Articles les plus consultés

jeudi 15 mai 2014

عِندَمَا تَعِيشُ عَظِيمًا وَ تَمُوتُ عطِمأ


عِنْدَمَا تَعِيشُ عَظِيمأ وَ تَموت عظيما .

















مَنْ خَشِّيَ رَبَّهُ  وَ برَّ وَالِدَيْهِ وَ أَحسنَ تَرْبِيَّةَ أَبْنَائِهِ وَ عَدَلَ بَيْنَهُمْ وَ  وَصَلَ رَحِمَهُ وَ كَان فِي عَوْنِ إِخْوَانِهِ وَ أَكْرَمَ أصْدِقَاءَهُ وَ سَعَى فِي مَصْلَحَةِ بِلاَدِهِ وَ نَفَعَ سَائِرَ النّاسِ ، و خاصة مِنْهُمُ ذُو الحَاجَةِ  بِمَا يَسْتَطِيع، وَ ساهَم فِي تَطْوِيرِ الحَضَارَة وَ إِسْعَادِ الْبَشَرِيَّة ِ بخِطَابِهِ و أَفْعَالِهِ وَ سُلُوكِهِ ، فذلِكَ هو الْجَدِيرُ بأنْ يكون فِي عِدَادِ الْعُظَمَاءُ الّذِين تَفْتَخِرُ بِهِمُ الحْضَارَةُ الإنْسَانِيّةُ . عِندَمَا تَعِيشُ عَظِيمًا و تَمُوتُ عَظِيما فأنت حيٌّ ولو مُتّ من خلال ما تتركه من آثار صالحة ينتفع بها النّاس .

vendredi 2 mai 2014

من مقالاتنا سنوات الجمر




زَيِّنْ أيَّامَكَ و جَدِّدْهَا / الجزء الأول : مصطفى الونيسي

نشر في الفجر نيوز يوم 03 - 11 - 2008



أيّها الحبيب النابه زيّن أيّامك وجددها بالإيمان الخالص و القول الصادق والسلوك الحسن والعمل الصالح و النافع و الصبر الجميل والإخلاص والنصح التام لله ولكتابه ورسوله وأئمة المسلمين و عامتهم وسائر خلق الله ما استطعت إلى ذلك سبيلا. فالدّين النصيحة و من أحسن من الله ورسوله قيلا : عن أبّي رُقيّة تميم بن أوس الدّاري رضي الله عنه أنّ النبيّ صلى الله عليه و سلّم قال : (الدِّين النصيحة) قلنا: ( لمن؟) قال: ( لله ولكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين وعامتهم)(1).
رحلة فريدة ، زادها العمل الصالح
حياتُنا هذه، ولئن بدت لنا طويلة وبطيئة خاصة عند بداية المشوار ونحن لا نزال في عنفوان الشباب،إلاّ أنّها في الحقيقة قصيرة ووتيرة سيرها سريعة جدّا.وسَتَسْألُ نفسك يوما و لا شك أيها الحبيب النّابه إن أطال الله في عمرك عندما يتقدم بك السّن بعض الشيء ،عجبا كيف مرّت كل هذه السنين التي خَلَتْ و خِلْتُهَا طويلة بهذه السرعة وأنا غافل عن ذلك ؟. فالحقيقة الدامغة هي أنّ حياتك كلها من المهد إلى اللّحد،أي من اليوم الذّي وُلدت فيه إلى اليوم الذي تموت فيه لا تعدو أن تكون أياما معدودات مَحْصِيّة عليك في كتاب مبين لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلاّ أحصاها و عدّها عدّا. يقول عزّ َ من قائل : (و جعلنا الليل و النّهار آيتين فمحونا آية الليل و جعلنا آية النّهار مُبصرة لتبتغوا فضلا من ربّكم ولتعلموا عدد السنين و الحساب و كُلّ شيء فصّلناه تفصيلا. وكُلَّ إنسان ألزمناه طائره في عُنُقِهِ و نُخرجُ له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) (2). و حتى نستفيد من هذه الأيام على قلتها و التي قضى الله أن نعيشها و لا ندري متى وكيف ستتوقف لتبدأ حياة أخرى،كان علينا أن نفكر في هذا الأمر العظيم مليّا و أن لا نفرّط في يوم واحد من أيّامنا، بل و في ساعة واحدة من ساعاتها ، إلاّ و نقضيها في ما ينفع الناس حقيقة و يعود على سائر مخلوقاته بالنفع و الصلاح.و لكي تكون أيّامك سعيدة و مباركة و لا تندم على ما فاتك منها،عليك أن تُزّينها بكل ما هو جميل و جذ ّاب. زيّنها بالإيمان والعمل الصالح و القول الجميل و الذّوق الرّفيع والحس المُرهف والصبر الجميل و السّماحة في غير ذ ُلٍّ و لا مهانة.
أيّامك، زيّنها بالمبادرات الرائدات النافعات والصالحات من الأعمال والإنجازات.
اللّه خلقك في أحسن صورة ما شاء ركبك،وأودع فيك مواهب و قدرات كثيرة، و جعلك متميّزا عن غيرك و فريدا من نوعك في أمر ما ( كُلّ ٌ خُلق لما هو ميّسَرٌ له)، فعليك أن تجتهد و تبذل جُهدك لتعرف ما حباك الله به من مواهب وما ميّزك به من طاقات لتوظف كُلّ َ ذلك في طاعة الله وخدمة النّاس عموما وأمتك خصوصا، فإن لم تفعل فأنت مُقصِرّ ٌ واللهُ مُحاسبُكَ عن ذلك. والله يحب إذا عمل أحدنا عملا خاصة إذا كان من اختصاصه أن يتقنه ويُحَسِنّهُ ويبذل فيه كل جهده.
أيّامك هي مزرعتك الخاصة، فلا تتركها فريسة للأعشاب الطفيليّة، تَعّهَدْهَا دوما بالصيانة وازرعها زرعا مباركا من قمح و شعير و حنطة و فول و عدس وغير ذلك من الحبوب والثمار النافعة.
أيّامك هي حقلك، فاغرسه بعد أن تتبيّن نوعية التُربة و طبيعة المناخ شجرا مباركا ومثمرا. أغرسه تينا و زيتونا ورمانّا و عنبا وتفاحا و برتقالا ونخلا وجوزا.... وما شئت من غلال مختلف ألوانها و مُتنوع طعمها، ذات بهجة فيها لذ ّة للآكلين والشاربين وفيها عبرة للنّاظرين والمعتبرين...
أيّامك هي حديقتك الخاصة، فازرعها أزهارا وورودا جميلة و فيّاحة مُنعشة تسعد لرؤيتها العين وينشرح لها الصدر. حياتك هذه لا تقدّر بثمن. عليك أن تحرص على سلامتها من المهالك وأن تُجدّدها في كل حين وتُغذيها في كل مرة جرعة جديدة من الأمل، فإنّ ذلك سيضفي عليها جمالا و تجدّدا وبهاء لا يراه إلا السعداء من أهل الدنيا. حياتك لاترهنها لأحد سوى الله و لا تربطها بموعد مع الأقدار المجهولة كمثل تحسُّن وضعك الإجتماعيّ أو زواجك أو سفرك أو إنهاء دراستك أو غناك أو فقرك....
تجدُدُ الحياة لا ينبع إلاّ من إرادتك الحقيقية للتغيير، أي من داخل نفسك التي بين جنبيك( إنّ الله لا يُغيّر ما بقوم حتى يُغيّروا ما بأنفسهم )(3)
فالظروف المحيطة بنا والمؤثرة فينا مهما ساءت و تعقدّت لا يمكن أن تثن صاحب العزيمة من المؤمنين المخلصين عن بلوغ أهدافه ما دام مُستعينا بالله متوكّلا عليه. فمن رحم المعاناة والمكارة يشق المؤمن صاحب الإرادة طريقه بكل ثبات وثقة نحو النصر وهو في ذلك ( كبُذور الأزهار التّي تُطْمَر تحت أكوام السَّبخ، ثُمّ هي تشُقُّ الطريق إلى أعلى مُستقبلة ضوء الشمس برائحتها المنعشة!!........كذلك الإنسان إذا ملك نفسه، وملك وقته،واحتفظ بحرية الحركة لقاء ما يواجه من شؤون كريهة،فإنّه يقدر على فعل الكثير دون انتظار أمداد خارجية تساعده على ما يريد. ....فلا ترهن حياتك ، إذا، بأُمنية قد يلدها الغيب، فإنّ هذا الإرجاء لن يعود عليك بخير)(4) . أيّامنا محدودة لا تسمح لنا بتسويف و لا تقصير ولا وقت لنا نضيعه في أحلام اليقظة و التمني على الله الأماني دون كدح حقيقي نكدحه أو عمل نافع نقوم به. فالواجبات كثيرة في حق الخالق و المخلوق و لا مجال و لا مُتسعَ لأدائها إلاّ إذا استثمرتَ أيّامك و لياليك كما ينبغي في تحقيق ذلك. فاليوم عمل و غدا جزاء. يقول الرسول (ص) ( النادمُ ينتظر من الله الرّحمة، و المُعجب ينتظِرُ المَقْتَ. واعلموا عباد اللّه أنَّ كلَّ عاملٍ سيقدمُ على عملِه، و إنّما الأعمال بخواتيمها، و الليل و النهار مطيَّتَان فأحسنوا السير عليهما إلى الآخرة، و احذروا التسويف فإنّ الموت يأتي بغتة، و لا يغترَّنَّ أحدكم بحلم اللّه جلّ جلاله،فإنّ الجنّة و النار أقرب إلى أحدكم من شراك نعله. ثمّ قرأ: ( فمن يعمل مثقال ذرّة خيرا يره . ومن يعمل مثقال ذرّة شرّا يره )(5). فَعُمُرُك أيُّها الحبيب ليس هو تلك السنوات التي تعيشها من يوم ولادتك إلى يوم وفاتك، فعمرك الزمني لا معنى له ،لأنّه قد يكون حجة لك، إن كنت من أهل الخير،وقد يكون حجة عليك، إن كنت من أهل الشقاوة. أمّا عمرك الحقيقي فهو عملك الصالح الذي تقوم به على أحسن وجه مبتغيا به وجه الله تعالى، فيتقبله الله منك ويكتبه في رصيدك و صفائح حسناتك يوم لا ينفع مال و لا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم. قال ابن عطاء رحمه الله : ( رُبّ َ عمر اتسعت آماده،وقلّت أمداده،ورُبّ عُمُر قليلة آماده، كثيرة أمداده، ومَن بُورك لهُ في عُمرهِ أدرك في يسير من الزّمن ، من المنن ، ما لا يدخلُ تحت دائرة العبارة و لا تلحقه ومضة الإشارة). و لهذا كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يدعو بهذا الدعاء دائما: (اللهم نسألك صلاح الساعات والبركة في الأوقات ). كما أنّه ورد في بعض الأدعية: (لا بُورِكَ لي في طلوعِ شمسِ يومٍ لم ازدد فيه من الله علما، ولا بورك لي في طلوع شمسِ يومٍ لم أزدد فيه من الله قُربا). (6). ولك أن تعرف ايها المؤمن أنّه بإمكانك أن تُطيل حياتك، وأن تَمّدَ من عُمُرِ آثارك الطيّبة بعد مماتك، فقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنّه قال: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلاّ من ثلاثة : إلاّ من صدقة جارية، أو علم ينتفع به،أو ولد صالح يدعو له)(7) و في حديث آخر نجد بعض التفصيلات لهذه الثلاث: (إنّ مما يلحق المؤمن من عمله بعد موته، علما علّمه و نشره،وولدا صالحا تركه،و مُصحفا ورّثهُ،أو مسجدا بناه،أو بيتا لابْن السّبيل بناه،أو نهرا أجراه،أو صدقة أخرجها من مالِهِ في صِحّتِهِ و حياتهِ،يلحقه من بعد موته)(8). فالدّين نفسه يعدّ ُ طول العمر نعمة إذا اقترن بعمل صالح نافع، فعن عبدالله بن يُسْر أنّ أعرابيا قال : يا رسول الله ! من خير النّاس ، قال : ( من طال عُمُرُهُ و حسُن عمَلُهُ) (9). فعلى قدر ما يمتدّ نفع العمل الصالح الذ ّي يُخَلِّفُهُ الإنسان ويبقى ، بقدر ما يُكْتَبُ له الخلود وتتحقق له مثوبة الله وجزاءه الأوفى. وهذا ما يؤكده حديث النبي المصطفى عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم : ( ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلاّ كان له به صدقة ) (10). ومن هذا المنطلق قام أبو الدرداء رضي الله عنه بغرس شجرة جوز،وهو في الشوط الأخيرمن العمر، فقال له بعض النّاس مُستغربين: أتغرس هذه الشجرة و أنت شيخ كبير،وهي لا تُثمر إلاّ بعد كذا و كذا من السنين؟ فأجاب أبو الدرداء رضي الله عنه: و ماذا عليّ أن يكون لي ثوابها و لغيري ثمرتها؟(11). فالذكر الحسن الذي يتركه الإنسان بعد موته يُعتبر عمرا آخر له ، و في هذا قال الشاعر :
دقَّاتُ قَلْبِ المَرْءِ قَائِلَةٌ لَهُ إنَّ الحياة دقائقُ و ثوَانٍ.
فارْفَعْ لِنَفسِكَ بَعدَ مَوْتِكَ ذِكرها فالذِكرُ للإنسان عمرٌ ثانٍ.

مصطفى الونيسي / باريس
الهوامش :
1) رواه مسلم
2) الإسراء / آيات 12 13 14
3) الرعد /آية 11
4) الشيخ محمد الغزّالي : جدد حياتك ص 15/16 بتصرف
5) الزلزلة : 7/8
6) حسناء صلاح الأصبحي : المعين في الوعظ و الإرشاد ص368ج2
7) صحيح مسلم
8) سنن ابن ماجة
9) سنن الترمذي
10) حسناء صلاح الأصبحي : المعين في الوعظ و الإرشاد ص371ج2
 

انقر ه

من مقالاتنا سنوات الجمر



جَدِّدْ حَيَاتَكَ وَ زَيّنْها (1) بقلم مصطفى الونيسي


نشر في الحوار نت يوم 17 - 03 - 2010


بسم الله الرّحمن الرّحيم
جَدِّدْ حَيَاتَكَ وَ زَيّنْها (1)

أيّها الإنسان الصَّالِحُ المُصْلِحُ ، حياتُكَ في الدنيا مهما طالتْ لا تعدو أن تكون إلاّ أيّاما و لَيَالِيَ معدودات . وهي أيّامٌ قَصِيرَة ٌ مهما خُيِّلَ إليكَ أنّها طوِيلَة ٌ. أيَّامٌ مَعْدودة ٌ نعيشها في هذه الدُّنيا، ثُمّ نرحلُ عنها لنعود غرباء من جديد كما أتيناها أول مرّة لا زاد لنا إلاّ ما زرعنا و ما قدمنا من عمل صالح وعلم نافع وولد بار، وقد قال صلى الله عليه و سلّم:( كُنْ فِي الدّنْيا كأنّك غريب أو عابرَ سبيلٍ) وكان ابن عُمر يقول : (إذا أمْسَيْتَ فلا تنتظِرالصَّباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، و خُذ ْ مِنْ صِحّتِكَ لِمَرضِكَ، و مِنْ حياتِكَ لموتِكَ)(1) أيّامك هذه لا تتركها تمر أمام نَاظِرَيْكَ مَرَّ السَّحَابِ وأنت غافِلٌ أو مُتمنِيّا على الله الأماني، دونَ أن تستثمرها و تستفيد منها كبير استفادة، لا في حياتك الدنيا ولا بعد مماتك يوم تُبعث الخلائق وتُعرَضُ الأعمال على الله لا تخفى منها خافية. أيّامك زَيِّنْها بكل ما هو جميل و جذّاب. زيِّنْها بالذّوق الرّفيع، و القول الجميل والفعل الحسن. أيّامُك أيّها الإنسان هي مزرعتك في الدُّنيا فلا تتركها بُوَارا. أصلحها وأسقها ولا تتركها بدون زرع مبارك. هي حقلك فاغرسْهُ شجرا مثمرا نافعا. هي حِمَاك الخاص فلا تترك الأعشاب الطفيلية تقترب منه فتُهْلِكُهُ خانع مستسلم. أيّامُكَ هي جسرك الحقيقي ،إن أردت وعزمت واستعنت بالله،إلى جنّة عرضها السّموات والأرض، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمِعت و لا خطرَ على قَلْبِ بشر لا في الأولين و لا في الآخرين كما أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلّم.
حياتُك اجعل أكثرها ،إن استطعت ،أيّاما فاضلة و مباركة ( و من يتوكل على فهو حسبه )(2)
أيامك الغالية زيِّنها بكل ما تُسْتجَْلَبُ بِهِ السّعادة، و تُسْتَدْفَعُ بِهِ الشّقَاوة في الحياة الدنيا و الآخِرَةِ. وإذا أردت أن تعرف كيف يتحقق ذلك وأنت فعلا جادّ وصادق ومُقبلٌ غير مُدْبرٍ ، فتعال نبحث سوّيا عن هذه الغايات السّاميات والمقامات المنجيّات في الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، وفي سنّة المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، وفي تجارب الأولين و الآخرين ممن سبقنا من الحكماء و الصالحين. فما خاب من تواضع لله واجتهد في الطاعة و البحث عن الحقيقة، و ما خاب من استشار وتأمل في سنن الأولين للعبرة و الإتعاظ.
وإلى حلقات قادمة نستعرض فيها ، مُسْتَعينين بالله رب العالمين، بعض ما تتحقق به هذه الغايات الصالحات والمقامات المُنْجِيّات لتصحيح النوايا وتعديلها،وتزكية الأيّام وتجديدها،وليس عليك بعد ذلك أن تحزن أو تأسف على ما قد تظّنه قد فاتك منها،فمتاع الدُّنيا قليل والآخرة خيرٌ وأبقى: (وَلاَ تَهِنُوا و لا تحزنوا وأنتم الأَعْلَوْن َ إن كُنْتُمْ مُؤْمِنين..) (3) فاجتهِدوا وأدْلِجُوا (وسَارِعوا إلى مغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ و جنَّةٍ عَرْضُها السَّمَواتُ والأرضُ أعِدَّت للمتّقِينَ) (4)
أخبر أبو ذر الغفاري رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه و سلّم بأربع كلمات هُنَّ إليّ أحبّ ُ من الدّنيا و ما فيها، قال لي يا أبا ذرٍّ: (أحْكمِ السّفينةَ فإنَّ البحر عميق، وآسْتَكثِرِ الزَّاد فإنّ السّفّرَ طَوِيلٌ، و حفِّفْ ظهْرَكَ فإنَّ العَقَبَة َ كؤُودٌ، وأخلِصِ العملَ فإنَّ النَّاقِدَ بَصيرٌ ) رواه الإمام المقدسي.
الثلاثاء17مارس2010
مصطفى ونيسي/ باريس
1) رواه الإمام البخاري
2) سورة الطلاق/ اية13
3) سورة آل عمران/آية 139
4) سورة آل عمران /آية 133
 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.

jeudi 1 mai 2014

السّيد رياض الشعيبي مؤسس حزب البناء الوطني في حوار مع المجلة الألكترونية الصحوة التونسية


يبي لـ«الصحوة»: الشيخ راشد الغنوشي أخطأ وأخشى من توظيف حكومة جمعة للملف الاقتصادي

546824_4565045657485_1200772048_n
العلاقة بالنظام السابق هي القطرة التي أفاضت الكأس ولكنها ليست القضية الوحيدة
مجريات العملية السياسية تدفع باتجاه الالتقاء والتشارك بين حركة النهضة وبقايا النظام السابق
إدماج المنظومة القديمة لن يؤدي إلا إلى إفشال عملية الانتقال الديمقراطي
الأصلح للحركات الإسلامية أن لا تعيق عمليات التطور الذاتي داخلها
أخشى أن توظف حكومة جمعة الملف الاقتصادي لإطالة أمد بقائها في الحكم

تحدث رياض الشعيبي المنشق مؤخرا عن حركة النهضة وأمين عام حزب “البناء الوطني” المؤسس حديثا عما اعتبرها أخطاء قامت بها حركة النهضة، معتبرا أن حزبه الجديد ليس تراجعا عن مبادئ الحركة الإسلامية إنما هو تطور طبيعي لمختلف الحركات الإسلامية التي لا بد أن تنتقل إلى مرحلة الأحزاب الوطنية، كما حذر الشعيبي من توظيف حكومة جمعة للملف الاقتصادي قصد إطالة أمد بقائها في الحكم. وفيما يلي نص الحوار:   

ما هي آخر مستجدات حزبكم حديث النشأة؟
كنا قد تقدمنا بمطلب ترخيص قانوني لنشاط الحزب بتاريخ 25 فيفري 2014، ووصل هذا المطلب للوزارة الأولى يوم 28 فيفري، وقد ضم هذا المطلب جميع الشروط القانونية المطلوبة لتنظيم حزب سياسي، لكن ما راعنا إلا أن اتصلت بنا الوزارة الأولى بعد حوالي شهر وأعلمتنا بأن هناك وثائق ناقصة في المطلب ولما اتصلنا بالمصالح المعنية أعلمونا بوجود اجراءات ووثائق إضافية خارج قانون الأحزاب لا بد من الاستظهار بها تتمثل في ضرورة الاستظهار ببطاقات حسن السيرة لكل أعضاء الحزب، فتحفظنا على هذا الاجراء واعتبرناه يضيق على حرية التنظم في تونس ويخالف قانون الأحزاب، لكن مع ذلك قبلنا به تسهيلا للاجراءات الإدارية وتسريعا لها وقمنا باستخراج بطاقات حسن السيرة لكل أعضاء الحزب وأضفناها للملف للحصول على التأشيرة يوم 28 أفريل وهو آخر أجل قانوني كي تستجيب الوزارة الأولى للطلب ونرجو أن يكون هذا الاجراء الذي تم عن حسن نية وليس عن نية مبيتة لتعطيلنا عن حقنا القانوني في النشاط والتنظم.
كيف كانت ردات الفعل داخل حركة النهضة على الخطوات التي قمتم بها مؤخرا(أي الاستقالة من الحركة وتأسيس حزب جديد)؟ 
استقالتنا من حركة النهضة كانت بناء على قراءة تقييمية للأداء السياسي للحركة ومسؤوليتها في المرحلة السابقة عن إدارة البلاد، وقد عبرت عن هذا الموقف منذ كنت في الحركة من خلال مجموعة من المقالات التحليلية التي كنت أنشرها وأعبر فيها بشكل غير رسمي عن مواقف متحفظة ومعارضة لتوجهات وخيارات سياسية سلكتها حركة النهضة، ولما تبين لي عدم إمكانية التأثير في هذه الخيارات السياسية من داخل الحركة خيرت الاستقالة والاتصال بمجموعة من المناضلين السياسيين في الساحة من أجل تأسيس تجربة سياسية جديدة مما أنتج حزب “البناء الوطني” الذي تشكلت هيئته السياسية وتقدمنا بناء على ذلك بمطلب ترخيص وانتخبنا مكتبا سياسيا وأمينا عاما للحزب الذي يستعد الآن لتركيز مكاتبه الجهوية. وقد كانت ردات الفعل داخل حركة النهضة تتراوح بين الأسف ورفض القرار، ففي حركة النهضة لي كثير من الأصدقاء جمعتني بهم سنوات من النضال داخل الحركة وهذه الصداقة لا يمكن أن تتأثر بمثل هذه المواقف السياسية، وقد أصر هؤلاء الأصدقاء على بقائي في حركة النهضة لكن لما تبين لهم عدم القدرة على التأثير في القرار الذي اتخذته لم يعد أمامهم إلا القبول به. وفي حزبنا الآن سنتعامل مع حركة النهضة ومع غيرها من الأحزاب بناء على ما نقدره من مصلحة وطنية، والتقاؤنا مع حركة النهضة أو مع غيرها سيكون بناء على هذا التقدير فقط لا من جهة توتر من تجربة ماضية ولا من جهة ارتباط نفسي بتجربة مكثتُ فيها أكثر من ثلاثين سنة، وستكون مواقفنا متحررة.
قيل الكثير عن أسباب استقالتك من حركة النهضة، لكن أليس أهم هذه الأسباب هو تعامل “النهضة” مع رموز النظام السابق إذ أن من المبادئ التي أعلن عنها حزبكم الجديد عدم التحالف مع رموز النظام السابق فضلا عن موقفك من الحوار الوطني الذي اعتبرته انقلابا لم تستفد منه إلا المنظومة السابقة؟
الموقف من بقايا النظام السابق كان قمة جبل الجليد الطافية فوق الماء وهو القادح الذي أدى إلى الاستقالة، لكن تباعدي مع حركة النهضة في مستوى الخيارات السياسية كان منذ الأيام الأولى للثورة فيما يخص الكثير من المواضيع سواء فيما يتعلق بالموقف من اعتصام القصبة الأول أو اعتصام القصبة الثاني أو الموقف من حكومة الباجي قائد السبسي والهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة ثم التمشيات السياسية للحركة والقانون الانتخابي وغيرها من القضايا المتتالية التي اتخذت فيها حركة النهضة خيارات لم تكن مستساغة لي ورأيت فيها انزياحا عما أعتقده من صواب، فقضية العلاقة بالنظام السابق هي القطرة التي أفاضت الكأس ولكنها ليست القضية الوحيدة التي تفرقني عن حركة النهضة على أهميتها بالنسبة لي. وقد نشرت في سنة 2013 مساهمة في التقرير الاستراتيجي العربي فيها دراسة تحليلية بعد سنة من تجربة الترويكا في الحكم قدمت فيها قراءة نقدية لتجربة الترويكا في الحكم وعددت الأشياء التي رأيتها خاطئة في هذه التجربة وكان لي تقييم سلبي من هذه التجربة، وبالتالي فموقفي كان مبنيا على قراءة كاملة لمرحلة ولأداء سياسي كامل خلالها.
هل هناك صفقة سياسية بين حركة النهضة ورموز النظام السابق؟
إن مجريات العملية السياسية تدفع في النهاية في اتجاه الالتقاء والتشارك بين حركة النهضة وبقايا النظام السابق لأن توجه بعض القوى السياسية في الساحة للتنازل فيما يتعلق بالتعامل مع بقايا المنظومة القديمة قد يدفع إلى التقاء في مرحلة ما بين هذه القوى السياسية وبقايا النظام السابق، حتى أصبح هناك ترويج لمقالات سياسية تعتبر أن نجاح الانتخابات القادمة لا يمكن أن يحصل إلا بإدماج المنظومة القديمة في حين أعتقد أن نجاح الانتخابات لا يمكن أن يكون على حساب مطالب الثورة وأهدافها وعملية الانتقال الديمقراطي، ويمكن أن تعيد الانتخابات الاستبداد والفساد للبلاد بسبب انتهازية بعض الأحزاب بما يحقق لها المزيد من الاصوات بعيدا عن الهدف الاستراتيجي للثورة التونسية المتمثل في ارساء الديمقراطية وتثبيتها. فعودة المنظومة القديمة من خلال الانتخابات يعني خسارتنا للانتقال الديمقراطي الذي لا يمكن أن ينجح إلا بإفراز طبقة سياسية جديدة تكون قادرة على فتح أفق مستقبلي للتونسيين والاستجابة لانتظاراتهم أما إعادة إدماج المنظومة القديمة فلن يؤدي إلا إلى إفشال عملية الانتقال الديمقراطي.
على ذكر رموز النظام السابق، ما موقفكم من الأحكام التي صدرت في كبرى قضايا شهداء الثورة وجرحاها؟
المحاكمات العسكرية التي حصلت كانت ضربة موجعة للنفس الثوري ولروح الثورة في تونس، فبعد ثلاث سنوات من الثورة تم تبرئة – تقريبا- كل رموز النظام السابق من الأحداث التي حصلت أثناء الثورة وقبلها، ولا اريد أن أتوقف عند المحاكمات العسكرية إذ شهدنا قبل ذلك سلسلة من عمليات إطلاق سراح كثير من رموز النظام السابق من وزراء داخلية ورئيس برلمان… وفي نهاية المطاف تسير بعض القوى في الدفع باتجاه تبرئة النظام السابق واتهام الشعب التونسي الذي يمكن أن تتحول ثورته إلى إدانة له، لكن اقول إن معركتنا مازالت مستمرة مع قوى الجذب إلى الوراء.
تريد اليوم أن تخوض تجربة سياسية خارج حركة النهضة، والشيخ راشد الغنوشي قال إنه لا مستقبل لمن يخرج عن حركة النهضة في الوضع الحالي. ما تعليقك؟ 
كنت أفضل أن ينأ الشيخ راشد الغنوشي بنفسه عن هذا الحديث، وبما أنه أخطأ فلن أسترسل معه في هذا الخطأ.
ممن يتكون حزبكم؟  
أولا إن القوة الرئيسية الموجودة داخل حزبنا هي الشباب وهدفنا من خلال ذلك هو تجديد الطبقة السياسية في البلاد تكون قادرة على قيادة البلاد في المستقبل إذ أن ما نلاحظه اليوم هو تهرم الطبقة السياسية ما يجعلنا نقلق على مستقبل العمل السياسي في تونس. ويتكون هذا الحزب من ثلاث مجموعات وهي؛ مجموعة المستقيلين من حركة النهضة أو الذين خاضوا تجربة سياسية في مرحلة من حياتهم داخل الحركة الإسلامية بشكل عام وانقطعوا منذ مدة بسبب تحفظات ومواقف وقراءات نقدية لأداء الحركة الإسلامية ومواقفها وخياراتها، وهؤلاء اجتمعوا على رؤية تقييمية لأداء الحركة الإسلامية وخرجوا بخلاصات تم تضمينها في مشروع حزب “البناء الوطني”، وهناك مجموعة من الاشخاص الذين نشطوا في أحزاب سياسية أخرى من توجهات مختلفة وهم أيضا قاموا بقراءات في النقد الذاتي أكدوا فيها على الحاجة إلى التحرر من القيد الإيديولوجي الذي يكبل الإنسان عن حقيقة الفعل في الواقع وعن رؤية الواقع كما هو والعمل على النهوض به، أما المجموعة الثالثة التي تمثل الغالبية في الحزب فتتكون من الشباب الذي لم تكن له تجربة سياسية سابقة وهو متحمس للعمل السياسي ويريد أن يساهم من خلال هذا الحزب لإنجاح التجربة والوصول بها إلى تحقيق أهدافها.
يستغرب البعض أن يكون رياض الشعيبي أمينا عاما لحزب وسطي اجتماعي وهو الذي تربى في الحركة الإسلامية طيلة ثلاثين سنة، ما رأيك؟
المفترض أن التطور الطبيعي للحركات الإسلامية إذا أرادت أن توفر شروط استمراريتها في الواقع وقدرتها على الاستقطاب والتأثير وصياغة البرامج التي يمكن أن تقدم بها حلولا للناس، أن تنتقل إلى مرحلة الأحزاب الوطنية، وما أسسناه اليوم يكون هو التطور الطبيعي لمختلف الحركات الاسلامية الموجودة في الساحة لان ما تدافع عنه الحركات الاسلامية من منطلق الهوية ومن منطلق طابعها الاحيائي للقيم الإسلامية يمكن ان يتجسم في اطار وطني باعتبار ان الاسلام هو مقوم اساسي من مقومات المجتمع الذي نعيش فيه، لذلك لا نعتبر أنفسنا تراجعنا عن المبادئ التي كنا نؤمن بها في إطار الشكل التقليدي للحركة الإسلامية، فما نشتغل عليه الآن هو التطور الطبيعي للمبادئ الإسلامية في حين توجد عوائق عديدة موجودة داخل الحركات الاسلامية تمنع تطور هذه الحركات في هذا الاتجاه وأرى أن الأنسب والأصلح لهذه الشعوب وهذه الأوطان وللحركات الاسلامية ايضا أن لا تعيق عمليات التطور الذاتي التي يمكن ان تحصل داخلها في اتجاه ان تتحول إلى أحزاب وطنية.
ما موقفكم من حكومة المهدي جمعة؟
حكومة جمعة هي حكومة ضعيفة جدا سياسيا بسبب عدم توفر الغطاء السياسي لها ومن الأفضل أن تركز على المساهمة في إنجاح العملية الانتخابية والتسريع بها عوضا عن أن تفتح ملفات عويصة لم  تستطع الحكومات السابقة حلها، ولا أعتقد أن هذه الحكومة بتركيبتها الحالية وبالظرفية السياسية التي تمر بها البلاد قادرة على حل هذه الملفات، وأنا أتخوف من فتح بعض الملفات خاصة الاقتصادية والاجتماعية التي تنوي هذه الحكومة التوقف عندها، أتخوف من أن يكون هذا الأمر سببا ومطية لإطالة عمر هذه الحكومة أكثر مما هو متوقع لها.
لكن حكومة جمعة تتحدث اليوم عن وضع اقتصادي صعب لا يمكن تأجيل النظر فيه؟        
فيما هو متوفر عندي من معطيات فإن التصريحات التي جاءت على لسان رئيس الحكومة أو المستشار الاقتصادي لرئاسة الحكومة كلها تصريحات مبالغ فيها لخلق أجواء اعلامية وشعبية مهيأة للقبول باجراءات اجتماعية واقتصادية متوقع لها أن تكون مرفوضة شعبيا من ذلك رفع الدعم او اتخاذ اجراءات اقتصادية موجعة ستكون كلفتها الاجتماعية كبيرة، فالوضعية الاقتصادية في تونس رغم صعوبتها ليست بالصورة التي تبرزها الحكومة الحالية وأخشى أن يتم توظيف الملف الاقتصادي لغايات سياسية متعلقة بالفترة التي ستستمر فيها هذه الحكومة في المستقبل.
ما موقفك من السماح بدخول سياح إسرائليين إلى تونس؟
هذا شكل من اشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني ونحن نرفض كل أشكال التطبيع مهما كانت مبرراتها إذ “تجوع الحرة ولا تأكل من ثدييها”.
ما موقفكم من استمرار قطع العلاقات مع سوريا؟
أصبح الملف السوري معقدا وتدخلت فيه عدة أطراف خارجية وصارت سوريا محل صراع إقليمي بين دول كبيرة تجاوزت مصلحة الشعب السوري. فالمشكل السوري هو مشكل إقليمي ولم يعد مشكلا قطريا، لذلك لا بد أن نتوقف ونتثبت جيدا في تعاطينا مع هذا الموضوع حتى تكون مواقفنا مبنية على ما نقدره من مصالح الشعب السوري.
حاوره: رياض الرّهيف