Articles les plus consultés

lundi 14 juillet 2014

كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته

 
             كلّكم مسؤول و كلّكم مسؤول عن رعيّته
   داء المجتمعات اليوم، ليس في ظلم السّاسة فقط، فكيف ما تكونوا يولّى عليكم.
كلّ في مربّعه الصّغير، وهو يتحمّل الأمانة الّتي بعهدته، لا يسعى إلى القسط في أدائها ـ إلّا من رحم ربّي ـ .. الدّنيا أخذت الجميع و ملأت القلوب.. فطغت و ظلمت، ثمّ حاولت هذه القلوب تبرير ظلمها باتّهام المظلوم، و سخّرت كلّ من له مصلحة آنيّة تربطه بها ليكون سندا لها في هذا الأتّهام،  من أمثلة المصلحة الآنيّة العمل في جمعيّة أو مؤسّسة أو الانتماء إلى حزب .. فارتبكت المقاييس.. و اختلّت .. و أصبح الظّالم مظلوما.. و المعتدي معتدى عليه .. و زيّن الشّيطان سوء العمل، فعميت البصائر.. و مضى الإنسان إلى أسفل و هو يحسب أنّه مصلح . قال تعالى: " و إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنّما نحن مصلحون ألا إنّهم هم المفسدون و لكن لا يشعرون". سورة البقرة آية11ـ12
أكتفي بسرد قصّة قصيرة لا تزيد على أن تكون قطرة من فيض، تصوّر عموم السّقوط الأخلاقي و الانحراف عن العدل و هيمنة الدّنيا على القلوب.. هذه الهيمنة الّتي أفقدتنا مفهوم العدل.. و جعلت الأكلة يتداعون على قصعتنا..!
أعرض عليك أيّها القارئ قصّة واقعيّة عاشتها مربّية هدفها في الحياة نشر تربية ترتفع بالإنسان إلى أعلى، علّها بذلك تساهم في رفع المجتمعات إلى الأخلاق النّبيلة فتُحكَمَ بساسة نبلاء يخافون اللّه في النّاس فيعدلون .. بعد تجربة ما يناهز العشرين سنة في ميدان التّربية و التّعليم ، انتهى بها المطاف إلى المشاركة في تأسيس مدرسة تاقت نفس هذه المربّية أن تكون نبراسا منيرا يصلح ما أفسدته الأيادي.. و ساق لها اللّه من يتحمّل الأمانة المادّيّة  و الإداريّة الّتي تكفل سير هذا المشروع .. و رحّبت بالمشاركة في هذا التّأسيس، شريطة أن يكون الجانب التّربويّ لهذه المؤسّسة تحت مسؤوليّتها لتضمن نجاح البعد التّربويّ الّذي تتوق إلى تحقيقه ، و لم تشترط شيئا مادّيّا  يذكر لنفسها.. غايتها الوحيدة أن تتوفّر لها أرضيّة تمكّنها من استخدام طاقاتها و طبيعة اختصاصها للمشاركة في إصلاح المجتمع و طلب مرضاة اللّه بهذا..
و اشتغلت،، وكوّنت الفريق العامل هناك، و سخّرت وقتها و صحّتها و كلّ إمكانيّاتها لإنجاح هذا العمل.. و بدأت تباشير النّجاح تُطِلّ .. و لم يعد للآخر حاجة له بها .. و بدأ الإخلال بالشّروط المتّفق عليها ابتداء.. و بالقوانين المعمول بها.
و وجدت هذه المربّية نفسها مخيّرة بين أمرين كلاهما مرّ: إمّا البقاء في المؤسّسة و الإذعان لما لا ترتضيه لنفسها من مبادئ و أهداف، و إمّا الخروج.. فآثرت ترك المؤسّسة.. و خرجت بخفّي حنين.. و خفّي حنين في هذا السّياق اقلّ ممّا يضمنه لها القانون، بل أكثر من ذلك، جاهدت و قاست الأمرّين لتفتكّ افتكاكا حقّها الّذي تطوّعت به طالما بقيت  مديرة تربويّة للمؤسّسة ألا وهو المنهج التّعليميّ الّذي أبدعته بعد حصيلة تجربة طويلة في الميدان التّربويّ.. فالإنسان حينما يطغى يريد أن يستولي على كلّ شيء حقّه و حقّ غيره !!
و ما المجتمع إلّا مؤسّسات و مشاريع متجمّعة في مكان واحد، يُديرُها أفراد.. فإن ضاعت القيم و الأخلاق في المؤسّسات، فكيف ستصان الدّولة!؟ و كيف سيحسن الأداء!؟
إنّما الأمم الأخلاق ما بقيت        فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ثمّ بعد خروجها من هذه المؤسّسة. رأت أن تسجّل حصيلة تجربتها التّعليميّة في منهج تعليميّ  فتفيد بها النّشء الجديد.. و بدأت المستويات المدرجة في المنهج تصدر الواحد تلو الآخر.. و عرض هذا المنهج في الكتبيّات و المكتبات، و عرض على الجمعيّات، رغبة في نشره و الإفادة به.. و عرض في هذا السّياق على المؤسّسة المذكورة أعلاه.. فرُفِض شراؤه.. و اسْتُخْدِم فيها عن طريق نسْخه .. بل سمحت المؤسّسة  بأن يُخْتَم بعضه بإمضاء بعض معلّميها ممّن ساهموا في التّدريس به سابقا. فهل يُعقَل مثل هذا العمل!؟  هل تسمح المروءة و الشّهامة بهذا!؟  و هل يسمح تحقيق العدل و الإنصاف بمثل هذه الأخلاق!؟.. هل المصلحة العامَة في تشجيع الإبداع أم في السّعي إلى الاتيان بشبهه و نسبته باطلا  إلى  غير صاحبه.. المهمّ عند مدير المؤسّسة أن يُنْسَب إبداع ما إلى مؤسّسته و عند من نُسِب إليه العمل أن يوجد إسمه  و يُنْشر و يُقال عنه أنّه مؤلّف و إن كان ذلك بالمسّ من حقّ الغير.!
من يسمح في مجتمعه الصّغير بمثل هذا التّصرّف، سيسمح بما هو أخطر من ذلك إذا تقلّد مفاتيح السّلطة و سياسة البلاد.
فما تعرّضت له هذه المربّية هو هدم لعمل بنّاء، ليس إلّا!! ..
قد لا يكون لهذه المربّية ، لا مؤسّسة و لا مال، و لكن لها رسالة سامية و  و نظافة أخلاق و علوّ همّة.. تعلو فوق كلّ مصلحة آنيّة ظرفيّة.. فمداومة كلّ فرد على الأخلاق الرّاقية و العضّ عليها بالنّواجد هو السّبيل إلى الرّشاد و العلوّ ومفتاح تقدّم المجتمعات و رقيّ الأمم .
باريس 14 جويلية 2014 الموافق لـ 15 رمضان 1435هـ
أ . نجيبة  بلحاج  ونيسي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire