاء أو حول شاي، عندما ينضم الينا ضيوف من الأصدقاء، الحديث يدور إذن حول مظاهر هذه العلاقة.. صحيح ان هناك من انحنى لقرار الرئيس في زواجه بأمي وسيلة بورقيبة وفي قرارة نفسه قد لا يكون راضيا عن هذه العلاقة منذ البداية لمعرفة الجميع بأن شخصية وسيلة هي شخصية قوية ولا تفضّل على بورقيبة أحدا... سواء من حيث الاعتناء به في لباسه وفي أكله... وكذلك لكون أبي كان دوما واثقا في أمي... حيث سمعتهما مرات تنقل له معلومة أو رأي، فيلتفت اليها ليقول لها: هل أنت واثقة؟ «زعمة هذا فمّ منّو»؟
فتطلب منه ان تعاود التثبت.
وهنا تبيّن هاجر ان بورقيبة لم يكن يفرّق بين عيشة البيت العائلي والقصر الرئاسي الذي يمارس من خلاله وفيه مهامه... لذلك تضيف هاجر أن «أبي لم يعارض قرار أمي (وسيلة) بأن تكون هي سيدة القصر الرئاسي وبيت الزوجية... أبي لم يمانع لأنه يعرف ان العديد من المحيطين به لم يكونوا يحبونها فعندما أعلمته انها قررت بأن لا يبقى الذين كانوا يشرفون على شؤونه بالقصر بعد ان حلّت هي وأضحت له زوجة تهتم به.. ولم تقف أمي عند هذه الاشارة بل تقول إنها قالت لبورقيبة زوجها «إما أن آخذ مكاني أو ليبقوا هم هنا في القصر» فما كان من أبي الا ان اتخذ القرار الشجاع بأن حل المسألة... كان أبي وفي كل قراراته التي تخص أمي وتهم بصفة عامة الزوج الرئاسي Couple présidentiel، كان يقوده خيط الحب والاعجاب بشخصية وسيلة.
وتضيف: «لكن المسألة لم تنته عند ذاك الحدّ... بل دخلت أمي بعد زواجها بأبي بورقيبة مرحلة أخرى من النضال... كانت تكافح ضد هؤلاء الذين أحاطوا ببورقيبة، وكانوا إما من نوع أصحاب الشخصية الضحلة... أو من الذين يرنون الى استغلال نفوذهم.. وقربهم من بورقيبة... هذه الكوكبة هي التي سنرى آثارها.. وأسماء منها في محطات أخرى... ومنها محطتا محاولة الانقلاب في 1962 او في 7 نوفمبر 1987 ذاته.. حيث عادت المجموعة التي كانت ترفض وسيلة زوجة لبورقيبة».
سألتها عن علاقة وسيلة بحركة 1962 او محاولة الانقلاب التي شابها الكثير من الغموض ورافقها لغو كثير.. فقالت: «سأقصّ عليك أمرا لأول مرة أقوله، كانت أمي لأول مرة أكشفه من قبل أبدا، حكته أمي في حلقات ضيقة، كانت أمي والى جانبها صديقتها المقرّبة، تنامان في غرفة حتى رأت أمي شخصا يمرّ تحت النافذة.. ولما قصّت القصة غدا على أبي والأقربين، قالوا لها لعل ذلك من أضغاث أحلام... تقول لي أمي انني كنت متأكدة مما قلت.. ولكن ليس لدي دليل... ولم يكن إثبات الأمر يسير.. لكن لم تمرّ 48 ساعة، حتى كشفت المؤامرة.. وباعتقادي ان الذين خططوا وكانوا سيستفيدون من الحكم ويستهدفون بورقيبة لم يكونوا أولئك الذين أعدموا بل جزء من الذين كانت أسماؤهم في القائمة المحضّرة سلفا».
وهنا تدخل هاجر، في عملية تحليل وربط للأحداث والشخوص سوف تجعلها تستنتج عبر أسئلة حيرة، ان سرّ محاولة الانقلاب لم يكشف عنه بعد.. وتقول: «ما حيّرني كيف تُلفّ القضية قضية المحاكمة بتلك السرعة؟
لماذا لم يسمحوا للمتهمين بالكلام ولم يستنطقوهم؟ ألا يعني هذا أن السرّ دُفن معهم؟».
فإلى حلقة قادمة



تونس (الشروق) ـ التقتها فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
صحيح أن رواية هاجر بورقيبة، ابنة الرئيس الحبيب بورقيبة ووسيلة بن عمّار، هي رواية لأحداث وطنية كبرى فيها الذاتي يغلب على الموضوعي..
تعتقد هاجر بورقيبة أن وجود وسيلة بالقصر الرئاسي، لم يكن وجودا سلسا ولا هو بالسهل، «بل كان عبارة عن عملية صراع وجهاد من أجل أن تكون سيدة بيتها وسيدة القصر كذلك.. ـ تضيف هاجر ـ كانت تعي حجم الدسائس التي تواجهها.. كانت تعرف الناس.. وتعرف العائلات.. وكانت على بيّنة من حجم كل شخصية محيطة ببورقيبة..».
سألتها للتوضيح، عن مزيد المعلومات حول قصّة الانقلاب، وما أمكن للطفلة التي كان عمرها وقتها لا يتجاوز الأربع سنوات تقريبا، أن تسمعه وأن تعلمه لمّا كبرت، وكانت الأحداث محلّ جدل في العائلة، داخل القصر خصوصا، فتقول إن «وسيلة التي تفطّنت ذات ليلة وهي نائمة بنفس الغرفة مع صديقتها ورفيقة دربها، وإذا بشخص يمرّ حذو النافذة.. ولكن بدا الأمر وكأنه تخيّل.. وعندما قصّت القصّة وهي تحاول أن تستجمع الأدلّة على أن هناك أمرا غريبا حدث، فإن الجميع جعلها تعتقد هي نفسها أن في الأمر تشابها بين «اليقظة والمنام».. ولكن عندما عادت أمي تربط الأحداث ببعضها، توقّعت أن يكون ذاك الشخص الذي تحرّك بشكل مريب، إنما هو كان يتدرّب على عملية بيضاء لاقتحام القصر أو غرفة بورقيبة وهو نائم.. فيقتلونه عبر التصفية الجسدية..».
قلت لهاجر: الأكيد إذن أن وسيلة بورقيبة، قد أثّرت في بورقيبة، بدعمها أن في الأمر مؤامرة، فقالت: «أبدا.. لم تكن وسيلة هي التي دفعت باتجاه لملمة المسألة واختصار ردّة الفعل في الاعدام أو السجن دون تحقيق مطول، بل إن مجرد إلقاء نظرة على القائمة المزعومة، والتي تنصّص على الحكومة الجديدة بعد نجاح الانقلاب، تكشف دون ريب، بأن منفّذي العملية كانوا على غير علم بالأهداف ومراحل العملية، وكذلك لم يكونوا من المخططين.. وهنا وضعت هاجر تساؤلا يقول: هل في مصلحة بورقيبة أن لا نعلم من هو الرئيس القادم الذي كان سيكون عوضه إن نجح الانقلاب..؟ إذن تقول هاجر بورقيبة، لم تكن عملية اختصار مدة التحقيق أو عدمها، في مصلحة بورقيبة.. وهنا أدعو المؤرخين الى اعتماد رؤية جديدة في استقراء الأحداث.. وهنا كشفت محدثتي النقاب عن أن والدها، لطالما عبّر عن تبرّمه من أن يتحول الحزب (الحزب الاشتراكي الدستوري وقتها) الى «ماكينة» «وقد سمعته يقول أكثر من مرّة، عندما يتحول الحزب الى ماكينة سوف يقتل الدولة..» من جهة أخرى، تردّد هاجر، وبخصوص عملية 1963 لا تزال غامضة من حيث طريقة تناولها والحكم فيها، ذلك أنه «حسب وجهة نظري لم يكن من طبع بورقيبة، أن يطلب التسريع بتنفيذ حكم الاعدام في من حوكموا في عملية 1963، أعتقد جازمة أن الرئيس لو اطلع على القائمة فإنه سيقف على عدة حقائق كانت ستقلب المشهد والتاريخ رأسا على عقب.. فالقائمة تؤكد أن الجميع (القيادات وقتها) طيبون ماعدا بورقيبة..» وهنا تعيد هاجر وضع المشهد وفق ترابط بين الأحداث والأشخاص، لتضع من جديد سؤال حيرة: هل كان جماعة فرنسا (التونسيون الموالون للاستعمار) من أصحاب الأراضي الشاسعة، والذين لم يكونوا مع الثورة لا في 1938 ولا في 1952، هل كانوا ينظرون بعين الرضاء الى سياسة التعاضد.. وإسناد الأراضي الى التونسيين؟ لقد كانت عائلات بأسرها مع فرنسا، خيارات وأهداف؟
على كل تقول هاجر بورقيبة، إن هذه العائلات المساندة لفرنسا من بورجوازية الفلاحة ـ كما تقول، رجعت مع بن علي.. ولنا الدليل في الأسماء المتصاهرة والقريبة..
وتواصل هاجر التأكيد على أن تسلسل أحداث التاريخ، ليس في ارتباط اعتباطي، بل إن قراءة عقلانية ومتأنية سوف تجعل حقائق معينة تخرج للعلن..

تواريخ
ـ آخر 1962 تم الكشف عن عملية سمّاها نظام بورقيبة بالمؤامرة.
ـ 1963 الأحكام تصدر في حق المجموعة المسماة باسم الأزهر الشرايطي.
ـ 1964 صدور قانون الجلاء الزراعي بما يعني عودة الأراضي التي «تملّكها» المستعمرون الفرنسيون الى الدولة التونسية.

تقول هاجر بورقيبة
هل كان «جماعة فرنسا» من مالكي الأراضي الفلاحية الشاسعة والذين كانوا محاميين للسياسة الاستعمارية هل كانوا ينظرون بعين الرضاء الى سياسة التعاضد؟



ترويها هاجر بورقيبة (9):وسيلة بورڤيبة... و«قصر» مرناق

23 أفريل 2014 | 11:10

عندما أعلن الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي عن عزمه وضع القصور الرئاسية على ذمة التفويت والبيع، أثار القرار حفيظة هاجر بورقيبة التي تكشف لنا في حلقة اليوم سر علاقتها بقصر مرناق.
تونس ـ الشروق ـ التقتها فاطمة بن عبدالله الكرّاي
تؤكد هاجر بورقيبة ان ما اعتُبر قصرا للرئاسة في مرناق هو في الاصل على ملك والد وسيلة بن عمّار... فقد كان والدها وكيلا شرعيا وقد اشترى من مردود مهنته (المحاماة) منزل مرناق والذي يتوسط «سانية» وكذلك اشترى والدها عقارا على شاطئ المرسى Marsa Cube.
كما توضّح هاجر بورقيبة ان «مرناق» ليس قصرا بل هو ضيعة... ولقد استرجعتها أمّي وهي زوجة الرئيس ولكنها كتبتها باسمي.. لأنها تعرف ان بورقيبة يرفض فكرة ان تملك عائلته عقارات او أراضي وأو محلات... ولعل قصة (بي بي) بورقيبة الابن، هي أقوم دليل حين رفض والده الرئيس ان يملك ابنه منزلا عبر القرض البنكي... «لأن بورقيبة كان يعلم ان أي مسؤول في الدولة وزيرا أو مديرا عاما، لم يكن يُمكّنه رابته الشهري من قرض بنكي يخوّل له بناء أو شراء منزل في مكان راق...» وهنا تضيف هاجر بورقيبة أن وسيلة «التي كانت تكبر أخويها، ولما مست «أزمة 29» «Crise 29» تونس بداية من ثلاثينات القرن الماضي، وقد توفي والدها للتوّ... اضطرّت الى تحمّل مسؤولية أخويها منذر ونائلة بن عمار، ولما كان خالي (منذر بن عمار) سيدرس بالخارج ويكمل تعليمه العالي بباريس، فإن أمي لم تجد من بدّ، في بيع سانية مرناق.. والتي هي عبارة عن ضيعة فلاحية يتوسطها منزل لم تكن وسيلة راضية عن التفويت عبر البيع، في هذه الضيعة، لكن الحاجة وغياب الوالد الذي كان يعيل الأسرة انطلاقا من عمله لا من ريع الاراضي الفلاحية مثل الشق الآخر من آل بن عمار، من الذين كانوا يملكون الأراضي الفلاحية الشاسعة جعلاها تقدم على القرار الصعب، وهو بيع هذا الملك..».
تقول هاجر، إن وسيلة كانت تتحسّر على هذا الملك بالذات.. وتريد أن تسترجعه ما إن يتيسّر أمرها.. المادي.. و«عندما توفّر لها ذلك، استرجعت أمي هذا الملك بمرناق وإسمه ضيعة مرناق، وليس قصر مرناق وكان ذلك من مالها الخاص وأذكر أن أبي ولما كنّا نتحول في الصيف الى مرناق كان يقول وهو يفرك يديه وكأنه يتعجب.. هل يعني أننا الآن في ضيافة هذه البنت الصغيرة؟ وهو يقصد ان الضيعة مسجلة باسمي..
ولكن كيف تحولت ضيعة بن عمار أب وسيلة الى قصر رئاسي، يطبّق عليه قانون القصور الرئاسية؟ عن هذا السؤال تقول هاجر أمرين:
أولا أنها تدخل اليوم غمار المسلك القانوني من أجل ان تطالب بعودة الملكية اليها، «لأن ضيعة مرناق ولئن كان والداي، يقيمان بها فترة من العام، فإنه لم يكن من أملاك رئاسة الجمهورية.. كل ما في الامر أن المحيطين بالرئيس الذين عاودوا الاقتراب من بورقيبة بعد منتصف ثمانينات القرن الماضي سوّلوا لبورقيبة وهو يطلّق وسيلة، بأن الناس يتحدثون عن قصر مرناق بأنه «متاع» وسيلة... فما كان منه إلا ان استرجعه بقرار الى ملكية الرئاسة..».
فإلى حلقة أخرى

تواريخ
ـ 6 هكتارات هي مساحة ضيعة مرناق..
ـ 2011 بعد الثورة وضعت ضيعة مرناق على طاولة الرئيس المرزوقي على أساس أنها من القصور الرئاسية.
ـ 1930 تقريبا عائلة وسيلة بن عمار تبيع ضيعة مرناق، نظرا لضيق الحال.




ترويها هاجر بورقيبة (10):بورقيبة يعتبر وسيلة بوصلته..
24 أفريل 2014 | 11:07

تونس ـ «الشروق» التقتها فاطمة بن عبد الله الكرّاي
تقول هاجر بورقيبة، إن بورقيبة، وبمناسبة زواجه من وسيلة بن عمار، اشترى بماله الخاص، ضيعة مرناق، وسجلها باسمي، أنا ابنتهما هاجر.
كانت مفاجأة سارة لأمي عندما علمت أن تلك الضيعة التي اشتراها والدها بداية القرن الماضي من كدّ عمله، واضطرّت هي لبيعها بعد وفاته، لأن مسؤوليتها جسيمة تجاه أخويها.. وكانت المسألة بالنسبة لبورقيبة، ردّ جميل، لامرأة رافقته مرحلة الكفاح، وكانت له سندا.. بل وبوصلة في حياته الموالية.. أذكر ـ تضيف هاجر ـ أن أبي (بورقيبة) كان يجلس تحت شجرة الخرّوب، ويقول لي: أنت تجلسين الآن مع أبيك هنا تحت هذه الشجرة الرّمز، أين كانت أمك تجلس تحتها مع أبيها.. وكان أبي يدخل في قصّة تشبيه ومماهاة، في عملية اكبار لأمي التي كان وظلّ يرى فيها المرأة الشجاعة، التي صدّقته في رسالته النبيلة والمتمثلة في اخراج فرنسا من تونس..
أمي تقبّلت المسألة بأنها رسالة أو قيمة اعتبارية أهداها إياها بورقيبة، ولكن على ملك ابنتهما هاجر.. أذكر أن أمي من شدّة فرحها، بضيعة مرناق، كانت تشرف على عملية البناء.. فهي عبارة عن فيلا شاسعة بها 4 غرف نوم.. وحمامان.. ومطبخ كبير.. لم تكن ضيعة مرناق قصرا..
وهنا سألتها عن سرّ وضعها (الضيعة) الحالي، فقالت سنة 1979، ولما أصبحت راشدة، ولاحظت أمي عليّ من خلال تصرفاتي، أنني لا أعير أهمية للملكية مثل أبي، ويمكن أن أهديها يوما.. إلى أحد محتاج.. أذكر أنها قالت لي: أنت كأبيك ليست لك عقلية الملكية.. لقد خافت أمي على هذه الضيعة ورأت أنني لست واعية ولا مقدّرة ربما للقيمة الاعتبارية لهذه الضيعة».
«أذكر كذلك أن أمي تعبت كثيرا، وهي تهيئ هذه الضيعة.. وكان أبي يحدثني عن القيمة المعنوية لهذه الضيعة.. وما كانت تمثله رغم هكتاراتها القليلة نسبيا (ستة هكتارات تقريبا) إلا أنها كانت مصدر فرح أمي.. ولها قيمة معنوية.. غريب أمر هذه الضيعة، فهي رجعت لأمي عبر أبي، في حزمة واحدة مع الزواج مع الابنة هاجر.. ثم أخذوها في حزمة واحدة مع الطلاق.. الحاشية التي رجعت إلى بورقيبة بعد الطلاق، سوّلت له أن هذه الضيعة التي ما فتئ بورقيبة يؤكد أنها لهاجر.. ومن خلالها هدية ردّ اعتبار لوسيلة. سوّلوا له أن تصبح باسمه، فكانت حزمة ضمن (صفقة) الطلاق.. والذي يحزّ في النفس أن شجرة الخرّوب التي كان والد أمي يجلس تحتها ومعه ابنته الكبرى، وكنت أنا وأبي نجلس تحت ظلها، هذه الشجرة اقتلعها بن علي.. عندما أصبحت ضيعة مرناق ملكا للدولة.. ففي عملية استفاقة واضحة، «رجع شاهد العقل» لأبي بعد طلاقه من وسيلة وجعل من الضيعة، التي أراد من أراد من المحيطين به أن تكون له، هبة للدولة التونسية، ذلك أن أبي كان يرفض أن يملك أرضا أو متاعا يمكن أن يكون محل إرث.. وقد قالها أحدهم كشهادة عنه..
هنا تضيف هاجر بورقيبة، أن أي تفسير لعلاقة بورقيبة بوسيلة (أبويها) خارج نطاق ذاك الحب الأفلاطوني.. وخارج انبهار الواحد منهما بشخصية الآخر.. هو تفسير غير دقيق.. الحب كان غير عادي بينهما، رغم أن والدي كان يمزج ذاك الاعتراف بمشاعره نحو أمّي، بعامل الشجاعة التي كانت تتحلّى بها أمي.. طوال حياتها.. فقد كانت النظرة الأولى بينهما، قد سجلت انبهار أبي بتلك الفتاة اليافعة، التي تتابع كل تحرّكات الوطنيين ومنبهرة بإصرار بورقيبة وقسمه على أن يخرج فرنسا..
كانت أمّي، تقول هاجر بورقيبة، تعرف الأشخاص وتميّز بين هذا وذاك من المحيطين ببورقيبة.. كانت لها حاسة سادسة، كثيرا ما يعترف لها بها أبي.. ولكنها كانت دوما تبني «أحكامها» أو مواقفها على أساس صحيح.. مما يجعلها وهي تقدّم المعلومة لبورقيبة، كنت دوما تتحرّى.. وقد بان بالمكشوف، كيف أن الذين عادوا مع بن علي، هم من جماعة فرنسا.. من الذين لم يكونوا حادين ولا حدّيّين في مسألة إخراج فرنسا.. فقد كانوا من مالكي الأراضي.. وفرنسا تغضّ عليهم الطرف.. فقد أجبرهم بورقيبة على الدخول في الحركة الوطنية، وكانوا لا يتوانون في الوقوف ضد خياراته.. خاصة منها تلك التي تدفع الشعب الى الثورة ومقارعة فرنسا.. كانت أمي تفهم جيدا طريقة بورقيبة في التعامل مع المرحلة الوطنية، مرحلة الكفاح، وكذلك مرحلة بناء الدولة.. فهو تجده يراوح بين خيار الكفاح المسلح والتحاور السياسي مع فرنسا.. كذلك الشأن عند بناء الدولة.. وهنا يذكر السيد الباجي قائد السبسي، وعندما أصبح مسؤولا في الدولة الحديثة، بعد الاستقلال، وكان من ضمن كوكبة من الشباب، قال لبورقيبة، بلغة الشباب في ذلك الوقت وليعبّر له أنه بلا تجربة في إدارة الشأن العام، حيث قال له: أنا Bleu يعني لا أفقه شيئا في ادارة الشأن العام.. وكان بورقيبة الذي لم يفهم الكلمة، لأنه يستعمل لغة فرنسية كلاسيكية، أجابه بعد أن فهم مغزاها: وهل نستقدم فرنسيين بعد أن أخرجناهم من تونس، لكي يحكموا من جديد؟ وهنا أذكر أن أمي كانت ترافق بورقيبة وتدفعه كي يعوّل على الشباب.
لقد كان بورقيبة يعتبر وسيلة بوصلته.. في أكثر من محطة.




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire