Articles les plus consultés

jeudi 26 février 2015


     الوجيز في فقه القواعد الكلّية الشّرعيّة
               الجزء 2 مكانتها و موقعها من أصول التّشرع : 

و لئن كانت هذه القواعد ذات طبيعة أغلبيّة ، فإنّ ذلك لا يُنقص من قيمتها العلميّة و قوّة أثرها في اكتساب الملكة الفقهيّة. فهي فنّ علميّ عن طريقه استطاع الفقهاء أن يمسكوا بناصيّة الأحكام الشّرعيّة الكثيرة و المتعدّدة دون أن تتشتّت أذهانهم في استيعاب هذه الأخيرة . فالقواعد الفقهيّة في جوهرها هي تصوير بارع و تنوير رائع للمبادئ للمقرّرات الفهيّة العمليّة ، و كشف لافاقها و مسالكها النّظريّة، و ضبط محكم لفروع الأحكام العمليّة بضوابط تبيّن في كلّ زمرة من هذه الفروع وحدة المناط، وجهة الارتباط برابطة تجمعها و إن  اختلفت موضوعاتها و أبوابها. و لولا هذه القواعد لبقيت الأحكام فروعا مشتّة قد تتعارض ظواهرها دون وجود خيط رابط يجمع شتاتها ، و دون وجود أصول تجمع بين تلك العلل الجامعة . كما أنّها تعين على تبيّن أشهر الاتجاهات العامّة للتّشريع ، كما أنّها تمهدّ للطالب تبيّن طرق المقايسة و المجانسة . 
يقول الشيخ أحمد بن الشيخ محمّد الزرقاء : << و هذه القواعد مهمّة في الفقه، عطيمة النّفع ، وبقدر الأحاطة بها يعظم قدر الفقيه، و تتضح له مناهج القوى. و من أخذ بالفروع الجزئيّة دون القواعد الكليّة تناقضت عليه تلك الفروع و اضطربت، و احتاج إلى حفظ جزئيّات لا تتناهى. و من ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيّات لاندراجها في الكلّيات ن و تناسب عنده ما تضارب عند غيره . >> ( 16) . و هي تمتاز بإيجاز عباراتها مع عموم معناها و سعة استيعابها للمسائل الجزئيّة في جمل مفيدة متكونة من كلمتين أو بعض كلمات من ألفاظ العموم مثل قاعدة << العادة مُحكمة>> و << المشقّة تجلب التّيسير >> ... إلى غير ذلك من من القواعد . و هي من جوامع الكلم التي تندرج تحتها ما لا يُحصى من المسائل الفقهيّة المختلفة . يقول الغمام القرافي << .... كما أنّ دراسة القواعد و الإلمام بها تُكسب الباحث ملكة المقارنة بين المذاهب المختلفة و تُوضح له وجها من وجوه الاختلاف و أسبابه بين المذاهب . كما أنّ دراسة القواعد الفقهيّة و إبرازها تُظهر مدى مرونة الفقه الاسلامي للأحكام الفقهيّة و النوازل المستحدثة . >> (17) 
فهذه القواعد الكلّية تمثل بالنسبة للعلماء و أهل الفتوى الأصل الثاني بعد أصول الفقه لاستنباط الأحكام الفقهيّة و تأطير عمليّة الاجتهاد الفقهي العام الّذي يتصف بالمرونة ومواكبة احتياجات العصر و مطالبه الاجتماعيّة والسّياسيّةوالدّينيّة . 
باريس 26فيفري 2015
مصطفى عبدالله الونيسي 
16) الموافقات : الشّاطبي 
17) القرافي : الفروق 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire